لم يكن أشدّ المتشائمين يتصوّر أن منتخبنا الوطني للكرة الطائرة سيظهر بذلك الوجه الهزيل والشاحب وبذلك المستوى الرديء في بطولة افريقيا بمدينة «تطوان» المغربية. انه اخفاق تاريخي بكل ما في الكلمة من معنى. فلا يعقل أبدا ان يفشل المنتخب الوطني حتى في بلوغ نصف نهائي بطولة افريقيا. أيها السادة، المنتخب الوطني للكرة الطائرة لن يكون حتى ضمن الاربعة الاوائل في بطولة افريقيا. «الشروق» كانت قد أكدت ان المنتخب لا يمكن ان يقبل بأقل من الوصول الى الدور النهائي. أسوأ مرتبة يمكن ا ن نقبلها على مضض في بطولة افريقيا هي المرتبة الثانية. وها أننا نفشل حتى في الوصول الى نصف النهائي. وللذين لا يعرفون تاريخ الكرة الطائرة التونسية وصولات وجولات المنتخب التونسي نقول إن ما حصل هو الكارثة بعينها وهي ضربة قوية للكرة الطائرة التونسية وها ان الجميع يستفيقون على حلم تعيس. فشل ذريع وأهداف لم تنجز المدير الفني للجامعة التونسية للكرة الطائرة كمال رقية قال لنا قبل البطولة الافريقية ان طموح المنتخب التونسي هو الحصول على إحدى المراتب الثلاث الاولى. وكنا علّقنا على قوله بأن الطموح يجب ان يكون في أدنى الأحوال الترشح لكن ها أننا لم نصل الى النهائي وفشل تخطيط الجامعة ولم نستطع الحصول على احدى المراتب الثلاث الاولى بل كنا خارج المربع الذهبي. قولوا لنا بصراحة هل يمكن ان يكون ترتيب منتخبنا بعد الاربعة الاوائل؟ هل يمكن ان يلعب المنتخب في البطولة الافريقية من اجل المرتبة الخامسة؟ حكاية مدرب وأشياء أخرى لسنا من الجماعة الذين يستلّون السكاكين عندما تسقط البقرة. ولكن تذكّروا ما قلناه وما كتبناه إثر ترشح المنتخب الى بطولة العالم بعد الدورة التأهيلية في تونس. قلنا ان منتخبنا كاد يعيش كارثة حقيقية حين أشرف على الانهزام أمام المنتخب الكيني اي انه كان منهزما بشوطين لصفر وكاد يخسر بثلاثة لصفر لولا ألطاف الله وانهيار الكيني فكان فوز المنتخب بثلاثة اشواط لشوطين امام منتخب كيني ضعيف جدا. وحتى الفوز على المنتخب الجزائري لم يكن مقنعا. قد يقول البعض لتخفيف وطأة الخيبة المذلة ان هذه البطولة الافريقية غير ترشيحية لبطولة العالم او للألعاب الاولمبية. وهذا من باب ذرّ الرماد على العيون. فللبطولة الافريقية قيمتها الخاصة ولا يمكن لأسياد القارة الافريقية ان ينزلوا الى ذلك المستوى الضحل. المستوى الذي قدّمه منتخبنا أمام مصر وخصوصا امام الجزائر كان ضعيفا جدا على المستوى الجماعي وعلى المستوى الفردي. هل يعقل ان ينزل كل اللاعبين بذلك المستوى. حسني القرامصلي قائد المنتخب كان شبحا للاعب الذي نعرفه. ومروان القارسي كاد يكون غائبا تماما خصوصا امام الجزائر.. وخالد بلعيد لم يقدّم الدعم المطلوب في مثل هذا المستوى خصوصا أمام الجزائر. وكان مردود سيف المجيد دون المأمول. لم يبرز اي لاعب. فمن يتحمل مسؤولية هذا الانهيار الجماعي أين هو دور المدرب؟ وأين نتائج التربصات الطويلة والدورات الدولية؟ هل ان نتيجة عمل هذا المدرب ومساعده هو هذا المستوى الرديء. ضربات ارسال ضائعة. عمليات استقبال فاشلة جدا حائط صد غائب عن الوجود. ومهاجمون بمستوى ضعيف جدا. عندما تنهزم امام الجزائر بثلاثة لصفر يجب ان يدق ناقوس الخطر. لقد قلنا منذ أسابيع عديدة انه يجب محاسبة «بازيتش» اثر بطولة افريقيا ولا قبلها. وها ان بازيتش فشل فشلا ذريعا وأخفق اخفاقا لا مثيل له ولو انه بطبيعة الحال لا يحمل لوحده مسؤولية الاخفاق. «طائرة» لا تقدر على الاقلاع مستوى الكرة الطائرة التونسية انهار بشكل كبير جدا على مستوى البلاد بكاملها... والنوادي تتحمّل قسطا كبيرا من المسؤولية والعمل في أغلبها رديء جدا ولا يمكن ان نصل به الى العالمية. وهذا احد اسباب فشل المنتخب لكنه لا يفسّر كل هذه الرداءة في مردود المنتخب. فالمردود كان ضعيفا الى درجة فاقت حدود التصوّر.. والأبجديات الفنية كانت غائبة. وهكذا رفضت طائرتنا ان تقلع. «بازيتش» سيرحل ولكن! المدرب بازيتش ومساعده عاطف الوكيل سيرحلان . هذا مؤكد خصوصا وأن رئيس الجامعة نفسه رافض لمبدإ تواجده منذ فترة لأسباب عديدة. لكن هل ان رحيله يكفي لوحده لإعادة الروح للطائرة التونسية؟ لابدّ من إعادة قراءة الوضع جيدا والتخطيط لنهضة الطائرة واقلاعها.. والتخطيط ليس فنيا فقط لأن عمل الادارة الفنية على مستوى منتخبات الشبان أكثر من ممتاز والنتائج تؤكد ذلك. لكن يجب ان يتوفر الوعي الكافي لدى أصحاب القرار بالتخلي عن الاساليب البالية في التعامل مع منتخب الأكابر الذي اختلفت المواقف حوله فنيا وإداريا داخل أعلى هرم الجامعة ذاتها. هي ضربة موجعة تلقّتها الكرة الطائرة التونسية فهل ستؤدي لاستفاقة حاسمة أم يتواصل النوم في العسل والضرب تحت الحزام؟ ونحن نختم بسؤال: إذا فزنا بصعوبة على كينيا في تونس وانهزمنا بثلاثة لصفر امام الجزائر في المغرب كيف يمكن ان نظهر امام البرازيل وروسيا وإيطاليا في بطولة العالم؟