كشف السيد حبيب بن موسى خبير تونسي عن حجم التأثيرات المناخية المرتقبة على السواحل التونسية لاسيما منها ان جزيرة جربة وجزيرة قرقنة سوف تغمرهما المياه بفعل ارتفاع مستوى مياه البحر الى 30 صم. وأضاف السيد حبيب بن موسى ممثل الوكالة الوطنية لحماية الشريط الساحلي خلال المائدة المستديرة التي نظمها الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري بالتعاون مع وكالة تونس افريقيا للأنباء حول الفلاحة والتغيرات المناخية على هامش الصالون الدولي للفلاحة ان نتائج الدراسة التي تم اعدادها من قبل الوكالة أفضت الى ارتفاع مستوى البحر بعد 100 عام أخرى الى حدود 50صم وهو ما يعني ان أراضي عديدة سوف تتضرر ويخسرها القطاع الفلاحي. وذكر في نفس السياق ان عديد البحيرات الجبلية سوف تتحول الى بحار والاراضي المنخفضة سوف تتدهور بفعلها. وأشار الى اشكالية تملّح المائدة المائية الساحلية وانتقاء صلوحيتها كأراض فلاحية خاصة وان 70٪ من اقتصاد البلاد معتمد على السواحل. وذكر ان الموانئ التونسية ايضا سوف تتضرر ليصعب في أفق 2050 على البواخر الوصول اليها. واستنتج ان هذه الوضعية تؤدي الى خسارة ب10٪ من الدخل الوطني الخام. وعرّج على وضعية الاسماك مفيدا ان التحولات المناخية أدت الى ظهور أكثر من 60 صنفا دخيلا بالمتوسط وهذا قد يؤدي الى انقراض أنواع أخرى تكون ضعيفة أمامه. وأضاف ان عديد الانواع تغيرت بحارها كسلحفاة البحر التي أصبحت تعيش في غير مكانها وكذلك القاروص الذي فقدنا منه السنة الماضية قرابة 150 طنا. وأشار الى ان العارفين بالشأن الفلاحي يعتبرون ان قطاع الصيد البحري سوف ينتفع من التغيرات المناخية لأن رقعة البحر سوف تتوسع وسوف نحتاج الى يد عاملة أكبر. واستدرك قائلا: «أن هذا الطرح يحتاج الى نظرة شاملة». وختم بأن الجزر أيضا سوف تغمرها المياه حيث تصل الى حدود 100 متر بجزيرة جربة وتمسّ جزءا كبيرا من جزيرة قرقنة لبلوغ ارتفاعها 30 صم فوق مستوى البحر. آليات وحذّر السيد الطيب بالحاج من مخاطر التحولات المناخية وتأثيرها على الفلاحة. ودعا الى ضرورة البحث حول سبل أقلمة فلاحتنا مع المتغيرات المناخية كالتصحر الذي يهدد حاليا مدينة طبرقة. وأفاد السيد الاشهب الشهباني مخترع لتقنية حديثة في الري تحت الارض ان المناخ التونسي يمتاز بسنوات جفاف وسنوات ممطرة وخلال السنوات الممطرة تذهب كميات الماء الى البحر ولا يتم استغلالها. وقال: «منذ سنة 1983 وأنا أبحث في مجال المناطق القاحلة ووجدنا الحلول واتفقنا مع الفلاّح الذي علّمنا في النهاية أشياء لم ندرسها». وأضاف ان التقنية التي اعتمدناها هي تقنية «الموزع المردوم» التي تمكّن من استغلال الماء مع الاقتصاد في الري كما تؤدي الى الى اشباع النبتة وتجنب التملّح لأن عملية التبخّر لا تحدث. وأكد ان تقنية الموزع المردوم تمكن من خزن الماء لمدة 3 او 4 سنوات تحت الارض وقد تم القيام بالتجربة بالمناطق القاحلة سنوات الجفاف وتم تمتيع الزيتون بالماء وتحقيق منتوج محترم. وفسّر بأن خزن مليون و550 ألف متر مكعب من الماء يمكن ان تكفي لري ألف زيتونة في ثلاث سنوات. وقال: «لقد تم الاتفاق مع وزارة الفلاحة للنظر في تطبيق هذه التقنيات الجديدة لأنني ركّزتها في هكتار واحد ولنا القدرة على تركيزها في 100 هك». وأفاد السيد منجي زواغي أستاذ جامعي وخبير في الفلاحة والبيئة خاصة المنظومات الفلاحية هو ان هذه المنظومات متقلبة وتتوزع على ثلاثة عناصر وهي العنصر الفيزيائي والعنصر التقني الفني والعنصر البيولوجي. وقال: «أمام التغيرات المناخية يجب ان