ميزانية 2026 مثقلة بالفصول.. والقوراري يحذر: الشعب سيدفع الثمن!    بسبب رياح قوية..اضطراب مرتقب في رحلات "اللود" بين صفاقس وقرقنة    الفلاح التونسي بش يولي عندو الحق في استعمال'' الدرون ''...كفاش ؟    15,5 مليار دينار: رقم قياسي جديد للاقتصاد التونسي؟    السياحة الداخلية والحجز المبكر محور جلسة عمل بوزارة السياحة    ترامب: المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة ستخضع للتعديل    محرز الغنوشي يُبشر: ''امطار متفرقة متوقعة في هذه المناطق''    عاجل: مناظرة لانتداب ضباط صف أول لفائدة جيش الطيران...وزارة الدفاع توضّح    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية    عاجل/ البرلمان يصوت على تسوية وضعية الأساتذة النواب..    بالتفصيل: الفصول التي صادق عليها مجلس النواب في جلسة الأربعاء    لوحة للقذافي ملطخة بالدماء في اجتماع الدبيبة مع وفد أميركي تثير ضجة    مادورو: أجريت مكالمة "ودية" مع ترامب.. وأهلا بالدبلوماسية    ترامب يجمع رئيسي رواندا والكونغو لدفع اتفاق سلام استراتيجي    ماتش تونس وفلسطين: الوقت والقنوات الناقلة    هل تشكيلة تونس اليوم باش تشهد تغييرات؟    ثنائية مبابي تنهي معاناة ريال مدريد في الليغا بالفوز على بيلباو    بطولة انقلترا – آرسنال يتغلب على برينتفورد بهدفين ويستعيد فارق النقاط الخمس في الصدارة    صابة الزيتون 2025 – 2026: وفرة مرتقبة... وأسعار تُربك الفلاح والمستهلك    مشروع قانون المالية 2025: المصادقة على تسوية وضعيات إطارات عاملة بالبلديات والهيئات المستقلة    وزيرة المالية: مشروع قانون خاص سيطرح قريبا على البرلمان لضبط آليات استعمال 'الدرون'    كأس العرب 2025: برنامج مباريات اليوم الخميس 4 ديسمبر    تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع بداية من 8 ديسمبر: نقابة الصيادلة تحذّر من "انهيار وشيك" لسلسلة توزيع الدواء    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    الخارجية الفلسطينية : الاحتلال الصهيوني يتعمد استهداف المواطنين بهدف القتل أو التسبب في إعاقة دائمة لهم    خلال ديسمبر 2025: تونس من أبرز الوجهات السياحية العالمية    إعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكّر بقرطاج بعد أشغال صيانة شاملة    تعال ولا تتعالى    شمس ديسمبر    بهدوء .. على حافة الظلام    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    الفيفا تقلص فترة السماح الإلزامي للاعبين بالانضمام لمنتخباتهم بالكان    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    عاجل/ كميات الأمطار ستتجاوز 100 مم خلال هذه الأيام..    المسروق يباع في الجزائر...مُهرّبون وراء عصابات سرقة السيارات    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    وزارة المالية تفتح مناظرة خارجية لانتداب 250 عريفا بالديوانة التونسية    كأس العرب قطر 2025: المنتخب القطري يسعى لتصحيح المسار في مواجهة نظيره السوري غدا الخميس    مونديال كرة اليد سيدات: المنتخب التونسي في المجموعة الثالثة بالدور الرئيسي الى جانب منتخبات فرنسا وهولندا والنمسا وبولونيا والارجنتين    عاجل/ إمرأة تضرم النار في جسدها بمقر هذه المعتمدية..    قانون المالية 2026/ المصادقة على الفصل الإضافي عدد 109المتعلّق بنظام الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري    عاجل/ طالبان تكشف: مرتكب هجوم واشنطن درّبه الامريكان أنفسهم    انعقاد المؤتمر التاسع والأربعين لقادة الشرطة والأمن العرب بتونس العاصمة    نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة تقرر تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع لمنظوري "الكنام" بداية من 8 ديسمبر الجاري    احذروا هذا القاتل الصامت..#خبر_عاجل    3 مؤسسات عمومية تنتفع بالتجهيز بأنظمة فولطاضوئية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية    عاجل/ قرار إسرائيلي جديد بشأن معبر رفح..    تطاوين: تواصل موسم جني الزيتون بإنتاج واعد وارتفاع ملحوظ في الغراسات المروية    وجبة خفيفة يوميا/ تؤدي إلى قوة الذاكرة..تعرف عليها..    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    عاجل/ السجن لأجنبي وزوجته بتهمة ترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النشاز الإسرائيلي... في السمفونية الدولية!!
