إذا كانت تونس والسعودية ترتبطان بعلاقات سياسية متجذرة ووطيدة تستمد قوتها أساسا من متانة العلاقات الأخوية بين الرئيس زين العابدين بن علي وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فإن انعكاساتها الاقتصادية على الميدان ورغم ما تشهده من تطور تدريجي، لم ترتق الى مستوى المأمول خاصة وأن الأرضية متوفرة والارادة موجودة ولا يغيب غير الايمان القوي بمردودية مثل هذا التعاون وأدائه العالي المرتقب وتكثيف اللقاءات والحوارات بين البلدين ومزيد التعريف واستكشاف فرص الأعمال المتوفرة مثلما يدعو إليه دوما الرئيس زين العابدين بن علي في كل المناسبات لتحقيق أهداف التنمية. فحجم المبادلات التجارية والاستثمارات وحركة السياحة والسفر بين البلدين أقل بكثير من الانتظارات والامكانات والتقصير محمول على كل الأطراف، لكن التدارك ممكن، بل ومطلوب خاصة وأن السوق السعودية واعدة ويمكن الاستفادة منها على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال. فعلى الصعيد السياحي مازال التدفق ضعيفا جدا رغم تحسن الربط الجوي المنتظم وتوفر شركات «الشارتر» في البلدين المنتظرة للعروض من وكالات السفر. وقد تكون الأطراف المعنية بالسياحة في تونس مقصرة في مجال نشاطها الترويجي في المملكة وتقديم العروض المغرية خاصة بعد توفر المنتوج الملائم لسياحة الشباب والعائلات والعرسان الجدد، وللإشارة فقد آغلقت مكتبها السياحي في جدة بعد فترة وجيزة من فتحه. فمن غير المعقول أن تستقبل مصر سنويا 400 ألف سائح سعودي في حين لا يتجاوز عددهم في تونس غير بعض الآلاف. والمطلوب اليوم تكثيف الحملات الترويجية في مختلف مدن المملكة وتيسير اجراءات دخول السياح السعوديين الى بلادنا وخلق وكالات سفر مختصة في هذه السوق والسوق الخليجية عموما التي مازال حضورها ضعيفا جدا في بلادنا خاصة وأن المقدرة الانفاقية لهؤلاء السياح مرتفعة وخاصة خارج فضاءات الاقامة وهو ما سيساهم في انعاش قطاعات وخدمات أخرى مرتبطة بالسياحة. كما تبدو السوق السعودية سوقا استهلاكية كبيرة وقادرة على استيعاب عديد المنتوجات التونسية الغدائية والصناعية وغيرها شريطة التوفق في اقتحام مسالك توزيعها والتعريف بهذه المنتوجات سواء بصفة مباشرة ومستمرة أو من خلال المعارض وفضاءات العرض الكبرى على غرار ما تم في دبي خاصة وأن السعودية يمكن أن تكون منطلقا لترويج بضائعنا والتعريف بها لأسواق أخرى في الشرق الأوسط وآسيا وبقية العالم. وتبدو هياكل استقطاب الاستثمار مقصرة في جذب كبار المستثمرين ورؤوس الأموال السعوديين الى تونس والتعريف بمناخ وفرص الأعمال والتشجيعات المتوفرة بتونس اضافة الى الامكانيات الكبيرة التي تتيحها لغزو أسواق المغرب العربي وافريقيا وأوروبا. ولا شك أن مجلس الأعمال التونسي السعودي وجمعية الاخوة التونسية السعودية مطالبان بمضاعفة الجهود واللقاءات ووضع أهداف وخطط تنفيذية واضحة تحقق التكامل والاستفادة للبلدين على غرار ما حققته تونس مع بعض البلدان الأخرى ومع عديد الفضاءات الاقتصادية الكبرى.