شهدت محافظة سيستان بلوشستان أوّل أمس تفجيرا أودى بحياة العديد من الإيرانيين من بينهم مسؤولين عسكريين كبار في الحرس الثوري في تطور جاء ليخلط مزيدا من الأوراق وليفتح «جبهة جديدة» في بلد ظل يعيش على وقع اضطرابات سياسية واجتماعية منذ الانتخابات الرئاسية في جوان الماضي... هذا التفجير الذي تبنته «جماعة سنية» أثار تساؤلات كثيرة حول من يقف وراءه... وحول طبيعة علاقته بملف النووي الإيراني الذي يشهد في الفترة الأخيرة تصعيدا غير مسبوق تقوده القوى الدولية التي تلوح ب«سيف العقوبات» لردع طهران عن المضي قدما في مشروعها النووي بينما اختارت إسرائيل منطق التهديد والوعيد بتوجيه «ضربة قاصمة» لإيران وسط توقعات بأن هذه الضربة باتت وشيكة أكثر من أي وقت مضى... ركن «متابعات الشروق» يسلّط اليوم الضوء على خلفيات وأبعاد هذا التفجير وذلك من خلال حوار مع أحد أبرز الباحثين والخبراء الإيرانيين وهو الأستاذ جميل ظاهري وفي ما يلي هذا الحوار... ما تحليلكم لتفجيرات «سيستان بلوشستان» وماذا عن مدلولاتها وتوقيتها ومغزاها؟ في حقيقة الأمر هذه ليست المرّة الأولى التي تتعرض فيها إيران لمثل هذه الأعمال... لقد تعرض الشعب الإيراني وقادته وحكومته طيلة العقود الثلاثة الماضية إلى المئات من مثل هذه العمليات الإجرامية التي قامت بها مجموعات إرهابية بدعم من أمريكا وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني وبعض الدول الغربية ومع الأسف بعض الدول العربية... وقد ذهب جرّاء ذلك الآلاف من الأبرياء ضحايا لمثل هذه العمليات... هذه العمليات الدنيئة تهدف في الواقع إلى تركيع إيران ودفعها إلى الاستسلام والتخلي عن مواقفها الصارمة في الدفاع عن حقها النووي المشروع وعن حقوق الشعوب المظلومة والمستضعفة وخاصة الشعب الفلسطيني المظلوم وكذلك إلهائها وهي تدخل مرحلة حاسمة من المفاوضات النووية مع القوى التسلطية التي تسعى إلى انتزاع إيران حقها النووي السلمي المشروع... هذه الأمور وهذه العمليات الإرهابية والضغوط المتصاعدة والتهديد بالخطر والعقوبات لم تكن إيران عن إرادتها وعزمها على المضي قدما في تحقيق أهدافها النبيلة لتطوير نشاطاتها النووية السلمية والدفاع عن حقوق الشعوب وخاصة الشعب الفلسطيني واللبناني والأفغاني ودعمها ومساندتها بكل الوسائل الإنسانية للخلاص من الاحتلال والعدوان.. يبدو من خلال حديثكم أنكم تربطون بين هذه الأحداث والضغوط الغربية على طهران بخصوص ملف النووي... فما هو الرابط بين هذين الموضوعين... طبيعي أن تكون هناك حلقة وصل بين هذين الأمرين... فبين الحين والآخر يقوم عملاء أمريكا والكيان الصهيوني بهكذا أعمال أو إحداث بعض الاضطرابات هنا وهناك بغية إيجاد ورقة ضاغطة على طهران لتذهب إلى طاولة المفاوضات وهي ضعيفة لكن كل المؤامرات التي حيكت ضدها قد باءت بالفشل بوجود قيادة حكيمة وشعب واع بدعم وسند قوي كي تواصل ا لحكومة مسيرتها بإحقاق الحقوق المشروعة لإيران. إذا كنتم تبررون اتهامكم هذا للغرب بوقوفه وراء الحملة على البرنامج النووي لبلادكم فما الذي يجعلكم تتهمون باكستان بالضلوع في هذه التفجيرات؟ بطبيعة الحال باكستان أول من يجب إدانتها في هذه الأعمال.. لأنها تحتضن هذه المجموعة الارهابية التي نفذت هذا العمل الاجرامي.. وجماعة «جند اللّه» هي زمرة وهابية متطرّفة تدعم ماليا من دولة عربية ومن قبل أمريكا وبريطانيا وبتدريب خبراء من الموساد.. ولطهران وثائق ومستندات بهذا الخصوص.. كما أن لطهران وثائق ومستندات على الدور الذي لعبته دولة عربية في أحداث الشغب التي تلت الانتخابات الرئاسية الايرانية الأخيرة. إلى أي مدى نجح مثل هذا المخطط، برأيكم، في تحقيق أهدافه وفي إضعاف إيران وضربها من الداخل؟ لقد مضت 3 عقود حاول خلالها الاستكبار الغربي بقيادة أمريكا أن يطيح بالنظام الاسلامي في ايران بفرض حرب عشوائية ظالمة.. ومن ثم فرضوا على إيران وشعبها حصارا اقتصاديا وحظرا عسكريا وحتى الأدوية والطائرات المدنية منعوا وصولها إلى الشعب الايراني ولكن شاءت مشيئة الله أن تبقى ايران مرفوعة الرأس وتحقق بالاكتفاء الذاتي فبدّلت الحظر والظلم الى نقطة انطلاقة للاتكال على الذات كي تبقى واقفة وصامدة في خندق الدفاع عن الحقوق وبعد أن فشلت الضغوط الخارجية بإسقاط النظام خارجيا أو حظر اقتصاديا كان الكونغرس الأمريكي قد أقرّ قبل 5 سنوات بوضع ميزانية قيمتها 75 مليون دولار بهدف اضطراب الأوضاع وزعزعة الاستقرار الايراني من الداخل. لكن هناك من يرى بأن مثل هذه الأحداث هي شأن يعود بالأساس الى تجاذبات سياسية داخلية وإلى الأزمة التي تشهدها إيران في جيوبها المختلفة فما موقفكم؟ الاضطرابات الأخيرة في ايران كانت في اطار الدستور الايراني لولا تدخل المخابرات الأمريكية والبريطانية وقد ألقت الشرطة الايرانية القبض على بعض من المواطنين الذين يتعاونون مع هذه المخابرات وقدمتهم الى المحاكمة.. وهذا ليس بشيء خفي..فالمحاكمات قد جرت علنا مما أربك الغرب الأمر الذي دفع ساركوزي الى تبنّي قرار ظالم جديد ضد ايران في اجتماع دول خمسة زائد واحد في جنيف وهو ما لم توافق عليه إيران.. وكل ذلك جاء لتلطيف الأجواء التي تعكّرت على باريس ومحاولتها اعادة ماء وجهها الذي ذهب هدرا بعد انكشاف الصورة..