تحليل اخباري: السفينة «الإيرانية» المحتجزة
نشر في الصباح يوم 06 - 11 - 2009

منذ الإعلان عن تقرير ريتشارد غولدستون بخصوص الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل خلال حربها على قطاع غزة في ديسمبر جانفي الماضيين، والتلويح ب «تمرير» التقرير إلى مجلس الأمن الدولي، كانت تل أبيب تسابق الزمن والتقرير معا من أجل «الإطاحة» به قبل أن يصل إلى أروقة المجلس، حيث كان يتوقع إدانة إسرائيل وربما معاقبتها وفقا للقانون الدولي..
وعلى الرغم من التحرك الأمريكي والإسرائيلي دوليا للحيلولة دون وصوله إلى مجلس الأمن، فقد كانت الدولة العبرية في حالة استنفار قصوى في مسعى للبحث عن «سيناريو» تقلب بواسطته الطاولة على الجانب العربي، وتعيد الكرة إلى الملعب الإيراني، الذي يعدّ الأكثر استهدافا من قبل إسرائيل، على خلفية ملفها النووي الذي أطرد النعاس من جفون القيادة الإسرائيلية بشقيها العسكري، والديبلوماسي والسياسي على حدّ سواء منذ أمد بعيد..
فليس من باب الصدفة حينئذ، أن تهرع إسرائيل إلى المياه الدولية، شرقي البحر المتوسط، متتبعة سفينة «فرانكوب» القبرصية فور مغادرتها ميناء قبرص، لكي تعلن بسرعة كبيرة احتجازها لأسلحة زعمت أنها مهربة من إيران وسوريا باتجاه «حزب الله» اللبناني، في خطوة فاجأت العالم، لكنها لم تفاجئ إسرائيل التي كانت «استعدت» لهذا «الحدث» بشكل هادئ لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد..
سوريا وإيران في الزاوية
فقد وضعت ما تصفه ب «ثالوث الرعب»، المهدد لاستقرارها وأمنها، ونعني هنا سوريا وإيران و«حزب الله»، في قفص الاتهام، سيما بعد أن نجحت كل من دمشق وطهران في إذابة جليد التباينات مع المجتمع الدولي وبخاصة أوروبا والولايات المتحدة، واستعادتا نوعا من الدفء في علاقاتهما بالمجتمع الدولي بشكل عام..
والحقيقة، أن إسرائيل لم تخف رغبتها الشديدة في استخدام السيطرة على السفينة الإيرانية، كرافعة في الضغط على الأسرة الدولية، طمعا في استعادة ضغطها على طهران بشأن الملف النووي، ما يفسر الحملة الديبلوماسية الإعلامية الواسعة التي أطلقتها تل أبيب على طهران ودمشق، ضمن سياق المخاوف الإسرائيلية من التوافق الغربي مع إيران، بعد أن بدأت تلوح في الأفق بوادر غربية في هذا الاتجاه..
لم يتأخر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين ناتنياهو لحظة عن «استثمار» حدث السفينة، ليوجه اهتمام الأسرة الدولية باتجاه «الضغط جوهريا على إيران للكف عن هذه النشاطات الإجرامية، وأن توفر الدعم لإسرائيل حينما تدافع عن نفسها في وجه الإرهابيين ورعاتهم»، على حدّ قوله، مشيرا إلى أن «من لا يزال بحاجة لإثبات قاطع، بأن إيران تواصل إرسال الأسلحة إلى المنظمات الإرهابية، حصل على هذا الإثبات اليوم بشكل واضح وقاطع»..
واتهم الرئيس الإسرائيلي، شيمون بيريز من جهته إيران وسوريا، بأنهما «تعملان ضد القانون الدولي، ومن أجل تقويض السلام في الشرق الأوسط»..
وحتى يكون الإخراج على الشاكلة الإسرائيلية المعهودة، قال المتحدثون باسم الجيش الإسرائيلي، أن السفينة المسماة «فرانكوب»، تحمل على ظهرها مئات الأطنان من الأسلحة، وبينها أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ وقذيفة، قبل أن تصحح هذه المعطيات في وقت لاحق وهي تستدرك «إنه تم ضبط 300 حاوية على ظهر السفينة، وإن تفتيش حوالي نصفها أظهر وجود 36 حاوية فقط تحوي أسلحة»..
لكن طهران ودمشق، سارعتا بدورهما إلى نفي الإدعاء الإسرائيلي خلال مؤتمر صحفي لوزيري خارجية البلدين، منوشهر متكي ووليد المعلم، عندما أكدا من طهران أن «هذا الخبر عار عن الصحة»، مشددين على أن «السفينة كانت تحمل بضائع من سوريا إلى إيران، ولم تحمل السلاح أو معدات لإنتاج الأسلحة»، فيما نفى «حزب الله» أي علاقة له بالسفينة، متهما إسرائيل ب «القرصنة الدولية»..
