سليانة / توزيع 120 خروفا على العائلات المعوزة و المحدودة الدخل    الإدارة العامة للاداءات تضبط الرزنامة الجبائية لشهر جوان 2025 وتدعو لتفادي الاكتظاظ    منوبة: انطلاق تهيئة المسبح البلدي بطبربة نهاية جوان الجاري    بورصة تونس: "توننداكس" ينهي شهر ماي 2025 على إرتفاع بنسبة 0،80 بالمائة    الخبير الاقتصادي العربي بن بوهالي يحذّر: السياسات النقدية الحالية تُعمّق الركود وتمنع تراجع التضخم في تونس    المنتخب الجزائري: تسريح بلايلي وتوغاي للالتحاق بالترجي استعدادًا لمونديال الأندية    12 سنة و6 أشهر سجناً لمتهم خطط لعمليات قتل بدافع تكفيري    حجز حوالي 745 رأس غنم لغرض المضاربة والاحتكار خلال فترة عيد الأضحى    تدهور قيمة الدينار الليبي : أسباب الانهيار النقدي و سبل الاستقرار    1,6 مليار دولار: من هي الفنانة الأكثر ثراءً في العالم سنة 2025؟    فريق طبي بولاية القصرين ينقذ حياة مريضين تعرضا لجلطة قلبية حادة بفضل منصة "نجدةTN"    دراسة صادمة : النوم الكثير قد يقتل دماغك أكثر من قلة النوم!    جريمة مروعة: تقتل زوجها ذبحا بمساعدة عشيقها..معطيات وتفاصيل صادمة..!    استقرار في قتلى حوادث الطرقات منذ بداية السنة والى غاية 5 جوان مقارنة بنفس الفترة من 2024    فظيع/ حادث مرور مروع يوم العيد..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    المنسق العام لموسم الحج بوزارة الصحة: "كل حجاجنا صعدوا عرفة ولم نُسجل أي حالة وفاة"    عاجل/ جريمة قتل إمرأة على يد طليقها بجندوبة: جمعية أصوات نساء تكشف وتُحذّر..    جيفري إبستين.. الملياردير الغامض الذي هز أمريكا بفضائحه وحوّل الأصدقاء إلى أعداء!    خطوة مفاجئة من إيلون ماسك تجاه ترامب    وزارة الصحة تحذر من التعرض لضربة الشمس وتدعو لاتخاذ الاجراءات الوقائية اللازمة    عاجل: احذروا ضربة الشمس... نصائح وتوصيات للتونسيين يجب الالتزام بها    "الفيفا" تعتمد الذكاء الاصطناعي في كأس العالم للأندية2025    بعد العيد، فرصة ثقافية للعائلة: الوجهة المتاحف!    عاجل : يوم القر 2025 ينطلق رسميًا وتوصيات بعدم تجاهله    إيلون ماسك يعلن عن تأسيس "حزب أمريكا"    هل يكون عام 2025 هو عام زوال غوغل؟    جيش الإحتلال يعترف بنقص حاد في عدد جنوده    المنتخب التونسي يواجه جمهورية إفريقيا الوسطى : الوقت و المكان    طقس اليوم الثاني من العيد : هكذا ستكون الحرارة    بلدية تونس: تنفيذ سلسلة من التدخلات الميدانية في مجال النظافة يوم عيد الاضحى    ماذا يجري بين ترامب وماسك؟    سينر يهزم ديوكوفيتش ويتأهل للمرة الأولى إلى نهائي فرنسا المفتوحة للتنس    تسجيل 187 انقطاعا للمياه في ماي 2025..    موارد مائية: ضرورة مواجهة الاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية بمرناق    دولة واحدة فقط في العالم قادرة على إطعام سكانها دون الحاجة إلى الاستيراد.. فما هي؟    مبادرة أوروبية لتنظيم استخدام القاصرين لوسائل التواصل الاجتماعي    السعودية.. تفاصيل جديدة في مقتل الأستاذ الجامعي    تكلفة الحج 2025 في العالم العربي: أرقام وصدمات لا تتوقعها!    