تونس «الشروق»: حوار: نور الدين بالطيب محمود الأرناؤوط من أكبر الممثلين التونسيين الذين كانت لهم بصمة خاصة في كل الأعمال التي قدمها بدءا بالمسرح المدرسي والجامعي وصولا إلى حاضر بالنيابة» وفهمتلا و«كلام الليل» في حلقاتها العشر مع توفيق الجبالي وكمال التواتي ورؤوف بن عمر وبعد نجاح هذه التجربة ابتعد الأرناؤوط عن الركح. بمناسبة أيام قرطاج المسرحية التقت «الشروق» محمود الأرناؤوط الذي يدير أيضا قاعة المونديال التي أصبحت تجمع بين السينما والمسرح. كيف تبدو لك الآن تجربة «كلام الليل» بعد أن انتهت؟ تجربة «كلام الليل» كانت تجربة ناجحة جدا خاصة في حلقاتها الأولى وسر نجاحها أنها كانت موجهة للنخبة وللجمهور العادي إذ تحمل مستويين للخطاب لذلك أحبها الجمهور العادي لأنها تعبّر عما يفكر فيه ولا يستطيع البوح به من جهة وأحبها جمهور المسرح ونخبة المجتمع لأن فيها سقفا عاليا من الخطاب النقدي. وأعتقد أن سر قوة سلسلة «كلام الليل» هو النص الذي وصل به الجبالي إلى افاق جديدة لم يعتدها المسرح التونسي ولا العربي ثم طريقة تقطيع الجملة، فتوفيق الجبالي هو الذي كتب أغلب نصوص السلسلة باستثناء نصّين أعتقد أنهما لكمال التواتي وسعاد بن سليمان. ما هي طريقة العمل التي كنتم تعتمدونها؟ كنّا نبدأ بجلسات شبه يومية نتحدث فيها عن كل شيء إلا عن العمل الجديد وبعد لقاءات مطولة جوهرها الحميمية يقدم لنا توفيق الجبالي مجموعة كبيرة من النصوص ا لمقترحة ونبدأ العمل بتطوير النص وتعديله والإضافة إليه ثم نصعد إلى الركح وهذه العملية لا تأخذ منا وقتا طويلا لأن المختبر الحقيقي في «كلام الليل» هو النص. ولماذا توقفت التجربة؟ توقفت التجربة لسببين في الحلقة التاسعة بدأنا نتساءل وخاصة أنا عن مستقبل السلسلة وخاصة الخوف من السقوط في الرتابة والاستسهال والسبب الثاني هو مغادرة كمال التواتي وانسحابي لأسباب خاصة أفضّل أن لا أتحدث عنها الآن. ألا يعاودك الحنين إلى الركح؟ بالتأكيد نعم، لكن أنا لا يمكن أن أعمل مع أحد ما لم يكن هناك اندماج بيننا ثم أن لي مرارة كبيرة مع المسرح فقد انقطعت قبل العودة لمدة خمسة عشرة عاما بسبب لجنة التوجيه المسرحي التي رفضت لي مسرحيتين في سنتين متتاليتين رأس الغول و«الغول» ولكن عندما شاهدت مسرحية «مذكرات ديناصور» لتوفيق الجبالي أواخر الثمانينات عاد لي الحنين للركح والجمهور فكانت «حاضر بالنيابة» ثم «ويل» و«فهمتلا» وسلسلة «كلام الليل». هل هناك مسرحية تعتقد أنها ظلمت؟ نعم، مسرحية «فهمتلاّ» التي عرضناها في الشيلي ومصر ولبنان وسوريا وباريس لكن في تونس لم تعرض بالقدر الكافي واعتبرها شخصيا تجربة جديدة حتى في المسرح العالمي وهذا سرّ قوّة توفيق الجبالي الذي يملك «ضمار» خاص. هل تشاهد المسرح الآن؟ لا، مؤخرا شاهدت مسرحية «خمسون» لفاضل الجعايبي وأعتبرها عملا ممتازا. لماذا لا تشاهد المسرح التونسي؟ لسببين أولا لأني حاد المزاج وينتابني القلق بسهولة ويصعب ان اتحمل مشاهدة عرض لوقت طويل ثانيا لأني أكره «الكبّي» ومعظم المسرحيات التونسية غارقة في «الكبّي» وأنا ضحكي صعب جدا. كيف ترى المسرح التونسي اليوم؟ يمكن تلخيص المسرح التونسي في تجربتين مركزيتين فاضل الجعايبي وتوفيق الجبالي وكل التجارب الأخرى هي تنويع على التجربتين هناك أعمال مهمة لرجاء بن عمار ومنصف الصايم وعزالدين قنون لكن أنا أتحدّث عن التجربة ككل فهناك نسخ «فالصو» ومشوّهة من الجعايبي ومن الجبالي ومن فاضل الجزيري في مستوى التمثيل. ظاهرة الممثل الواحد في المسرح، كيف تفسّرها؟ شخصيا أعتقد أن من أصعب الاعمال هو ان تقدم مسرحية بمفردك ولا أحد يمكن ان يقدم على هذه التجربة ما لم يكن فعلا ممثلا كبيرا قادرا على ملء الركح وحاليا هذا اللون المسرحي لا يمكن ان يضيف شيئا للمسرح التونسي. حتى لمين النهدي؟ لمين النهدي ممثل كبير عندما يدار على الركح سفيان الشعري؟ لا رأي لي فيه قدّمت تجربة ناجحة في التلفزة قبل سنوات لماذا توقفت؟ أعتقد ان هذه التجربة كانت تحتاج الى مخرج مبدع وخلاّق حتى يعطيها شكلها الذي يجب ان تكون عليه وأعتبرها ناجحة رغم ان توفيق الجبالي مثلا الذي اعتبره مرجعا في «الضمار» لم يحبها وحاولنا خلال هذا الموسم تقديم مشروع مع عبد الحميد قياس وعبدالعزيز بن ملوكة كمنتج والأستاذ الشاذلي بن يونس ككاتب لكن التلفزة اعترضت على تكلفة الانتاج وأنا أتفهّم ظروفها لكن ربما خطئي انني لست منتجا ولا يمكن ان أكون. تجربة قاعة المونديال في شكلها الجديد، كيف ستكون؟ قاعة المونديال أصبحت الآن بعد التحويرات التقنية التي ادخلت عليها من أهم الفضاءات المسرحية الى جانب صبغتها السينمائية وهو أمر لم يكن ليتحقق لولا التقاء رغبة الأستاذ عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث مع رغبة الأستاذ الشاذلي بن يونس أحد أعضاء مجلس الإدارة في تمكين الفنان فاضل الجعايبي من فضاء للعروض والتمارين وتوفير مداخيل اضافية للقاعة تمكّنها من الاستمرار والمحافظة على صبغتها السينمائية وهو ما تحقق بدعم من الوزارة فالصيغة التي اخترناها مكّنت الجعايبي من فضاء مريح ومكّنت القاعة من موارد جديدة وجمهور آخر وهكذا كل الأطراف كانت راضية وهو ما أسعدنا جميعا ولابدّ ان يحسب هذا للسيد الوزير. إذن، القاعة ستكون للفاضل الجعايبي فقط؟ بالنسبة للمسرح هي على ذمة فاضل الجعايبي في التمارين والعروض ولكن اذا كان هناك من المسرحيين من له رغبة في العروض فيها هذا ممكن طالما لم يتعارض مع برمجة مجموعة فاميليا ويتم ذلك بالتنسيق مع المجموعة لأن مجموعة فاميليا متسوّغة للقاعة في جانبها المسرحي ولكن من الممكن برمجة عروض أخرى إن لم تتعارض مع برنامج الجعايبي كما قلت.