تشارك الدكتورة رغدة الشربيني في أيام قرطاج المسرحية ضمن الوفد السوري، والدكتورة رغدة معروفة بمساهماتها النقدية ومتابعتها للشأن المسرحي والأدبي في العالم العربي سواء من خلال أبحاثها او التدريس في كلية الاعلام جامعة دمشق لسنوات طويلة. «الشروق» التقتها في هذا الحوار. تابعت مهرجانات مسرحية عديدة وتتابعين الآن مهرجان قرطاج كيف تقيّمين المشهد المسرحي في العالم العربي؟ تابعت مهرجانات عديدة من سوريا الى الاردن الى الجزائر... وشاركت في عدة مهرجانات سواء في المسرح او السينما ولاحظت ان صنّاع الفن الرابع يحاولون جاهدين صنع شيء مهم بالنسبة للوضع القائم لكن هم لا يوفّقون بشكل كبير لأن هذا كله يحتاج الى تمويل ويصبح هاجسه الوحيد هو التمويل وهذا يؤثر على الجانب الفني. رأيت بالنسبة للتجارب المسرحية المهمة ان تونس من البلدان التي صنعت تجربة مسرحية عريقة أحاول ان أقارنها وأضعها في مصاف بعض الدول فأرى أن سوريا هي الأقرب لها، لاحظت في تكريم الاستاذ أسعد فضة كيف كان مديرا ناجحا وحاول ان يستقطب كل صنّاع المسرح في الوطن العربي وخاصة السيد محمد ادريس مدير المهرجان ليستفيد من تجربته الابداعية. هذه التجارب الابداعية تصنعها المهرجانات العربية بشكل كبير وفعّال وحتى لو شاهدت عملا مسرحيا ولم يعجبني أقول يمكن ان أرى أفضل عندما ألتقي بصانع المسرح الذي يستفيد من الآخر ويشحذ فكره وعقله في اتجاه ان يصنع مسرحا معقولا ومسرحا يستطيع ان يعكس آلام الانسانية في العالم. أنت عملت على مدوّنات مسرحية ما هو الهاجس الذي يشغلك؟ أنا أرى ان الناقد يجب ان يكون متخصصا لا ان يكون مجرد اعلامي يصنع من النقد مجرد انطباعات، الانطباع الصحفي يؤثر على العرض المسرحي اذا لم يكن جادا واذا لم يضف للمخرج والفنان فهو اما ان يعرقل عمله. أنا درست دكتوراه في النقد الادبي عندما أرى أن الانطباع الاعلامي يتخطى الواقع العلمي النقدي فأنت تجهض تجارب مبدعين يعملون ليلا ونهارا من اجل تطوير المدوّنة المسرحية فأكون بانطباع بسيط نسفت جهد أشهر من العمل ولاحظت هذا في معظم الدول العربية، اذا لم يعجبني شخص أنتقده بطريقة انطباعية عاطفية أجرّح فيه وهذا لا يعطي مسرحا ولا يطوّر تجربة. ترين أن أحد أوجه مشاكل المسرح العربي النقد؟ نعم لأن النقد لا يوجد في رأيي بشكل عام في العالم العربي وأنا أقول هذا عن دراية بما يحدث ليس لدينا نقّادبالمعنى الصحيح الا قلة بسيطة جدا وأنا متابعة جيدة لما ينجز في هذا المجال. في المسرح العربي جيل جديد من المخرجين يجرّبون استعمال تقنيات الفيديو والتقنيات الرقمية الى غير ذلك من الاضافات التكنولوجية كيف ترين هذه التجارب؟ أحيانا يكون التجريب ضمن إطار التغريب أنا مع التجريب ومع استعمال تقنيات جديدة ومع التقنية بشكلها العالي والممتاز لكن أنا مع الموضوع والهمّ الانساني الذي يستطيع ان ينتشل مادة العمل المسرحي حتى يستطيع أن يعطي فرجة مسرحية للجمهور وان يعطيه فائدة وأن يمنحه رؤية متبصّرة ترى الاشياء عن بعد لأن المسرح كان دائما قائدا في كل بلد للشباب واليافعين حتى يستطيعوا ان يقدّموا شيئا أفضل على مستوى حياتهم الشخصية ومجتمعهم فالمسرح هو صانع كما هم صنّاع الفن الرابع. هناك ابتعاد الآن عن النصوص التأسيسية الكلاسيكية والحديثة وهناك توجه كامل نحو الكتابة الركحية، وهناك غياب شبه كامل للكاتب المسرحي ألم يؤثّر هذا على المسرح العربي؟ نعم هذا أثّر كثيرا وليست الظاهرة مقتصرة على المسرح فقط بل تشمل السينما ايضا. في السينما المخرج هو الكاتب بتعلة تفهمه للنص لكن الحقيقة هذا يضعف النص والنص يجب ان يكتبه متخصص والمخرج يجب ان يكون متخصصا في ميدان المسرح هذا كله يؤثر على العمل المسرحي إن لم يكن هناك نص جيد لا يمكن ان تصنع عملا جيدا فكيف يمكن ان يكون المخرج هو كاتب النص والممثل وهذا كله يضعف النص ولا يمكن ان يكون المخرج هو كل شيء. هروب الجمهور من المسرح وانتشار ثقافة الموت التي تبثّها الفضائيات العربية، ألا يهدد هذا بجدية حداثة المجتمعات العربية؟ الجمهور المسرحي عادة يأتي بدعوات خاصة يعني مجانا وطالما ان المتلقي لا يدفع في المسرح لا يمكن ان يكون هناك مسرح مقبول على أقل تقدير يجب ان يشعر المشاهد انه يدفع حتى يرى يعاني حتى يرى وليس مثل التلفزة التي يتابعها وهو مستلق على الاريكة حتى يستطيع ان يرى ما يشاء بكبسة زر أنا مع مسرح جاد وممتع ومقبول وهذا يتوقف على دعم الدولة ويجب ان يكون المخرج او الممثل في مستوى المسؤولية. كان هناك اعتماد على الترجمة في المسرح وفي نقل النصوص الى خشبة الواقع لكن أنا مع الكتابة الجديدة التي تتناسب مع الواقع العربي. التلفزيون كيف يمكن توظيفه؟ كنّا دائما نقول ان المحطات التلفزيونية يجب ان يكون فيها حيز ثقافي جاد وجدي ولكن لا أحد يسمعنا، البرامج السائدة هي البرامج الترفيهية البعيدة جدا عن اهتمامات الجمهور العربي ثم لا تنسى «الانترنات» التي من المفروض ان نهيئ أجيالنا على فهم آليات الاستفادة منها لا ان تتعامل معها بلا منهج. عندما تفكّرين في بداياتك ما هي نسبة الرضا عن النفس؟ لا أحد يرضى عن نفسه طالما هناك عمل وطالما هناك رمق من الحياة، عندما حصلت على الدكتوراه كان لي كتابان كتاب في المناظرات الخيالية في أدب المشرق والاندلس وهو مقارنة درست فيها الارهاصات الاولى للمسرح العربي اضافة الى المناظرات الخيالية التي درست تطورها من المشرق الى المغرب كيف عادت الى المشرق في القرن العاشر. كتاب آخر بعنوان «شاعرات الجاهلية» ودرست فيه النساء اللاتي كتبن شعرا في العصر الجاهلي وهذا ايضا تاريخ لم يكتب بعد كما قال الدكتور عزالدين اسماعيل في تقديمه للكتاب. عملت عضوا في رقابة النصوص المسرحية كيف ترين واقع الكتابة المسرحية؟ كنت عضوا في رقابة النصوص المسرحية ولاحظت ان المستوى عموما متدن الا بعض النصوص التي كنّا نحيلها على المسرح القومي حتى يستطيع إنتاجها فأحسست أنني عندما كنت عضوا في لجنة الرقابة ان ثقافتي بدأت تنحدر بسبب قراءة النصوص الضعيفة وأيضا كنت عضوا في لجنة أبي القاسم الشابي في تونس المخصصة للنص المسرحي وعندما قرأت النصوص المسرحية لم أستطع أن أكتب لهم الا أن النص لم يكن بالمستوى المطلوب، حللت نصا او اثنين والبقية اكتفيت بملاحظة دون المستوى وخطير جدا ان لا نجد في بلد الا ثلاثة او أربعة نصوص او ان يكون هناك كتّاب عزفوا عن المشاركة وفي هذا ايضا مشكلة.