تقرير غولدستون
لكن سوريا وإيران ليستا الزاوية الوحيدة في الاستهداف الإسرائيلي، فثمة المرمى الأممي الذي تتجه إليه الأنظار على خلفية تقرير غولدستون، حيث تجري مناقشته في الجمعية العامة.. لقد سعت إسرائيل إلى التغطية على النقاش الدولي حول تقرير غولدستون عن جرائم الحرب التي اقترفتها في قطاع غزة، من خلال تقديم نفسها في صورة الكيان المستهدف، بما يبرر «دفاعها عن نفسها» تجاه «الاعتداءات» المتكررة التي تطالها بين الفينة والأخرى، وفق التصريحات الإسرائيلية المتعارف عليها..
ولأن النقاش حول غولدستون تهيمن عليه الصبغة القانونية، فقد عملت تل أبيب على «توظيف» عملية احتجاز السفينة، في السياق القانوني الدولي، وضمن حملتها الإعلامية والديبلوماسية التي تهيأت لها بشكل منظم ومدروس، وذلك من خلال استخدام قرارين دوليين اثنين.. الأول قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1737، الذي يحظر على إيران تصدير أنواع معينة من الأسلحة والمقذوفات، ومن ثم الإيحاء بأن طهران تنتهك قرار مجلس الأمن، والتشديد في المقام الثاني، على أن الأسلحة موجهة ل«حزب الله» في لبنان، وليس لأية جهة أخرى، ما يعني أنها تمثل انتهاكا للقرار 1701.
وأفادت مصادر إعلامية عبرية، أن تعليمات دقيقة قدمت إلى الديبلوماسية الإسرائيلية بضرورة التشديد على أن «محاولة تهريب أسلحة إلى سوريا وحزب الله كانت انتهاكا لقرار مجلس الأمن الدولي»، وهو ما ترجمته وزارة الخارجية في مذكرة خاصة كانت بمثابة «كلمة السر» إلى ديبلوماسييها، تنص على أن «إيران تواصل تهريب أسلحة إلى إرهابيين تحت ستار تجارة دولية شرعية".
طريق الملاحة الدولية
على أن عملية القرصنة التي قامت بها إسرائيل شرق البحر المتوسط، خلفت الانطباع بأن هذه المياه الدولية، أصبحت شديدة الخطورة على الملاحة البحرية، باعتبارها تخضع لأحكام القوة الإسرائيلية فقط، ولا تنتظم وفق القوانين الدولية..
ولا شك أن الهدف من الكشف عن السفينة في هذا التوقيت بالذات، يتمثل في إطلاق رسالة للعالم في اتجاه سياسي وإعلامي، فحواها أن إسرائيل مهددة في أمنها واستقرارها من جهة، وبأنها نجحت في الكشف عن أحد المسارات البحرية التي تزعم إسرائيل أن طهران تستخدمها لتهريب الأسلحة من جهة أخرى.. وهو ما يفسر تلك التفاصيل التي عرضها العديد من المعلقين الإسرائيليين بخصوص الطريقة التي قالوا إن إيران تستخدمها لخداع سلاح البحرية الإسرائيلية، والمتمثلة في إيصال السلاح إلى سوريا عبر سفن تنزل شحنتها في موانئ وسيطة قبل أن تصل إلى غايتها الرئيسية..
لكن متحدثين إسرائيليين صرحوا بما يناقض المعطيات الإسرائيلية التي وردت على ألسنة المسؤولين في الدولة العبرية، حيث أشاروا إلى أن الشحنة التي تم العثور عليها، «لا تحوي أسلحة مخلة بالتوازن»، والمقصود في هذا السياق، أنواع جديدة من الصواريخ المضادة للدبابات أو الطائرات.. فقد أكد معلقون إن كل الأنواع التي تم ضبطها، متوفرة ضمن ترسانة «حزب الله» كما ظهرت في «حرب تموز» العام 2006.
واللافت للنظر وفق بعض المراقبين، أن سيطرة القوات الإسرائيلية على السفينة «فرانكوب»، تطرح أسئلة كثيرة تهم سكوت الدول الأوروبية التي تدعي تشغيل الأساطيل لحماية المسارات البحرية. ويبدو أن إسرائيل فوضت نفسها فعلا، بممارسة عملية التفتيش في المياه الدولية، فيما أن الولايات المتحدة التي تتوفر على أكثر من قاعدة عسكرية بحرية في هذه المياه الدولية، لم تتجرأ على القيام بهذه «المهمةّ».. ومن المؤكد أن إسرائيل تسجل هنا سابقة تكمن أهميتها في صمت «حراس القانون الدولي» في البحر المتوسط، إذا لم نقل مشاركتهم في هذا الصنيع..
وعلى الرغم من هذه المساعي الإسرائيلية لقلب المعادلة على الصعيد الدولي وضمن الأمم المتحدة، أبدت دول العالم نوعا من الصمت إزاء هذا «النشاز» الإسرائيلي في سمفونية دولية باتت حريصة على ما يبدو على اتباع النوتة الدولية (القانون الدولي)، وليس الألحان الخارجة عن هذا السياق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.