هل بدأ العدّ العكسي لهجوم عسكري محتمل للجيش الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية وإجبار طهران على التخلي نهائيا على إنتاج أسلحة نووية... أم أنّ المناورات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة الهدف منها توجيه رسالة إلى أطراف إقليمية أخرى؟ لقد أكّدت إسرائيل في أكثر من مرّة أنّها مستعدّة لعمل عسكري ضدّ المنشآت النووية الإيرانية في حال أخفقت الجهود الديبلوماسية في دفع طهران إلى التخلّي عن إنتاج أسلحة نووية. وكان شاوول موفاز نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية قد أكّد في وقت سابق في هذا الشهر أنّ كافة الخيارات مطروحة ضدّ إيران بما في ذلك الخيار العسكري. ويبدو أنّ الولاياتالمتحدةالأمريكية أصبحت أكثر اقتناعا من ذي قبل بالخيار العسكري رغم تأكيدها مرارا على ضرورة تسوية هذا الملف ديبلوماسيا. ومن التّداعيات المسجلة على الصعيد الدولي لهذا التصعيد الإسرائيلي - الأمريكي ما أعلنه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أنّ المنطقة برمتها ستتحوّل إلى «كرة من لهب» إذا ما وجّهت ضربة عسكرية إلى إيران ملوّحا في الوقت ذاته بإماكنية استقالته من منصبه في صورة تنفيذ هذه الضربة... بينما حذّر وزير الخارجية الروسي من مغبّة تكرار سيناريو التدخّل الأمريكي في العراق مع إيران والذي كانت واشنطن قد برّرته آنذاك بامتلاكها «أدلة» على وجود برنامج نووي عراقي... وفور احتلال بغداد تساءل الجميع كيف تبخّرت هذه الأسلحة المزعومة. ودرءا لاحتمال تحوّل المنطقة إلى كتلة من نار تعدّدت في المدّة الأخيرة زيارات المفوّض الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي لطهران في مسعى لإطلاق مفاوضات حلّ أزمة الملف النووي الإيراني... ويقوم عرض خافيير سولانا على مبدإ «التجميد مقابل التجميد...» بمعنى آخر مطالبة طهران بتجميد تخصيب اليورانيوم مقابل تجميد العقوبات الاقتصادية المسلطة عليها في مجلس الأمن الدولي... والدول الغربية لفترة. ولكن لإيران وجهة نظر أخرى حيث تعتبر أنّ احتمال قيام إسرائيل بضرب منشآتها النووية أمر غير قابل للتحقيق لأنّ إسرائيل «لا تمتلك القدرة على تنفيذ مثل هذه التهديدات» فيما هدّد الرئيس الإيراني في حال ضرب المنشآت النووية بردّ قاس... ضدّ إسرائيل...وفي انتظار ما ستؤول إليه تداعيات هذه الأزمة الخطيرة فإنّ المنطقة الخليجية برمتها أصبحت مكشوفة ومعرّضة لتطوّرات عسكرية واقتصادية مجهولة العواقب.