شخصية محورية في المشهد السياسي العراقي المتقلب المصبوغ بأمزجة وأهواء الطائفية والمذهبية التي تسير تحت غطاء الشرعية والوطنية. ذاع صيته فجأة وسطع نجمه في الداخل والخارج بعد أن دخل العملية السياسية وفقا لمعايير اللعبة التي رسمها الحاكم المدني والعسكري السابق للعراق بول بريمر. أكسبه تكوينه العسكري والديني قدرة عالية على الخطابة والاقناع والمحاججة، وأكسبته ملامحه احتراما نسبيا لدى العراقيين «وهيبة» صورية لدى القوى الغربية. ثابت احيانا ومتقلب احيانا اخرى بحسب ما تقتضيه قوانين اللعبة السياسية فهو من الذين صادقوا على دستور العراق الجديد على ما فيه من سلخ لهوية البلاد ومصادرة لقراره وانتقاصا من سيادته وهو من انتفض على بنود الدستور وتحديدا ما تعلق منها بقانون الانتخابات الذي صادق هو ذاته عليه واصبح واقعا يصعب تغييره. طارق الهاشمي الشخصية السنية الأبرز على الساحة العراقية بتناقضاتها السياسية والدينية والعرقية، يقف اليوم بعد فوات الأوان رافعا شعار حماية البلاد من التجزئة الطائفية ومنح الحق لكل عراقي في التصويت دون غبن للأقليات العرقية وللمهجرين قسرا الى الخارج تحت حراب الاحتلال والميليشيات الطائفية، وهو من قبل على نفسه تحت غطاء الوطنية الانخراط في اللعبة السياسية القذرة، فتدرج في المراتب واصبح رقما صعبا في معادلة التوزيع الطائفي فكان له ما أراد ليصبح نائب رئيس جمهورية السلطة المحلية في العراق المحتل. يملك من صلاحيات المنصب ما يمكنه من الفعل والتأثير لكنه لم يظهر منها الا ما هو شكلي، ثارت ثائرته على قانون الانتخابات في وقت وقف فيه صامتا ازاء اعدام قيادات النظام السابق وهو يدرك تماما الأبعاد الطائفية للأحكام ويعلم وهو نائب رئيس الجمهورية أن مسرحية المحاكمة كانت انتقاما وحقدا دفينا. القراءة السريعة لمسيرته السياسية تكشف فضائل وميزات كثيرة للرجل ولكنها لا تخفي ما يحمل من تناقضات وتقلبات في المواقف، وهي بحساب المصالح ومنطق، المعادلات السياسية الحالية-مفهومة ومبررة. تكوين طارق الهاشمي اقرب الى العسكري اكثر منه الى الديني والسياسي، فقد كان ضابطا في الجيش العراقي الذي انضم اليه عام 1962 وغادره عام 1975. هو ايضا سليل عائلة عراقة امتهنت السياسة فعلا وميراثا، فأخوال والده : الراحل ياسين الهاشمي : رئيس وزراء العراق لفترات متتالية في عام 1936، والراحل طه الهاشمي وزيرا للدفاع لفترات متلاحقة في عام 1941. يقال انه عمد الى التخلص من خصومه في الحزب الاسلامي ليعتلي امانته العامة ومن ثمة دخول العملية السياسية بثقل يؤهله لمنصب رفيع، وبالفعل بعد توليه امانة الحزب أقام تحالفات مع احزاب لم يكن في وقت ما يطمئن لها، وهي تحالفات ساعدته في النهاية الى نيل حصته في توزيع المناصب بالتزكية الطائفية فسر مراقبون اعتراضه على قانون الانتخابات (أول أمس) بأنه لا يخلو من حسابات المصلحة والنفوذ، وعلى الأرجح محاولة منه لتعزيز موقعه لدى المهجرين السنة. رغم انتمائه لحزب اسلامي سني، فان طارق الهاشمي دخل في مواجهة مع ما يمكن وصفه بالمرجعية السنية في العراق، اي هيئة علماء المسلمين برئاسة الشيخ حارث الضاري الذي زكته المقاومة العراقية ليكون ناطقا رسميا باسمها. نفوذ الهيئة وتأثير شيوخها ورموزها على المشهد السياسي في العراق، دفع طارق الهاشمي الى العمل على قص اجنحتها واتهمها بالطائفية وبالتشدد. وبغض النظر عن خلافاته مع هيئة علماء المسلمين، فالرجل يمكن وصفه ب «المقاول السياسي» بامتياز، يبني توجهاته على أساس المصلحة و التوازنات فقد سبق له ان حث على رحيل قوات الاحتلال، ثم عاد ليطالب ببقائها حتى تتمكن سلطة الحكم من بناء مؤسسات أمنية وسبق له ان شن حملة على الأجهزة الأمنية المتورطة في تعذيب المعتقلين ثم عاد ليكون جزءا من المؤسسة السياسية التي تتحمل المسؤولية عن اي انتهاكات عارض التيارات والتكتلات الشيعية، وبعض الكتل السنية، ثم تحالف معها. طموح الدكتور طارق الهاشمي قد يكون مشروعا اذا كان على أساس مصلحة العراق والعراقيين، لكن وبمنطق المعادلات الراهنة يبقى «مقاولا سياسيا» يوجه معاوله وأدواته بحساب منطق الربح والخسارة.