لم يتردد مجلس الأمن الدولي في الاستجابة لطلب اسرائيل التي قدّمت منذ الاسبوع الماضي احتجاجا رسميا لدى الأممالمتحدة بشأن شحنة الاسلحة المزعومة التي ضبطتها على متن سفينة «فرانكوب» وأثار المجلس في آخر اجتماعاته بتحريض أمريكي واضح هذه الحادثة واتخذها مطية لمهاجمة ايران وتحميلها مسؤولية انعدام الاستقرار في المنطقة عبر تسليحها المزعوم ل«حزب ا&» اللبناني. والحقيقة ان المجلس جانب الصواب في طرحه هذه الحادثة على طاولة البحث على هامش اجتماع مغلق لمناقشة التطورات في لبنان منذ عدوان صيف 2006 لأن الانتهاكات الاسرائيلية يُفترض أن تكون مادة كافية للبحث بل وللإدانة، خاصة ان منسق أمين عام الأممالمتحدة الخاص بلبنان أقر بأن الانتهاكات الاسرائيلية للمجال الجوي اللبناني يومية. ثم إن ما أقدمت عليه اسرائيل الاسبوع الماضي من اعتراض لسفينة «فرانكوب» كان أحق بالإدانة، حيث نفّذت البحرية الاسرائيلية عملية قرصنة علنية في المياه الدولية للبحر المتوسط، وتباهت بتحويل استيلاء قراصنتها قبالة قبرص على ما قالت انه سفينة أسلحة ايرانية موجهة الى «حزب ا&» الى نصر عسكري وسياسي على ايران وسوريا، بل وأكثر من ذلك سارعت كما في كل مرة الى لعب دور الضحية المستهدفة حين أطلقت حملة ديبلوماسية واعلامية واسعة على طهران ودمشق وحولت القضية بسرعة الى مجلس الامن وكأنها بذلك تمارس نوعا من «القرصنة الديبلوماسية». والحقيقة ان النوايا الاسرائيلية في هذا الباب واضحة ومكشوفة، فتل أبيب التي عاشت على امتداد الأسابيع الماضية تحت ضغط تقرير غولدستون واحتمال احالته الى مجلس الامن والى محكمة الجنايات الدولية وما يعنيه ذلك من ملاحقة لقادتها السياسيين والعسكريين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، كانت تسعى بشتى الوسائل الى التغطية على النقاش الدولي الدائر حول التقرير فقررت نقل «المعركة» الى نفس الساحة (مجلس الامن) ووضعت وهي المتهمة في قضية الحال خصومها مجتمعين (سوريا وايران و«حزب ا&» و«حماس») في موضع المتهم، بما ان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو زعم ان ايران ترسل السلاح الى المنظمات التي وصفها بالارهابية «من اجل ضرب اسرائيل وقتل مواطنيها» وقال «إن الوقت حان لتمارس الاسرة الدولية ضغطا جوهريا على ايران للكف عن هذه النشاطات» حسب تعبيره. ويُفهم التحرك الاسرائيلي ايضا من جهة مساعي تل أبيب الدائمة الى ممارسة ضغوط ديبلوماسية على ايران لمنعها من تحقيق اي مكاسب أو تقارب في وجهات النظر مع الغرب بشأن برنامجها النووي، وقد جاء الاتفاق على أن تقبل طهران بإرسال اليورانيوم ضعيف التخصيب الى روسيا (أو تركيا) ومن ثمة استعادته جاهزا لتشغيل مفاعل طهران للأنشطة والتجارب الطبية ليزيد من قلق اسرائيل التي ترغب في استمرار حالة التوتر بين ايران والغرب وتقتنص التصريحات النارية للمسؤولين الايرانيين لإدانتهم أمام المجتمع الدولي ولتكريس مقولة إن النووي الايراني يمثل خطرا على وجود اسرائيل، وهي التي تعلم ان مثل هذه السياسة تضمن وحدها استمرار وجودها.