خلال عطلة العيد.. البنك المركزي يدعو الى تأمين استمرارية عمليات السحب من الموزعات الآلية    الصوناد توصي بترشيد إستهلاك المياه يوم العيد    بن عروس: تشديد الرقابة الاقتصاديّة على محلات بيع اللحوم الحمراء مع اقتراب عيد الأضحى    انتصر على "الجي آس كا".. مستقبل المرسى بطلا للرابطة الثانية    مصالح الديوانة بميناء حلق الوادي الشمالي تحجز كميات هامة من المواد المخدرة    بنزرت: تحديد تاريخ 9 جوان الجاري لانطلاق موسم الحصاد    كاتب الدولة للمياه يكشف وضع خزّانات المياه بحلول عيد الأضحى.. #خبر_عاجل    رواية "مدينة النساء" للروائي التونسي الأمين السعيدي.. يوتوبيا مضادة في مواجهة خراب الذكورة    السيارات الشعبية في تونس: شروط الشراء، مدة الانتظار، وعدد السيارات المورّدة سنويًا    هل ''القلاية التونسية'' مضرة؟ إليك الحقيقة الكاملة حول هذا الطبق الشعبي المحبوب    وزارة الحج والعمرة توجه نصائح هامة لضيوف الرحمن خلال مبيتهم في منى    ألمانيا: إجلاء آلاف الأشخاص بسبب اكتشاف قنابل تعود للحرب العالمية الثانية    نحو ضم نجم عربي آخر في مانشستر سيتي ...من هو ؟    مخيم الصيف الوطني في مسابقات وثقافة الرياضيات من 26 الى 28 جوان المقبل بالمنستير    ظهورها ينذر بالكوارث.. العثور على "سمكة يوم القيامة" على شاطئ أسترالي    عاجل: وزارة التربية تنشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة لتلاميذ البكالوريا عبر هذا الرابط    بعد هجوم على قاعدة عسكرية.. العثور على أسلحة ورموز نازية في احد المنازل بواشنطن    طليقة احمد السقا تخرج عن صمتها لأول مرة    تظاهرة "لنقرأ 100 كتاب" للتشجيع على المطالعة والاحتفاء بالكتاب والكتابة    عاجل : حريق ضخم في جامعة توشيا شمال روما    صادم/ الإحتيال على الناس يطال الحج!!    نداء عاجل من أعوان هذه الشركة لصرف أجورهم قبل عيد الأضحى    يوم عرفة: توصيات هامّة من مفتي الجمهورية ودعوة لتجديد العهد مع رسول الله.. #خبر_عاجل    رولان غاروس: الامريكية كوكو غوف تتجاوز مواطنتها ماديسون كيز وتبلغ المربع الذهبي    حركة النهضة تعبر عن استنكارها للحكم الصادر ضد نور الدين البحيري    لأول مرة: تمكين 200 حاج تونسي من ساعات ذكيّة لتحديد مواقعهم ومُتابعة حالتهم الصحية..    جلسة عمل استعدادا للمشاركة التونسية في المعرض الكوني "اكسبو اوساكا 2025" باليابان    سامي الطاهري يشيد بقرار حلّ شركة "الاتصالية للخدمات" وانتداب أعوانها: خطوة نحو رفع المظالم وإنصاف عمّال المناولة    عاجل-أرقام الأطباء البيطريين في خدمة التونسيين في عيد الأضحى... تعرّف عليها    لمن يُعانون من مشاكل المعدة... نصائح ضرورية قبل تناول لحم العلوش في عيد الأضحى    في معرضه الشّخصي الأوّل جمال عرّاس يرسم " جولة الألوان" بتقنية السكّين    توصيات هامة لضمان سلامة الأضاحي و تخزين اللحوم..    الكاف: وزير التربية يتابع سير بكالوريا 2025    روعة التليلي تتوج بذهبيتها الثانية في ملتقى الجائزة الكبرى للبارا ألعاب القوى بباريس    ثماني سهرات فنية ضمن برمجة الدورة 49 من مهرجان دقة الدولي    جريمة مروعة: شاب ينهي حياة زوجة شقيقه وابنها طعنا بالسكين..!!    