في رؤية جديدة للعمل المسرحي والتعامل مع النص والفضاء السينوغرافي عرضت مساء الاثنين 23 نوفمبر بالمركب الثقافي بالقيروان مسرحية «السيف والوردة» وهو أول عرض للجمهور. المسرحية من تأليف الشاعر محمد الغزي واخراج الفنان المسرحي حمادي الوهايبي ويشارك فيها كل من يوسف الصيداوي، فاتحة المهدوي، محمد القلعي، توفيق العيساوي، ماهر المحظي، سفيان السعودي وجميعهم ممثلون محترفون لكن لقاءهم بجمهور القيروان ليس متواترا. وتقدم المسرحية لحقبة تاريخية مصيرية من تاريخ العرب والمسلمين سلطت الضوء على منزلة العلماء وعلاقتهم بالبلاط الملكي ودورهم العلمي والسياسي والمحن التي واجهوها اضافة الى التطرق الى علاقة السلطان بالدين (الحركات الصوفية وعلماء الدين) وكيف يتحول اغضاب السلطان الى خروج عن الملة وهي تتناول سيرة الفيلسوف ابن رشد في علاقته بأمير دولة الموحدين الخليفة المنصور. المسرحية تطرقت الى عديد المسائل والقضايا ومنها المعاصرة عن دور العقل والتوسل به ومنزلة الحكمة في بلاط السلطان ولدى عامة الناس والتكالب على السلطة كما طرحت عديد التساؤلات على لسان أبي الوليد ابن رشد الذي لم يكن يعلم ان «السؤال والجرح أخوان». على مدار نحو ساعة من الزمن سافر الجمهور الذي كان حضوره أفضل من حضوره في أكبر العروض وسرح عقله ووجدانه بين الماضي والحاضر يتردد بين فترة تاريخية وعمل معاصر يجمع بينهما بلغة شعرية من قاموس الشاعر القيرواني حفيد الحصري وابن رشيق... الجمهور استمتع رغم بعض الاخلالات التقنية على مستوى التوزيع الموسيقي والإنارة والحضور الركحي بسبب تداخل حركة الممثلين على الركح مع حركة بعضهم الآخر خلف الستار الذي لم يكن ستارا. «رؤيا» جديدة «الشروق» التقت المخرج حمادي الوهايبي في ختام العرض للحديث عن المسرحية من حيث عناصر التجديد والاضافة الابداعية. وعن الخلل التقني أكد الوهايبي ان هناك مسائل خارجة عن نطاق فريق المسرحية بسبب غياب وحدات صوتية وضوئية عن القاعة التي تكلفت تهيئتها مؤخرا مليارا ونصف (؟). المسرحية تحدثت بلغة الفصحى (لسان العرب) وكانت غزيرة المعجم اللغوي والفني وبحسب الوهايبي فإنه من الصعب خلق فرجة مسرحية بالفصحى ومع ذلك تم تجاوز هذا بفضل الاخراج الجديد واعتماد تقنية سينمائية وتلفزية وخلق ايقاع جديد وأدوات جمالية وخفيفة من اجل رؤيا جديدة. معاناة المثقف قديما وحديثا وأضاف المسرحي حمادي الوهايبي ان المسرحية خرجت من اطار المسرح الاستهلاكي الى المسرح الجدي بأساليب حديثة تعتمد حكاية واضحة ولغة شاعرة وتجانس بين الادوات الاخراجية لابراز مكانة المثقف التي تعبر بحسب الوهايبي عن وضعية المثقف المعاصر الذي يجابه عديد الصعوبات والعقبات في حياته اليومية مع أكثر من طرف. وكان حمادي الوهايبي قد أكد على صفحة الفيسبوك ان «مسرحية السيف والوردة أرهقتني كثيرا فليس سهلا تناول ورقات من حياة فيلسوف مثل ابن رشد خاصة اذا ما انفتحت المسرحية على واقعنا اليوم وبصفة مخصوصة في علاقة المثقف بالسلطة. وبعد العرض الاول الذي أهداه فريق المسرحية لجمهور القيروان تتحول «السيف والوردة» يوم 5 ديسمبر الى دار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة... رحلة موفقة والعاقبة لبقية شركات الانتاج والجمعيات المسرحية التي تنظر حظها وتأمل الا تندبه.