نكون حذرين من سلوك البشر لأن المسألة مسألة سلوكيات ويجب ايلاء أهمية اكبر للجانب البيولوجي». وشدد على دور الباحث في هذا المجال لأنه مطالب بإنارة السبيل حسب رأيه وتقدير ما هو موجود وكيفية توظيفه. وأشار الى ان العديد من الباحثين توصلوا الى نتائج هامة لكن لم يتم استغلالها كما ينبغي وتطبيقها يتطلب سنوات من الانتظار بينما الوقت يداهمنا. وأعطى كمثال النباتات التي يجب ان تتأقلم مع الملوحة والجفاف حيث تم انتاج نبتة تحافظ على أديم الارض وتتأقلم مع الجفاف وتهيئ الارضية للسنة التي تليها كما تنتج 50 طنا بدون استعمال الامونيتر. وأفاد ان هذه النبتة هي «السلة» وهي من الاعلاف الجيدة ويمكن تعويض 9 آلاف وحدة في الهكتار ب90 قنطارا للشعير. وحول أسباب تأخر استغلال البحوث العلمية أفاد انه توجد بعض الاشكاليات التي ينبغي تجاوزها للحفاظ على هرم الانتاج في تونس. وذكر السيد رفيق العابتي ممثل وزارة الفلاحة انه توجد بلدان بصدد تلويث المناخ ودول تحصل على اعتمادات دون أخرى وهذا يتطلب منا التفكير في كيفية حماية فلاحتنا من خلال سلوك واع من قبل المواطن وحكومة تتخذ الاجراءات اللازمة لاسيما منها تطبيق نظام الحذر واليقظة والحرص على تطبيق الاستراتيجيات التي تم وضعها للغرض. وعرّج السيد الطيب بالحاج على ملف استغلال الموارد الفلاحية من ماء وتربة ونباتات. وذكر انه يوجد حاليا ملف كبير محل دراسة ونظر يتعلق بالفلاحة المطرية لأنه توجد كميات هامة من الأمطار التي يجب استغلالها. كربون ثاني أوكسيد الكربون من العناصر المهمة على الارض وهو يكوّن الهيكل الكربوني لكل المركّبات الحيوية مثل الغليكوز (Glucose). وهو أيضا مكوّن أساسي ورئيسي في الخشب والفحم والبترول والأحماض النووية ومركّبات الطاقة. ويتراكم الكربون في النظم الأيكولوجية الغابية عن طريق امتصاص ثاني أوكسيد الكربون من الجوّ وتمثله في الكتلة الحيوية او يختزن الكربون في الكتلة الحيوية الحيّة بما في ذلك الاشجار القائمة والفروع والأوراق والجذور وفي الكتلة غير الحيّة والركام الخشبي ومواد التربة العضوية والمنتجات الغابية وأي نشاط يؤثر على حجم الكتلة الحيوية في الغطاء النباتي والتربة قادر على عزل او اطلاق الكربون من الجو وإليه. وتحتوي الغابات عموما على أكثر من نصف الكربون المتبقي في الغطاء النباتي البرّي وهو ما يمثّل حوالي 1200 مليار طن كربون ومن هذا المنطلق تم وضع 3 استراتيجيات لإدارة كربون الغابات وتتعلق الاستراتيجية الأولى بزيادة كمية او معدل تراكم الكربون وذلك عن طريق إنشاء او تعزيز أحواض الكربون (خزن الكربون) والثانية بمنع او خفض معدل اطلاق الكربون المثبّت بالفعل في أحواض الكربون القائمة (حفظ الكربون). وتتمثل الاستراتيجية الثالثة في خفض الطلب على الوقود الأحفوري عن طريق زيادة استخدام الاخشاب إما في منتجات خشبية معمّرة او كوقود حيوي. وتلعب الغابات اربعة أدوار رئيسية في تغيّر المناخ حيث تساهم في الوقت الراهن بنسبة تقارب السدس من انبعاثات الكربون العالمية عند إزالتها او الافراط في استخدامها او تعرّضها للتدهور. وتعتبر إزالة الغابات وتدهور حالها سببا ونتيجة في الوقت نفسه لتغيّر المناخ. وتمكنت تونس من الزيادة في المساحة الغابية بحوالي 100 هك بين عامي 2000 و2005 مما جعل مخزون الكربون بالغابات التونسية يتطوّر من 52 الى 56 مليون طن كربون. وعموما يحتاج ملف الفلاحة والتحوّلات المناخية الى الطرح على أكثر من مستوى نظرا لأهميته في هذا الوقت الراهن حيث أن كل البلدان تحاول الحفاظ على أمنها الغذائي.