يا تونسي، هل أنت مستعد ل''حجة علوش'' صحية؟ !    منوبة: بلدية هذه المعتمدية تُعلن عن موعد رفع الفضلات والجلود بمناسبة عيد الأضحى 2025    من 28 جوان إلى 8 جويلية 2025: برنامج الدّورة 49 لمهرجان دقة الدّولي    نسور قرطاج يحطّون الرحال في فاس: مواجهة نارية أمام المغرب بحضور 40 ألف متفرّج    الرابطة الأولى: الأولمبي الباجي يكشف عن موعد جلسته العامة الإنتخابية    وزير السياحة يشدّد على ضرورة تكثيف الجهود في التّرويج الرّقمي عبر مزيد التعاون مع صانعي المحتوى والمؤثّرين    يوم ''الوقفة'' تحت رحمة الغيوم: أمطار غزيرة متوقّعة بهذه المناطق التونسية    عاجل/ خامنئي يحسمها ويعلن..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صور: وزير الشؤون الدينية يعاين ظروف إقامة الحجيج التونسيين بمكة المكرمة    عملية زرع كبد ناجحة في مستشفى فطومة بورقيبة بالمنستير    عاجل/ رئيس الدولة يتخذ قرار هام..وهذه التفاصيل..    الحجاج يتوجهون الى مشعر منى لتأدية التروية…    لا تفوت بركة هذا اليوم.. أجمل دعاء ليوم التروية 2025 من السنة النبوية    النقل البري: 92 سفرة إضافية وتأمين رحلات استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    محمد علي بن رمضان ينتفل رسميا الى الاهلي المصري    بمناسبة عيد الأضحى.. تعرف على الطريقة الصحية لتناول اللحوم لمرضى السمنة والسكري..    عاجل : الصحة السعودية تحذر الحجاج    انطلاق حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى في يوم التروية...تفاصيل هذا الركن    نتنياهو: الثمن الذي ندفعه في الحرب باهظ    المنستير: نجاح عملية زرع كبد لطفل ال8 سنوات في مستشفى فطومة بورقيبة    مبادرة إنسانية في جبنيانة: سائق نقل ريفي يرافق تلاميذ البكالوريا مجانًا    









بيانات امرأة المجاز
نشر في الشروق يوم 05 - 11 - 2009


بيان رقم واحد
أنا امرأة زائفة لذا لا تعوّلوا كثيرا على ما أقول ولا تلقوا الدلاء إليّ لأمطركم فلست واثقة تماما من أنّ هذا السحاب الذي يوشّح سمائي سيكون واعدا.
أنا امرأة أكره اللون الأحمر لذلك لا أنتعل إلا الأحذية الحمراء، قل هو نوع من العداء المثالي لهذا اللون لذلك أبيح لنفسي أن أعفّر هامته في التراب وأن أهين كبرياءه بعنجهية الدوس.
أنا لست من النساء السافرات، لذا أحجب عنكم كلّ نواياي ولا بأس إن شربت الشاي معكم أو لبست على سبيل المجاز أساور وخلاخيل أو خبّأت لكم في معنى المعنى، بعض الثمار العنقودية حتى إذا تجرّأ أحدكم في غفلة من نواطير العبارة وحاول اعتصار الخمر انكشفت له سوأته.
لست ككلّ الرجال لذا أنا امرأة مختلفة، ولا أشبه النساء جميعا لذلك يخافني الرجال، ولا وقت لديّ لأمارس لعبة الشاة والذئب لأن ذئابي موثوقة، وشياهي أكلتها ذئاب مجازية.
أنا امرأة ضبابية لهذا السبب تقلقني الشمس فاعتمر مظلّة قش، وأمشي في الشوارع بنظّارة برغم شهادة حبيبي، أنّ أجمل عيون للنساء، تلك التي حباني الله بها وعندما يأتي الليل أوقد شمسي الخفية وأنظر إليكم من خلف قضبان الكناية.
ثمة نساء كالكستناء وثمة ناس كالنسانيس، وسواء كنت سمراء كالكستناء أو نسناسة كأصحاب الاسم الثاني، فلن أبرح في كل الأحوال دائرة التشبيه.
