مر على انطلاق السنة الجامعية الجديدة حوالي الشهر ورغم ذلك مازال عدد من الطلبة والطالبات لم يلتحقوا بجامعاتهم للدراسة بعد والسبب هو عدم حصولهم على سكن جامعي أو عدم قدرتهم على مواجهة مصاريف الكراء واستئجار منزل أو حتى غرفة واحدة أو بالاحرى سرير بأحد المبيتات الجامعية الخاصة. فتخلفوا عن الدراسة ورابطوا بديوان الخدمات الجامعية على أمل الظفر بسكن استثنائي بعد أن قدموا مطالب إسعاف للحصول على سكن. «الشروق» التقت هؤلاء الطلبة وتحدثت معهم حول المشاكل والصعوبات التي يواجهونها ويعيشونها حاليا في رحلة بحثهم عن سكن جامعي يخفف عنهم وطأة المصاريف الدراسية. وسألتهم عن كيفية التصرف في حالة عجزهم عن الحصول على سكن جامعي استثنائي. البداية كانت مع الطالبة سامية التي وجدناها رفقة عدد من زميلاتها أمام مدخل ديوان الخدمات الجامعية في انتظار أحد المسؤولين الذين وعدهن بالنظر في مطالبهن ومساعدتهن على الحصول على سكن استثنائي. هدى قالت إنها ومنذ حوالي أسبوعين خصصت جل وقتها لحل مشكلة السكن وأضافت أنتمي الى عائلة محدودة الدخل ووفيرة العدد ولذلك فأنا غير قادرة على توفير مصاريف السكن والكراء خاصة في ظل الارتفاع المهول لأسعار الكراء في تونس العاصمة وضواحيها وبصدق ودون مبالغة فأنا مهددة بالانقطاع عن الدراسة فمن ينقذني ويرجع الى شفتيّ البسمة والأمل الى قلبي الحزين على مصيري الدراسي المجهول؟ الطالبة ربح قدمت من الجنوب التونسي وبالتحديد من ولاية ڤابس لتتم سنتها النهائية بالجامعة (سنة رابعة جغرافيا) لكن ظروفها المادية الصعبة جعلتها مهددة هي الاخرى بالانقطاع عن الدراسة وضياع مستقبلها. وربح وهي تتحدث الى «الشروق» لم تستطع منع دموعها من الانهمار على خديها بغزارة والبكاء بحرقة جراء المعاناة النفسية التي كابدتها ومازالت والمستقبل المجهول الذي ينتظرها وبأكثر تفاصيل تحدثت عن معاناتها قائلة: لقد تحملت ظروفا صعبة للغاية منذ انطلاق السنة الجامعية فقد قدمت الى العاصمة خلال اليوم الاول من السنة الجامعية ولم أجد مكانا آمنا أقضي فيه ليلتي فقصدت المبيت الجامعي بالمروج لهذا الغرض لكنني تعرضت الى الطرد في حدود السابعة مساء ولم تسمح لي الادارة بقضاء تلك الليلة رغم توسلي اليهم وإفهامهم أنني سأبيت في الشارع إذا لم يسمحوا لي بالبقاء وبالفعل فقد أكملت ليلتي بمحطة القطارات وعدت الى عائلتي في اليوم الموالي. وقدمت مطلب إسعاف للحصول على سكن جامعي ووضحت فيه حالتي الاجتماعية باعتبار أنني أنتمي الى عائلة معوزة ولدي ستة إخوة ثلاثة منهم يدرسون بالتعليم العالي والبقية بالمرحلة الثانوية ورغم ذلك لم يحظ مطلبي بالموافقة وأنا الى حد الآن وها قد مضى على بداية السنة الجامعية حوالي شهر وأنا لم ألتحق بالجامعة بعد فما هو الحل ومن ينقذ مستقبلي الدراسي من الضياع؟ أمل ضعيف ومعاناة كبرى خوف ربح من ضياع مستقبلها الدراسي مأساة شاركها فيها كل من الطالبة هدى والطالب أشرف والطالبة يمينة الذين أكدوا أنهم في صورة عدم حصولهم على مبيت جامعي في غضون الايام القليلة القادمة ربما يضطرون الى الانقطاع عن الدراسة. هدى قالت: قدمت مطلب إسعاف في الآجال المحددة وكان من المفروض أن أتحصل على الرد يوم الخميس من شهر أكتوبر الجاري لكن والى حد الآن لم أظفر بإجابة ولم أنقطع عن زيارة ديوان الخدمات الجامعية منذ أسبوعين والى حد الآن لم ألتحق بالجامعة لأنني لا أستطيع متابعة الدروس وأنا لا أملك مكانا أستقر فيه. هدى قالت إن ما يؤلمها أن الاماكن بالمبيت الجامعي المروج موجودة لكن مدير المبيت رفض قبولها وقال ان الامر راجع الى إدارة ديوان الخدمات الجامعية للشمال لكن وكما ترون نحن ننتظر منذ أكثر من أسبوعين لكن ما من جواب. أشرف الذي بدا على محياه التعب والارهاق والحزن أيضا قال انه يعيش معاناة حقيقية بسبب عدم حصوله على مبيت جامعي وأنه مهدد هو أيضا بالانقطاع عن الدراسة. ويضيف تمتعت بالسكن سنة واحدة وظروفي الاجتماعية قاسية جدا ولا أستطيع تحمل مصاريف الكراء. قدمت مطلب إسعاف لكن والى حد الآن لم أظفر بجواب وحتى المسؤولون عن السكن بالديوان يرفضون السماح لي ولأمثالي من المعوزين بمقابلتهم لنتمكن من شرح وضعياتنا الاجتماعية. ويتساءل أشرف إذا لم تكن هذه الفئة المحتاجة من الطلبة تستحق الاسعاف فمن يستحقها إذا؟ ومتى سيقع النظر في ملفاتنا؟ الامر نفسه والمعاناة نفسها تعيشها أيضا الطالبة يمينة التي قالت إنها تشعر بالحزن والاسى وهي ترى الوقت يمر دون الالتحاق بالجامعة لإتمام دراستها. وأضافت أنا أقطن بولاية سليانة ومنذ أسبوع تقريبا أتردد يوميا على ديوان الخدمات الجامعية لكن الجواب دائما «ارجع غدوة» وهو جواب يعني بالنسبة لي ولكل هؤلاء الذين يملؤون فضاء الديوان الضياع وإهدار المزيد من الوقت وعدم متابعة المزيد من الدروس والمحاضرات. يأس عدد آخر من الطلبة وجدناهم بمقر ديوان الخدمات الجامعية أكدوا أنهم يئسوا من الحصول على سكن استثنائي رغم ظروفهم الاجتماعية الصعبة وأن وجودهم بمقر الديوان لمعالجة مشاكل أخرى كالمنحة والقرض ويقول الطالب أيمن عزوز تمتعت بالسكن الجامعي سنة واحدة وفضلت هذه السنة خرض غمار الكراء والتعويل على الذات رغم ارتفاع أسعار الكراء والسبب هو يأسي وإحساسي المسبق أن الديوان لن يستجيب لمطلبي لانني لا أملك «الاكتاف» اللازمة للحصول على سكن. ولكنني أعاني الآن أيضا بسبب ضياع ملف المنحة وهذا يعني أنني سأنتظر المزيد من الوقت للحصول على المنحة. حسام الرابحي قال أيضا انه يئس من الحصول على سكن جامعي وأنه أتى الى ديوان الخدمات الجامعية للتأكد من وصول مطلب المنحة الجامعية في الآجال المحددة خاصة بعد أن ظهرت عدة مشاكل بعد أن أصبح تقديم المطالب يتم عن بعد.