كانت مجريات الانتخابات الرئاسية والتشريعيّة الراهنة حاضرة في الخطاب الرئاسي في افتتاح الحملة الدعائيّة، إذ عبّر الرئيس عن أنّ الانتخابات عنوان نضج وحضارة، وهي مظهر من مظاهر سيادة الشعب، كما أنّها التعبير الراقي عن السلوك الديمقراطي وعن الوعي بواجبات المواطن وحقوقه. وجدّد السيّد الرئيس بالمناسبة سعيهُ إلى أن تجري مختلف مراحل السباق الانتخابي إلى يوم الاقتراع في ظلّ توفّر كل ضمانات الشفافية والنزاهة، وإلى جانب إفادة سيادته بأنّ الفرصة مُتاحة لمن يرغب في متابعة الانتخابات الحالية من البلدان الشقيقة والصديقة ومواكبة سير مختلف مراحلها بكامل الحرية ووفق ما تسمحُ به مقتضيات القوانين الانتخابيّة المحليّة القائمة، ذكّر السيّد الرئيس ببعث المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات الرئاسية والتشريعيّة 2009، هذا المرصد الّذي جاء بمبادرة رئاسيّة والّذي يضمّ في تركيبته شخصيات معروفة بكفاءتها ونزاهتها واستقلاليتها أكّد أنّه هيكل قادر على التفاعل الإيجابي مع كلّ أطراف العمليّة الانتخابيّة بعيدا عن كلّ الاعتبارات والآراء المسبقة أو المُسقطة. وبالمتابعة والتقييم أمكن للمرصد الوطني للانتخابات هذه السنة من فعل الكثير وتمكّن من تحقيق حالة انفتاح غير مسبوقة على كلّ مكوّنات المشهد الانتخابي من أحزاب وقائمات مستقلّة إلى جانب تواصله الدائم مع السلطتين التنفيذيّة والقضائيّة بما يخدم المسار الانتخابي ويقلّص من هوامش التجاوزات والسلبيات، هذا دون نسيان انفتاح المرصد على السلك الدبلوماسي الأجنبي المعتمد في تونس وخاصة منه الأوروبي الّذي يرى نفسهُ معنيّا من حيث تطلّعه إلى رؤية مشهد انتخابي متطوّر في تونس، هذا البلد الشريك والصديق، دون إغفال السفراء العرب الذين يحضرون اليوم الى مقر المرصد للاطلاع على مهامه وطرق عمله. لم يكن المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات في فكر وقرار رئيس الدولة إلاّ أداة ووسيلة وآلية للانتقال بالممارسة الانتخابيّة نحو الأفضل والتقدّم بها خطوات جديدة على درب التحضّر وإلغاء كلّ مظاهر التنافس غير النزيه أو انعدام التكافؤ في الفرص بين مختلف المترشحين، وذلك دور محوري تحوّل معهُ المرصد بمناسبة هذه الانتخابات ليكون عصبا مركزيّا لها، فأنشطة المرصد وبلاغاته وتدخلاته وتصريحات رئيسه الأستاذ عبد الوهاب الباهي يُمكن أن تُعطيك لوحدها صورة عمّا يدورُ في خفايا وعلن العملية الانتخابيّة الراهنة، وتلك كانت رغبة السيّد الرئيس وذلك كان تطلّعُهُ في أن يكون المجتمع المدني طرفا في هذه المنافسة الانتخابيّة: طرفا يُراقب ويرصُد ويتدخّل وهو كذلك مرصد يستشرفُ لمشهد انتخابي أفضل وأحسن خلال السنوات المقبلة. فمهام المرصد من ثمّ وفي جوهرها تُساير البرنامج المستقبلي للرئيس زين العابدين بن علي من حيث الاستعداد للمواعيد القادمة ومنها المواعيد الانتخابيّة والّتي منها ما هو على الأبواب (الانتخابات البلديّة بداية سنة 2010)، إذ من المؤكّد أن أعمال المرصد الحالية والّتي ستُرفعُ بخصوصها ملخصات لرئاسة الجمهوريّة ستنتهي لا فقط إلى تشخيص المعطى الانتخابي الراهن بل ستُقدّم تصوّرات ومقترحات للمستقبل وهو المهم في اعتقاد العديد من المتابعين، وكانت مصادر مقرّبة من المرصد أشارت إلى أنّه ، أي المرصد، سعى من خلال مختلف تحركاته إلى الاستماع إلى آراء الأحزاب السياسية بخصوص مستقبل المشهد الانتخابي وسبل الارتقاء به نحو الأفضل. لهذا كلّه كان من الطبيعي أن يذكر الرئيس «المرصد» في مطلع خطابه للفترة الرئاسيّة المقبلة.