إذا كانت تونس والسعودية ترتبطان بعلاقات سياسية متجذرة ووطيدة تستمد قوتها أساسا من متانة العلاقات الأخوية بين الرئيس زين العابدين بن علي وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فان انعكاساتها الاقتصادية على الميدان ورغم ما تشهده من تطور تدريجي لم ترتق إلى المستوى المأمول خاصة وأن الأرضية متوفرة والإرادة موجودة ولا يغيب غير الإيمان القوي بمردودية مثل هذا التعاون وأدائه العالي المرتقب وتكثيف اللقاءات والحوار بين البلدين ومزيد التعريف واستكشاف فرص الأعمال المتوفرة مثلما يدعو اليه دوما الرئيس زين العابدين بن علي في كل المناسبات لتحقيق أهداف التنمية. واذا كان صحيحا ان العلاقات التونسية السعودية ظلت اقل من المؤمل فان ذلك يظهر من خلال ضعف نسق الاستثمارات السعودية بتونس رغم ان المملكة كانت من اكبر البلدان المستثمرة في تونس اضافة الى ان استثمارات في الخارج واساسا في البلدان العربية ما انفكت تتطور بنسق مرتفع وخاصة قبل الازمة الاقتصادية العالمية وبعد طفرة ارتفاع أسعار البترول في السنوات القليلة الماضية. المسؤولون الرسميون السعوديون يشددون في تصريحاتهم الصحفية على ان تونس وجهة استثمارية محبذة للجهات السعودية نظرا للمناخ الاستثماري الممتاز ونعمة الاستقرار السياسي والاجتماعي واكتمال البنية التحتية ووجود برامج اصلاح اقتصادي واعدة وقانون استثماري موحد مثلما اكده السفير السعودي الجديد بتونس معالي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز بن معمر لإحدى المجلات التونسية ووعده بتطوير ودعم الاستثمارات السعودية بتونس مستقبلا. وما يقال عن استقرار الاستثمارات السعودية بتونس يقال أيضا عن التدفق السياحي السعودي على بلادنا الذي ظل محدودا رغم توفر المنتوج الملائم ورغم توفر الربط الجوي اليومي ورغم ان ملايين السعوديين يقضون عطلهم سنويا بالخارج وأساسا في البلدان العربية مثل مصر والمغرب. واذا كان معلوما ان ارادة تطوير العلاقات الاقتصادية والارتقاء بها متوفرة على الاقل على المستوى السياسي والرسمي, فان المطلوب اليوم تثمين هذا التوجه وتفعيله في خلق هيكل متابعة وتنسيق يجتمع دوريا لاقتناص ودراسة فرص الاستثمار والتعاون الاقتصادي لتجسيمها في مشاريع تعود بالفائدة والمردودية على الطرفين. وتبقى جمعية الاخوة التونسية السعودية اطارا فعالا ودافعا للتنمية بين البلدين رغم ان اجتماعاتها ولقاءاتها ظلت اقل من المنتظر لاسباب خارجة عن نطاقها وهي قادرة اليوم بل عازمة على الزيادة في نسق اجتماعاتها برئاسة السفير السابق الاستاذ عمر البجاوي الذي عرف عنه حرصه على تطوير العلاقات بين البلدين وحماسه لذلك كما ان مجلس الاعمال المشترك التونسي السعودي مطالب بالنشاط بسرعة اكبر وبفعالية احسن لمزيد خلق فرص التقاء رجال الاعمال والمستثمرين بين البلدين لدراسة المشاريع المشتركة وفي هذا الصدد وبمناسبة الاحتفالات بالعيد الوطني للمملكة العربية السعودية نظمت جمعية الاخوة التونسية السعودية حفلا بهيجا ترأسه معالي الأستاذ عبد السلام منصور وزير الفلاحة والموارد المائية وبحضور معالي السفير خادم الحرمين الشريفين بتونس عبد الله بن عبد العزيز بن معمر الذي كان بدوره وزيرا للزراعة في المملكة قبل التحاقه بالحقل الديبلوماسي, ورغم ان الجلسة الاخيرة كانت قصيرة واقتصرت التدخلات فيها على القطاع الفلاحي والزراعي فان الكثيرين على هامشها توقعوا ان تشهد العلاقات التونسية السعودية دفعا قويا في الأشهر القادمة نظرا لحيوية السفير الجديد وحرصه الدائم على التطوير والارتقاء بمستوى التعاون الثنائي. ان السعودية تبقى طرفا مهما وجب مزيد العناية والانفتاح عليه وتكثيف التعاون الاقتصادي معه والتوفق الى وضع صيغة تنشيطه لتثمين العلاقات السياسية والانطلاق منها الى آفاق أرحب.