أخبار تونس– لقد عملت تونس منذ التحول على نشر الفكر المستنير والمتمثل بالأساس في خلق أرضية صلبة لوفاق وطني حقق المصالحة الوطنية وكون جيلا متشبعا بالقيم الوطنية والدينية وأرسى أسس التعامل الحضاري. ولقد تبين في أكثر من مناسبة تعلق التونسيين بهويتهم العربية الإسلامية ومجابهتهم جميع أشكال الاستلاب والهيمنة ليظل الإسلام مقوما أساسيا للشخصية الوطنية وحصنا ثابتا ضد الكراهية والتعصب يحض على الوسطية والاعتدال والتضامن ومسايرة العصر ومواكبة العلوم والمعارف. وقد بادرت تونس مرارا لتكثيف الحوار بين الحضارات وترسيخ التقارب بين الشعوب من خلال احتضانها عدة ندوات دولية واتخاذها جملة من القرارات الهادفة إلى مزيد تفعيل مبادئ التسامح والتفتح علاوة على تنظيم حوارات وطنية تتعلق بالفكر الديني المستنير . وفي هذا الإطار، تنظم وزارة الشؤون الدينية ندوة “الفكر الديني المستنير ومقومات الهوية في عقدين من التغيير” التي تحتضنها القيروان تحت رعاية الرئيس بن علي يومي 28 و29 أكتوبر بالقيروان تحت إشراف السيد بوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية، ووالي القيروان، وبمشاركة ثلة من الأساتذة الجامعيين والباحثين التونسيين إحياء لفعاليات الاحتفاء بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2009 وتزامنا مع الاحتفالات التي تعيشها تونس بفرحة الانتخابات. وأكد السيد بوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية لدى إشرافه على افتتاح أشغال هذه الندوة أن عهد التغيير كان بحق عهد المصالحة الفعلية التامة بين الشعب التونسي وبين قيمه الروحية مبينا أن المصالحة مع الذات كانت أول ركن في المشروع المجتمعي الحضاري الذي انبنت عليه المنظومة الفكرية لفلسفة التغيير. وجدير بالذكر أن الرئيس زين العابدين بن علي قد أكد في أكثر من مناسبة بأن الإسلام الحق هو دين الاجتهاد المتواصل وبأنه دين التجديد المستمر مبرزا حرصه على اعتبار الهوية العربية الإسلامية القاسم المشترك بين كافة أفراد الشعب. وأوضح الوزير، من جهة أخرى أن التونسيين الذين اختاروا يوم 25 أكتوبر الرئيس زين العابدين بن علي لمواصلة مسيرة الرقى والامتياز على يقين من أن الشأن الديني سيشهد مزيدا من المكاسب. أولى المحاضرات كانت مداخلة الدكتور سيف الدين ماجدي، أستاذ بجامعة الزيتونة، بعنوان الاجتهاد المنضبط والفكر الديني منذ فجر التغيير والتي تساءلت عن معاني طرح الاجتهاد المنضبط الآن؟ ولماذا قيدنا الاجتهاد بالانضباط؟. وعدّد المحاضر قواعد الاجتهاد التي من أهمها المعرفة العميقة بالقرآن والسنة و بمنهج الجمع بين الأدلة درءا للتعارض ومعرفة دقيقة بالواقع الذاتي و تعزيز الوعي بالهوية و تأصيل احترام الآخر و الثقة في الذكاء البشري وفي أخلاق الإنسان وتحديد المصلحة. وأكد الدكتور عبد القادر النفاتي، الأستاذ بجامعة الزيتونة في محاضرته، الهوية وآليات الحفاظ عليها منذ فجر التغيير أن أسباب الموضوع هو التأكيد على تمسك الشعوب بهويتها لقيمتها في بناء الحضارة والأمم فلا هوية لمن لا تاريخ ولا حاضر له. أما الدكتور البشير نقرة، مدير مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان، فقد بين في محاضرته “الحداثة ومقتضيات الهوية : الواقع والآفاق” أن تونس مواكبة لكل التغيرات والإضافات العالمية في جميع الميادين وهي مدعمة للاجتهاد الضروري لحل المشاكل المستجدة برؤية عقلانية متطورة مسايرة لروح العصر كثير المستجدات في شتى الميادين. وقد تعلقت مداخلة الدكتور عبد العزيز شبيل، مدير عام مركز الدراسات والبحوث في حوار الحضارات والأديان المقارنة بسوسة، بموضوع الحوار بين الحضارات التي بين من خلالها أهمية السلوك الحضاري للمسلمين في الرد على الإساءات التي تظهر بين الحين والآخر. وستتعلق بقية المحاضرات بموضوع “انجازات التغيير في الشأن الديني” للدكتور أبو القاسم العليوي و”الفكر المستنير والشأن الاجتماعي” للدكتور محمد العربي البوعزيزي و”الإسلام والمرأة التونسية” للأستاذة جميلة بن ساسي و”الإعلام الديني في عهد التغيير” للأستاذ فتحي بوعجيلة.