عاد أغلب الطلبة الي مقاعد الدراسة وعادت الهواجس والمخاوف الى عدد ليس بالقليل منهم من العجز عن إتمام دراستهم والحصول على الشهائد العلمية التي يطمحون إليها بسبب تكاليف الدراسة الجامعية ومصاريف عام بأكمله. وفي جولة قصيرة قمنا بها أمام ديوان الخدمات الجامعية للشمال خلال الأيام الأولى من العودة الجامعية، لاحظنا عددا كبيرا من الطلبة والطالبات محتشدين داخل مقر الديوان وخارجه تتقاذفهم الأمنيات والوعود وأحيانا الأوهام بالحصول على سكن جامعي استثنائي يخلصهم من براثين الضياع والتسكع في الشارع أو الانقطاع عن الدراسة ومغادرة مقاعدها بلا رجعة خاصة بالنسبة لأولئك الطلبة والطالبات الذين ينتمون الى عائلات معوزة وفقيرة تعجز عن توفير ولو نسبة قليلة جدا من مصاريف الدراسة الجامعية لأبنائها وبناتها. تتنوع حكاياتهم وتختلف لكنها في النهاية تلتقي في نقطة واحدة وهي العوز المادي وعجزهم عن توفير معاليم كراء سرير بمبيت خاص أو منزل يأويهم خلال عامهم الدراسي هذا خاصة أمام الارتفاع المذهل لأسعار الكراء وتمعش «الملاكة» من هؤلاء الطلبة واعتبارهم فرصة هامة لجني المال دون مراعاة الجانب الانساني في المسألة. وقد استمعنا في هذا الصدد الى عدد من الحكايات والقصص المتمحورة حول معاناة الطلبة من الملاكة وشروطهم المجحفة والتدخل في شؤونهم واستغلالهم من قبل بعض أصحاب المساكن المعدة للكراء وتقول احدى الطالبات أن مالك المنزل خلال السنة الفارطة منعهم من استعمال عدد من الأجهزة الالكترونية كالتلفزة والمذياع ومجفف الشعر بدعوى أن هذا الأمر سيتسبب في انتفاخ فاتورة الكهرباء لكن للأسف كما تقول الفاتورة دائما ما تكون منتفخة وكنا نحن من ندفع نصف المبلغ وصاحب المنزل يدفع النصف الآخر منه. وتتعدد المعاناة وتتنوع وقد عبّر عدد من الطلبة والطالبات عن تذمرهم من هذه التصرفات واعتبروها من أهم العوائق التي تقف في طريق نجاحهم واستمرارهم في الدراسة لذلك نجد أن إصرارهم يتضاعف على الحصول على سكن استثنائي في أحد المبيتات الجامعية الحكومية مع بداية السنة الجامعية الجديدة للإفلات من هذه المشاكل وغيرها. وقد عبّر عدد منهم على أملهم الكبير في مراعاة إدارة الخدمات الجامعية لظروفهم المادية وحالاتهم الاجتماعية المتردية والمزرية أحيانا والنظر في مطالبهم في أقرب الآجال ليتمكنوا من الالتحاق بجامعاتهم خاصة وأن أغلبهم أجلوا متابعة دروسهم الى ما بعد الحصول على سكن جامعي يوفر لهم الاستقرار النفسي وراحة البال. هؤلاء كان بإمكانهم الالتحاق بدروسهم الجامعية لو استجاب ديوان الخدمات الجامعية ومن ورائه وزارة التعليم العالي لنداءاتهم ومطالبهم القاضية بصرف المنح والقروض الجامعية مع بداية انطلاق السنة الجامعية.. فمتى تضع الوزارة وديوان الخدمات الجامعية مثل هذه الأمور في الاعتبار لإراحة هؤلاء الطلبة من هذه المعاناة المريرة؟