امتلأت بهم جنبات المسجد الحرام.. الحجاج يؤدون طواف الإفاضة    تجريد جولييف من ميداليتها في أولمبياد 2012 بعد رفض محكمة التحكيم استئنافها    دي لا فوينتي: جمال قدم أوراق اعتماده للفوز بالكرة الذهبية أمام فرنسا    ارتفاع في درجات الحرارة وخلايا رعدية محلية في الجنوب    من القلاية للكسكسي: أطباق ما تخرج كان في عيد الكبير!    التمديد في نشر فيلق مشاة خفيف وسرية تدخل سريع تونسيين تحت راية الأمم المتحدة في إفريقيا الوسطى    عاجل: موعد مباراة المغرب ضد تونس والقنوات الناقلة للبث الحي والمباشر    جمرة العقبة تُرمى فجر العيد... والحجاج يشرعون في النحر والطواف    ماذا بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى؟    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    محرز الغنوشي: ''تذبح العلوش ثم البحر ينادي''    مونديال-2026: منتخب أوزبكستان يحقق تأهلا تاريخيا    الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى    صابة الحبوب: تجميع 992.776 ألف قنطار إلى غاية 4 جوان 2025    العاصمة الإيطالية روما تحتضن معرض "مانيا ماتر من روما إلى زاما"    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    









بيانات امرأة المجاز
نشر في الشروق يوم 05 - 11 - 2009


بيان رقم واحد
أنا امرأة زائفة لذا لا تعوّلوا كثيرا على ما أقول ولا تلقوا الدلاء إليّ لأمطركم فلست واثقة تماما من أنّ هذا السحاب الذي يوشّح سمائي سيكون واعدا.
أنا امرأة أكره اللون الأحمر لذلك لا أنتعل إلا الأحذية الحمراء، قل هو نوع من العداء المثالي لهذا اللون لذلك أبيح لنفسي أن أعفّر هامته في التراب وأن أهين كبرياءه بعنجهية الدوس.
أنا لست من النساء السافرات، لذا أحجب عنكم كلّ نواياي ولا بأس إن شربت الشاي معكم أو لبست على سبيل المجاز أساور وخلاخيل أو خبّأت لكم في معنى المعنى، بعض الثمار العنقودية حتى إذا تجرّأ أحدكم في غفلة من نواطير العبارة وحاول اعتصار الخمر انكشفت له سوأته.
لست ككلّ الرجال لذا أنا امرأة مختلفة، ولا أشبه النساء جميعا لذلك يخافني الرجال، ولا وقت لديّ لأمارس لعبة الشاة والذئب لأن ذئابي موثوقة، وشياهي أكلتها ذئاب مجازية.
أنا امرأة ضبابية لهذا السبب تقلقني الشمس فاعتمر مظلّة قش، وأمشي في الشوارع بنظّارة برغم شهادة حبيبي، أنّ أجمل عيون للنساء، تلك التي حباني الله بها وعندما يأتي الليل أوقد شمسي الخفية وأنظر إليكم من خلف قضبان الكناية.
ثمة نساء كالكستناء وثمة ناس كالنسانيس، وسواء كنت سمراء كالكستناء أو نسناسة كأصحاب الاسم الثاني، فلن أبرح في كل الأحوال دائرة التشبيه.
ستجهدون في فكّ مغاليق العبارة وستعملون معاولكم في الحجارة الصلدة سيقدح صوّان وتطير شظايا ستلهثون من العياء وستستمطرون الديمة الهاربة وتجففون أنابيب العرق بذيول الدهشة وما تهدّل من تلابيب الحيرة.. ستقولون لماذا امرأة تكره اللون الأحمر، تجبر نفسها على شرب الشاي معنا، رغم أننا من سلالة شيوعية منقرضة؟ ولماذا تخبئ المتفجرات في العبارة ولماذا تشبه نفسها بالكستناء إلاّ أن تكون في لا وعيها اللاكاني ثمرة شبقة؟ ولماذا تطلق الشاة والذئب في العبارة على شاكلة الشاعر يوسف رزوقة ولماذا تتحدانا على هذا النحو؟
ستضحك المرأة الزائفة دون أن تقلع حذاءها الأحمر، وستمعن في وضع نظاراتها وهي تقول: عفوا إنما كنت أمزح.
