أعداء الانسان الجهل والفقر والمرض وأصدقاؤه العلم والمال والصحة وصديقنا في هذه العجالة العلم، ولا يكون الا بالتعلم والتعليم. والتعليم من أشرف الصناعات وأعظمها قدرا لأنه يكوّن العقول والقلوب والنفوس وهو شغل الانبياء والعلماء والفلاسفة والمفكرين وهو من الحكمة التي ذكرها ا& تعالى في القرآن الكريم. قال تعالى: {يُوتي الحكمة مَن يشاء ومَن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكّر الا أولوا الألباب} سورة البقرة. ولا شيء أفضل من العقل والحكمة والعلم، وبه اصل سعادة الانسان وسروره واطمئنانه. وقديما قال سقراط الفيلسوف اليوناني : «أمّي تولّد النساء وأنا أولّد العقول». واذا كان التعليم الذي يرفع الجهل ويريح الانسان من العدو بهذه المنزلة العظيمة، فالمعلم والمعلمون جديرون بالاحترام والتقدير، والسعي الى الاستفادة من تجاربهم وآرائهم بحكم علاقاتهم مع الابناء ومعاشرتهم لهم، لأنهم أحرص الناس على انجاح تلاميذهم علما وسلوكا وأخلاقا وشرفا وعزا. واذا ظهر تلميذ منحرف أخلاقا، أول سؤال يسأله له الناس في المجتمع «هذا ما علمك المعلم في المدرسة» ولا يقولون له «هذا ما علّمك أبوك في المنزل» لأن المدرسة هي المسؤولة عن التربية والتعليم. وليس الاب والام كذلك في نظرهم.لأنهما ليسا من أهل الذكر والاختصاص وقد يكونان من أهل الذكر والاختصاص اكتسابا أو جبلة فطرة ا& التي فطر الناس عليها. وحق للناس أن يسألوا هذا السؤال لأنهم لا يقبلون من تلميذ يقرأ عند معلم يقول فيه شوقي: قم للمعلم ووفّه التبجيلا ... كاد المعلم ان يكون رسولا أجل : لقد أنصف شوقي المعلم وعرف حقه فلم يغمطه إياه وأدرك قيمة العلم والتعليم والمعلم، وعرف أنه لا يبقى للانسان بعد موته الا ثلاثة أشياء: 1) ولد صالح يدعو له بالخير. 2) علم بثّه في صدور الرجال 3) صدقة جارية. وأي قيمة أعظم من هذه القيمة، وأي فضل أعظم من هذا الفضل. والسرور كل السرور ان يكون الفضل والقيمة مشتركة بين المعلم والولي والتلميذ، والأسف كل الأسف ان يفشل ذلك التلميذ ويخيب او يكون منحرفا في سلوكه في المجتمع، وكل من المعلم والتلميذ والولي يكرهون ذلك ولا يطمئنون اليه. وما داموا كذلك يحبون النجاح والادب واللياقة، ويكرهون الفشل والانحراف، فمن المسؤول اذن عن هذا الفشل يا ترى؟ أقول : إن مسؤولية ذلك لا تتجاوز أوساطا ثلاثة. 1) البيئة الاولى او الولي. 2)البيئة الثانية او المعلم. 3)البيئة الثالثة او المجتمع، كل حسب موقعه ودوره. يقوم المعلم بدوره صباحا مساء ليلا ونهارا بدون كلل او ملل، ولا يجد ا لمردود المناسب الذي ينتظره هو والولي لابنه التلميذ، لأنه لم يجد حظا مع تلميذه المدلل رغم ما بذل من جهد وعلم طيلة سنة دراسية كاملة بدون ايجاب. وقد يكون السبب غير ذلك وهو ان الاستعداد النفسي والعقلي غير متوفر لكل التلاميذ، هناك من لم يخلق للعلم النظري والتفكير المتواصل بسبب كسله العقلي وخلق للعمل الصناعي الحركي ذي المجهود العضلي والجسدي الموافق لمزاجه ومؤهلاته وذوقه واستعداده. فلا نيأس اذا وجدنا مثل هذه النماذج البشرية في المدرسة فالحياة أ وسع مما نظن «عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبّوا شيئا وهو شرّ لكم». البيئة الثالثة وما فيها من دور فعّال في افساد النشء المهمل من طرف والديه كثر من اصلاحه بما يوجد فيها من حرية مطلقة لكل الناس شيبا وشبابا رجالا ونساءً. ومتى يبلغ البنيان يوما تمامه ... اذا كنت أنت تبني وغيرك يهدم والحل الاوفق في هذه الانماط كلها بيد الولي والمعلم والتلميذ، وما يوجد من منظمات قوية ومحلية شبابية وطفولة ترفيهية وتثقيفية لا تبخل على مد يد المساعدة.