اختتمت يوم أمس فعاليات الندوة الوطنية العلمية «الفكر الديني المستنير ومقومات الهوية في عقدين من التغيير» التي أشرف على افتتاحها أول أمس وزير الشؤون الدينية السيد بوبكر الأخزوري بحضور والي الجهة السيد ياسين بربوش والكاتب العام للجنة التنسيق السيد صالح المجبري ومفتي الجمهورية الشيخ عثمان بطيخ وكذلك جمع غفير من الباحثين والمفكرين في الشأن الاسلامي. وتأتي هذه الندوة في إطار فعاليات تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية لسنة 2009، وانقسمت الى جلستين علميتين بثماني مداخلات، نصفهم يتحدث عن انجازات التغيير الذي خلق أرضية صلبة لوفاق وطني حقق المصالحة الوطنية وكوّن جيلا متشبعا بالقيم الوطنية والدينية وأرسى أسس التعامل الحضاري، أما النصف الآخر فهو يتحدث عن الحداثة ومقتضيات الهوية وحوار الحضارات والفكر المستنير والشأن الاجتماعي. كما بيّنت هذه الندوة سعي تونس منذ بداية التغيير الى تجذير أبنائها في هويتهم العربية الاسلامية وبناء الشخصية التونسية بناء حكيما ورصينا والى بلورة بيئة فكرية متوازنة تراعي خصوصيات الأصالة ومتطلبات الحداثة، وذلك حرصا منها على بيان معالم الفكر الديني المستنير ومدى فاعليته في تثبيت مقومات الهوية وترسيخ جذورها، على اعتبار أن ذلك المنهج هو العاصم من الانزياح نحو أي شكل من أشكال الانغلاق والتطرف. وهو السبيل الأمثل للمضي قدما في سياق البناء الحضاري ومواجهة التحديات الثقافية الدولية الراهنة. وعلى هامش هذه الندوة صرّح بعض المشاركين في ما يخص جوهر عنوان الندوة: البداية كانت مع الكلمة الافتتاحية لوزير الشؤون الدينية الذي قال: «اختيارنا لهذا الموضوع في هذا الوقت بالذات وفي فعاليات تظاهر القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية.. أمر مقصود نعنيه يتمثل في ايماننا الراسخ بأن قراءتنا للاسلام ودوره في العصر الحديث هي النموذج والمثال وهي نابعة من فكر مبدع خلاق، فكر رائد الاصلاح سيادة الرئيس زين العابدين بن علي.. هذه الندوة الموفقة مناسبة سعيدة لاستعراض جملة من الانجازات الباهرة في المجال الديني خلال عقد من التغيير، وتونس تعيش على وقع الابتهاج بما أفصح عنه يوم 25 أكتوبر التاريخي من مساندة مطلقة للرئيس بن علي وتجديد العهد معه لرفع التحديات وكسب الرهانات إيمانا بخياراته الصائبة وتوجهاته المستقبلية الطموحة التي تؤكد أنه الأقدر على تحقيق التقدم والرخاء للوطن في كنف السلم والاطمئنان». البشير نقرة (مدير مركز الدراسات الاسلامية بالقيروان): «تونس بلد يحرص على الاعتدال والتسامح والعدل، ولذلك لا داعي للتعسف على النصوص القرآنية واستخراج أحكام لا تخدم ديننا. وربما تجعلنا محل انتقادات، والتجرؤ أيضا على النيل من رموزنا، وسيادة الرئيس بيّن في أكثر من مرة ومناسبة أن بلادنا بلاد الوسطية والاعتدال». عبد العزيز شبيل (مدير عام مركز الدراسات و البحوث في حوار الحضارات والأديان المقارنة بسوسة): أبرز أهمية السلوك الحضاري للمسلمين في الرد على الاساءات التي تظهر من حين لآخر كالصور المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، كما بيّن أن المسلم الحقيقي من سلوكه أمام الآخر ليعطي المثال للتصرف الاخلاقي المعتدل، وبهذه الكيفية يمكن الرد على مدعي الارهاب والتطرف. أما الدكتور محمد العربي البوعزيزي الأستاذ بجامعة الزيتونة فقد أكد على السعي لخلق مجتمع متضامن ومتآزر ومتكاتف كما أمرت بذلك الشريعة وكما دعا اليه قائد التغيير، ويجعل من الانسان مدار التنمية الروحية والمادية». فتحي بوعجيلة (المشرف على الاعلام في وزارة الشؤون الدينية): «تتنزل هذه الندوة في إطار إسهام وزارة الشؤون الدينية في التعريف بمكاسب التغيير في المجال الديني الذي يعتبره سيادة الرئيس زين العابدين بن علي سندا قويا لحركة التنمية في بلادنا باعتباره من أهم الروافد في تشكيل فكر ديني عقلاني رشيد يبني ولا يهدم ويجمع ولا يفرق ويبعث الطمأنينة في النفوس، والاعلام الديني في عهد التغيير الذي تأسّس على فلسفة رشيدة قوامها أن الخطاب الديني المتبصر والمستنير من أهم الشواغل التي تحظى برعاية موصولة هدفها تحقيق المناعة الفعلية لما يقدم في مختلف وسائل الاعلام باعتبار ذلك مؤثرا فاعلا في توجيه فكر المتلقي وفي بناء منظومة قيمية وسلوكية متمساكة تساعد على غرس مبادئ المحبة والتآخي والتعاون».