ستجهدون في فكّ مغاليق العبارة وستعملون معاولكم في الحجارة الصلدة سيقدح صوّان وتطير شظايا ستلهثون من العياء وستستمطرون الديمة الهاربة وتجففون أنابيب العرق بذيول الدهشة وما تهدّل من تلابيب الحيرة.. ستقولون لماذا امرأة تكره اللون الأحمر، تجبر نفسها على شرب الشاي معنا، رغم أننا من سلالة شيوعية منقرضة؟ ولماذا تخبئ المتفجرات في العبارة ولماذا تشبه نفسها بالكستناء إلاّ أن تكون في لا وعيها اللاكاني ثمرة شبقة؟ ولماذا تطلق الشاة والذئب في العبارة على شاكلة الشاعر يوسف رزوقة ولماذا تتحدانا على هذا النحو؟
ستضحك المرأة الزائفة دون أن تقلع حذاءها الأحمر، وستمعن في وضع نظاراتها وهي تقول: عفوا إنما كنت أمزح.
بيان ثان
أولا:
ستتصوّر نفسك معنيا بما أقول، وستخوض ضروبا من التأويل بمقتضاها ستتحول الحروف حيات وثعابين وستحجم تماما عن شرب الشاي الأخضر، وستسارع بتغيير رقم هاتفك مخافة أن تلتقط الشهب صوتك.
ستدّعي بعد ذلك أن عينا أصابت حسنك، وأن مقامك وكلامك وحمام شرفتك كلها نوافذ دخل إليك منها الحسد وستتهمني أنا كالعادة بأنني صاحبة المكائد.
ثانيا:
ستخلع عنك معطفك الرمادي ذاك الذي أحببته يوما، وشبهتك وأنت ترتديه بالغيمة، وتأمل أن يورق الجوز على كتفيك، وستدعو كل القرنفل كي ينبت على كفيك ولكني منعت الربيع من السفر إليك هذا العام، فلتبق مجدبا إذن كما عرفتك، وليواصل الثلج نسج غلالته فوق وجهك وليصبح صوتك بلا رنّات، فمن كان ينثر الضوء في عينيك؟ ومن كان يواعد الربيع على جمّة شعرك؟ ومن كان يوقع الألحان في صوتك فاعلن فاعلن رجل من عنب، صامت كالذهب، باعث في دمي حثحثات القصب؟
ثالثا:
عد إلى خريفك وانتظر زحف شتائك، وأمعن في جواربك السوداء ولتحتس من نقيع القرفة ما شئت فأنا كرهت المرض، ولتدّع ما شئت السعال والاكتظاظ والأعمال المهمة فلن تهملني هذه المرّة لأنني ببساطة أقلعت عن لعبة اليمامة المسكينة التي كان يحلو لها أن تعشّش في زاوية شرفتك، منتظرة أن تغدق عليها بعض الحب بضم الحاء، وأقلعت عن وضع نظارات المجاز التي كنت أراك من خلالها هزارا طيّارا في زمن الكساح ووعلا فحلا يحرس الغابات ويعد العزالات بالتفاح والنارنج وما تجمّد من لؤلؤ الشلالات.
رابعا:
مالك والحب في زمن الحرب وأنت لم تتقنه في زمن السلم؟ فالطائرات النفاثة لم تترك فسحة من السماء حتى تخيط الخطاطيف جبة دهشتها والصواريخ تلك غدت شماريخ أعراسنا وفرقعات القنابل، تلك لنا طبول حتى نزفّ في جنازة عجائبية لموت لم يكتف وحده بقتلنا فجند لذلك كل أحفاده معه.
خامسا:
إن لمحتني ذات مساء أعبر الشارع الخامس ورأيت ذيل عباءتي يكنس الأرض، لا تمعن في التأويل ولا تقل تلك تجرّ رداءها لي حتّى أتبع حبّ مودتها بفتح الحاء، وستغويني كما فعلت جدتها بجدنا ولا عجب أن تهبني على سبيل الكناية قارورة «كولا» لترفعني من أرضي إلى فردوس العولمة لن أفعل ذلك أبدا، ولن أمر في الشارع الخامس ولا عباءة عندي حتى أجرجر ذيلها، ولست حسّونا حتى أغويك ولا شيء في العالم بعد الآن سأشبهك به فلست ربيعا ولا قمرا ولا وعلا أرجوانيا، وصوتك أجشّ لا ذهب فيه ولا عنب ولست غاويا كالبنفسج ولا عميقا كبحيرة الياقوت، ولا مزركشا كقبة الصخرة، لكنك ببساطة رجل بسيط ومسطح ومنقوع في مرق الواقع إلى العنق، أما أنا فامرأة أرهقتها الحرب وبددها عطر الموت فخرجت تجري من مدارك إلى مدار المجاز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.