تعمل الشركة التعاونية المركزية للبذور والمشاتل الممتازة (CCSPS) هذه الأيام بمعدل 24 ساعة على 24 لتحضير البذور الممتازة من القمح الصلب والقمح اللين والشعير التي زاد إقبال الفلاحين عليها في المدة الأخيرة... فيما تعمل التعاونية المركزية للبذور (COCSEM) بمعدل 16 ساعة على 24، وكلا الشركتين هما الوحيدتان في هذا المجال وتوفران يوميا ما بين 4 و5 الاف قنطار من البذور الممتازة يقع توزيعها على مزارعي الحبوب بمختلف جهات البلاد حسب الحاجة. ذلك ما ذكرته ل«الشروق» مصادر مطلعة من «ديوان الحبوب» بوزارة الفلاحة والموارد المائية بعد أن عبّر عدد من مزارعي الحبوب عن تذمرهم من عدم القدرة على الحصول على البذور الممتازة في المدة الأخيرة بعد انطلاق موسم البذر... وقال السيد يوسف ناجي المدير العام لديوان الحبوب إن الإقبال هذا الموسم على البذور الممتازة فاق التوقعات بعد أن وقف مزارعو الحبوب على أهمية هذا النوع من البذور وعلى نجاعته ومردوديته من حيث الإنتاج... مضيفا أن قطاع الحبوب في تونس أصبح يدير رقاب الفلاحين إليه بعد الإجراءات التشجيعية الرئاسية الكبرى التي شملته خصوصا على مستوى الترفيع في الأسعار عند الإنتاج والإبقاء عليها رغم تقلبات السوق العالمية. فقد بلغت الطلبات على البذور الممتازة هذ الموسم أكثر من 550 ألف قنطار في حين أن الكمية المبرمجة هي 350 ألف قنطار على أن ترتفع في الموسم القادم إلى 450 ألف قنطار، علما وأنها لم تتجاوز 170 ألف قنطار سنة 2007 و265 ألفا سنة 2008. طاقة على صعيد آخر، ذكر مسؤولون بديوان الحبوب أن توفير البذور الممتازة يخضع لطاقة الشركتين المكلفتين بإحضارها (فرز تكييف معالجة بالعقاقير تعبئة)... ولا يمكن بالتالي مطالبتهما بما يتجاوز طاقتهما وللإشارة فإن إنتاج البذور الممتازة يتم عبر عقود إنتاج مع فلاحين مختصين في تقنية «الإكثار».. حيث يقومون ببذرها في أراض خاصة ووفق تقنيات معينة ثم يقع تجميعها وفرزها ومعالجتها قبل تقديمها للفلاحين لبذرها مجددا وكل ذلك تحت إشراف وزارة الفلاحة.. وتوجد في تونس عدة أنواع من البذور الممتازة التي يقع توفيرها بهذه الطريقة وهي في القمح الصلب كريم وخيار ورزّاق وأم الربيع ونصر، وفي القمح اللين (الفارينة) أوتيك وصلامبو وحيدرة وبيرصة وفاڤا وفي الشعير ريحان ومنال... كلفة... ودعم يبلغ سعر بيع (للعموم) القنطار الواحد من البذور الممتازة في القمح الصلب 70د وفي القمح اللين 60د وفي الشعير والتريتيكال 55د... لكن هذه الأسعار لا تقابل التكلفة الحقيقية حيث تدعم الدولة البذور الممتازة بحوالي 8 مليارات ونصف (موسم 2009) إذ يبلغ هذا الدعم 25.400د / قنطار في القمح الصلب و20.600د / قنطار في القمح اللين و17.150د في الشعير.. وهذا ما يعني أن الدولة لا تشجع مزارع الحبوب فقط عند الإنتاج بل أيضا عند شراء البذور الممتازة بما حول زراعة الحبوب إلى زراعة «مربحة» بالمفهوم التجاري للكلمة وزاد في إقبال الفلاحين عليها حسب مسؤولي ديوان الحبوب وكان هذا الإقبال غير معهود في بداية الموسم الحالي. ممتازة وعادية رغم تفهم مسؤولي القطاع الفلاحي في تونس لرغبة مزارعي الحبوب في تطوير إنتاجهم من خلال الإقبال على البذور الممتازة، إلا أنه يجب التأكيد حسب ما صرّح به ل«الشروق» فنيون ومختصون بالإدارة العامة للإنتاج الفلاحي وديوان الحبوب أن البذور العادية التي يوفرها الفلاح من صابته الخاصة قادرة بدورها على توفير إنتاج جيّد عند توفير الظروف الملائمة لها.. وأضافوا أنه في كل الحالات فإن البذور الممتازة لا تمثل إلا جزءا صغيرا من الكمية الجملية للبذور التي يقع استعمالها سنويا في بلادنا والبالغة 3 ملايين قنطار، في حين أن كمية البذور الممتازة هي 350 ألف قنطار (10٪ من الكمية الجملية) لأنه حتى في أكثر الدول تقدّما في مجال زراعة الحبوب لا تمثل البذور الممتازة إلا نسبة معينة من جملة البذور المستعملة وهو ما على مزارعي الحبوب تفهمه... معايير إلى حدود الأسبوع الماضي، بلغ حجم الكميات المسلّمة للفلاحين من بذور ممتازة حوالي 290 ألف قنطار، في حين يتواصل هذه الأيام إحضار وتسليم الكمية المتبقية (60 ألف قنطار) للفلاحين وذلك إلى حدود 15 ديسمبر تاريخ انتهاء موسم البذر... وقال مسؤول بديوان الحبوب إن التسليم خضع ولا زال يخضع لمقاييس محددة لكل جهة وفق حصص مضبوطة حسب خصوصيات الجهة المناخية والجغرافية.. فمثلا تتمتع جهات الشمال بحصص أكثر من جهات الوسط... وحتى في الولاية نفسها فإن بعض المعتمديات تتمتع بحصص أوفر من غيرها... وأشار المتحدث إلى أنه لا يوجد فرق بين فلاح كبير وصغير في الحصول على البذور الممتازة بل يخضع الأمر إلى الأولوية حسب تاريخ المطالب إضافة إلى المعايير المحددة جهويا.. وأكد أنّ مشكل صغار الفلاحين هو تأخر مطالبهم إذ يتذكرون طلب البذور الممتازة في آخر وقت وأحيانا بعد انطلاق موسم البذر في حين أن كبار الفلاحين وشركات الاحياء يبرمجون طلباتهم مبكرا ومن الطبيعي أن يحصلوا على حاجتهم مبكرا وما على صغار الفلاحين إلا قراءة حساب لذلك في المواسم القادمة. مراجعة... أكّدت كل الأطراف المعنية بهذا المجال أنه يوجد وعي كبير بأهمية مزيد تطوير إنتاج البذور الممتازة رغم أن ذلك يتطلب إمكانات أكثر سواء على صعيد «الإكثار» أو التكييف والمعالجة.. إذ أن تكليف شركتين فقط بإنتاج البذور الممتازة لا يمكن أن يفي بالحاجة رغم ما تبذله الدولة من مجهودات لتشجيع إنتاج الحبوب وما تنفقه من دعم ولا بد من إكثار هذا النوع من الشركات إضافة إلى توسيع مساحات «الإكثار» حتى يرتفع نصيب البذور الممتازة في أراضينا إلى ما فوق 10٪ من جملة البذور المستعملة ويلبي كل الطلبات.