عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فرّوج حرير، فلبسه، ثم صلى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له ثم قال: «لا ينبغي هذا للمتقين» لقد نزع النبي صلى الله عليه وسلّم هذا اللباس المصنوع من الحرير يعنف وقوة ومبادرة لذلك على خلاف عادته في الرفق والتأني لأنه كره أن يلبس لباسا لا ينبغي للمتقين أن يلبسوه فلبس الحرير يناقض التقوى، ولا يلبسه في الدنيا إلا مستخف لا خلاق له في الآخرة، كما قال عليه الصلاة والسلام: «إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة». واسم التقوى يعم جميع المؤمنين، لكن الناس فيه على درجات، قال الله تعالى: {ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحبُّ المحسنين}. فكل من دخل في الإسلام فقد اتقى، أي وقى نفسه من الخلود في النار، وهذا مقام العموم، وأما مقام الخصوص فهو مقام الإحسان كما قال: صلى الله عليه وسلّم: «أنّ تعبد الله كأنك تراه». وقد حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلّم الحرير على الرجال وقال: «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج» وأخبر صلى الله عليه وسلّم بأن «من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة» ذلك لأن الحرير هو لباس أهل الجنة كما قال تعالى: {ولباسهم فيها حريرچچ} وقال تعالى {وجزاهم بما صبروا جنّة وحريرا} فجميع ما يلبسونه من فرشهم ولباسهم وستورهم حرير، وهو أعلى مما في الدنيا بكثير.