بيان ثان
أولا:
ستتصوّر نفسك معنيا بما أقول، وستخوض ضروبا من التأويل بمقتضاها ستتحول الحروف حيات وثعابين وستحجم تماما عن شرب الشاي الأخضر، وستسارع بتغيير رقم هاتفك مخافة أن تلتقط الشهب صوتك.
ستدّعي بعد ذلك أن عينا أصابت حسنك، وأن مقامك وكلامك وحمام شرفتك كلها نوافذ دخل إليك منها الحسد وستتهمني أنا كالعادة بأنني صاحبة المكائد.
ثانيا:
ستخلع عنك معطفك الرمادي ذاك الذي أحببته يوما، وشبهتك وأنت ترتديه بالغيمة، وتأمل أن يورق الجوز على كتفيك، وستدعو كل القرنفل كي ينبت على كفيك ولكني منعت الربيع من السفر إليك هذا العام، فلتبق مجدبا إذن كما عرفتك، وليواصل الثلج نسج غلالته فوق وجهك وليصبح صوتك بلا رنّات، فمن كان ينثر الضوء في عينيك؟ ومن كان يواعد الربيع على جمّة شعرك؟ ومن كان يوقع الألحان في صوتك فاعلن فاعلن رجل من عنب، صامت كالذهب، باعث في دمي حثحثات القصب؟
ثالثا:
عد إلى خريفك وانتظر زحف شتائك، وأمعن في جواربك السوداء ولتحتس من نقيع القرفة ما شئت فأنا كرهت المرض، ولتدّع ما شئت السعال والاكتظاظ والأعمال المهمة فلن تهملني هذه المرّة لأنني ببساطة أقلعت عن لعبة اليمامة المسكينة التي كان يحلو لها أن تعشّش في زاوية شرفتك، منتظرة أن تغدق عليها بعض الحب بضم الحاء، وأقلعت عن وضع نظارات المجاز التي كنت أراك من خلالها هزارا طيّارا في زمن الكساح ووعلا فحلا يحرس الغابات ويعد العزالات بالتفاح والنارنج وما تجمّد من لؤلؤ الشلالات.
رابعا:
مالك والحب في زمن الحرب وأنت لم تتقنه في زمن السلم؟ فالطائرات النفاثة لم تترك فسحة من السماء حتى تخيط الخطاطيف جبة دهشتها والصواريخ تلك غدت شماريخ أعراسنا وفرقعات القنابل، تلك لنا طبول حتى نزفّ في جنازة عجائبية لموت لم يكتف وحده بقتلنا فجند لذلك كل أحفاده معه.
خامسا:
إن لمحتني ذات مساء أعبر الشارع الخامس ورأيت ذيل عباءتي يكنس الأرض، لا تمعن في التأويل ولا تقل تلك تجرّ رداءها لي حتّى أتبع حبّ مودتها بفتح الحاء، وستغويني كما فعلت جدتها بجدنا ولا عجب أن تهبني على سبيل الكناية قارورة «كولا» لترفعني من أرضي إلى فردوس العولمة لن أفعل ذلك أبدا، ولن أمر في الشارع الخامس ولا عباءة عندي حتى أجرجر ذيلها، ولست حسّونا حتى أغويك ولا شيء في العالم بعد الآن سأشبهك به فلست ربيعا ولا قمرا ولا وعلا أرجوانيا، وصوتك أجشّ لا ذهب فيه ولا عنب ولست غاويا كالبنفسج ولا عميقا كبحيرة الياقوت، ولا مزركشا كقبة الصخرة، لكنك ببساطة رجل بسيط ومسطح ومنقوع في مرق الواقع إلى العنق، أما أنا فامرأة أرهقتها الحرب وبددها عطر الموت فخرجت تجري من مدارك إلى مدار المجاز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.