علياء القروي في الخامسة والثلاثين من العمر مهنتها قابلة بمستوصف قلعة الأندلس وهي من متساكني قنطرة بنزرت.. تزوجت قبل عام ونصف لتحمل طفلتها الأولى في ظروف صحية عادية، حيث كانت تباشر مراحل وظروف حملها طبيبة بالقطاع الخاص متخصصة في أمراض النساء والتوليد يقول زوجها: «لقد وجهت الطبيبة زوجتي إلى المستشفى وسلمتها رسالة موجهة لقسم التوليد لإتمام عملية الوضع بعملية قيصرية وفسرت من خلال الرسالة كيفية استحالة الوضع بصفة طبيعية لوجود موانع صحية ثابتة. حدث هذا منذ يوم 17 نوفمبر المنقضي ذهبت زوجتي للمستشفى إلا أن الطبيب الذي أشرف على عيادتها ذلك اليوم أعلمها أنه يمكنها الولادة طبيعيا ودون الحاجة للتدخل الجراحي عكس ما قررته طبيبتها المباشرة، وطلب منها العودة بعد 13 يوما كتاريخ أقصى لوضع حملها وفعلا عادت زوجتي إلى المنزل واتصلت من جديد بطبيبتها المباشرة فاستنكرت ما حدث واتصلت بدورها بالطبيب (بالمستشفى) وأبلغته مباشرة استحالة ولادة زوجتي طبيعيا واستحالة تأخير الوضع إلا أن طبيب المستشفى أصر على وجوب الوضع في التاريخ الذي حدده هو ولم يأخذ برأي طبيبة زوجتي المباشرة. قبلنا بالوضع لكن! يقول زوج الضحية: «لقد رضخنا لأمر طبيب المستشفى ودخلت زوجتي إلى قسم التوليد يوم 30 نوفمبر لكنها لم تخضع للولادة بل بقيت طيلة يومين تنتظر مخاضا لم يأت ومكنها الفريق الطبي من حقن وأدوية بغية تسهيل عملية الولادة الطبيعية ولكن زوجتي اتصلت بي هاتفيا وأبلغتني كيف أنها لم تجد أحدا يتابع حالتها بل واستنجدت بي في صبيحة الأربعاء 2 ديسمبر لتعلمني بتردي حالتها الصحية بسبب تلك الحقن المحفزة لعملية الولادة الطبيعية فهي قابلة وتدرك جيّدا تفاصيل كل ما يحدث مساء ذلك اليوم أدخلوها غرفة الولادة الطبيعية ثم تم نقلها لغرفة العمليات حيث خضعت لعملية ولادة قيصرية». ولادة وبعد! تقول أسرة الضحية إنه وحوالي الساعة السادسة من مساء ذلك اليوم التقوا سيدة حاملا كانت بالبهو تستلم أدباشا من أقاربها وذلك ببهو القسم بمستشفى محمود الماطري وأبلغتهم أن ابنتهم متواجدة بالغرفة العادية إلا أنها مرهقة لكن في حدود الساعة التاسعة والنصف ليلا اتصلت سيدة كانت تجاورها بالفراش بنفس الغرفة وأعلمتهم بتعكر حالة ابنتهم الصحية ثم عاودت الاتصال ليلا وطلبت منهم القدوم وأبلغتهم أنها شاهدت علياء والدماء تنزف منها بغزارة وأن حياتها في خطر لم نجد أحدا ليرشدنا ما عدا عون حراسة أمرنا بالمغادرة وعدم التواجد بالبهو الخارجي للمستشفى هكذا تحدثت أسرة الضحية لتضيف: «بقينا على نار إلى حدود الحادية عشرة ليلا شاهدنا خلالها سيارة إسعاف تدخل المستشفى علمنا فيما بعد أنها جلبت الدماء لعلياء وبقينا إلى حدود منتصف الليل والنصف بباب المستشفى الخارجي ابنتنا تحتضر ولم نتمكن من رؤيتها أو الدخول رغم كل المحاولات التي بذلناها فعدنا أدراجنا ورجعنا مجددا في الصباح حوالي السابعة.. عانينا مجددا من عدم علم أي كان بما حدث في تلك الليلة.. تهنا بين الممرات ترجينا الموجودين حتى كان أحدهم عونا شبه طبي شاهدناه يدخل القسم فترجيناه أن يمدنا بمعلومة ليس إلا لنعرف حال علياء... وفعلا عاد إلينا بعد فترة ليعلمنا بأنها ماتت نعم فارقت الحياة قبل ساعات لكن لا أحد أخبرنا.. لا أحد استمع إلى نيران مشاعرنا ونحن نقف في الشارع لساعات بحثا عن معلومة واحدة ليس إلا.. شهادة الوفاة المسلمة من المستشفى تؤكد أن علياء ماتت حوالي الثانية والنصف من فجر يوم الخميس 3 ديسمبر هكذا ردد أفراد أسرة القتيلة وشقيق زوجها الذي تقدم نيابة عن العائلة بشكاية لتحديد أسباب الوفاة يقول السيد يوسف الجريدي: «كل تفاصيل القضية تحمل بين ثناياها غموضا... فهل يعقل أن يهمل طبيب المستشفى رسالة الطبيبة المباشرة لحالة علياء؟ فلماذا إذا كانت تعاينها طيلة الأشهر التسعة؟ وكيف تترك 13 يوما بعد التاريخ الذي حددته طبيبتها المباشرة ومن ثم يومين كاملين للحصول على ولادة طبيعية هي في الأصل مستحيلة لوجود موانع ذكرتها الطبيبة في الرسالة التي وجهتها للمستشفى منذ يوم 17 نوفمبر؟ هذا دون اعتبار ما حدث بعد أن تم الإذن من طرف وكالة الجمهورية بأريانة بتشريح جثة علياء لمعرفة أسباب النزيف والظروف التي رافقت عملية الولادة لقد رفض المستشفى تمكين مخبر الطب الشرعي من ملف علياء. سندنا الوحيد رحيل علياء لم يخلّف زوجا أرملا ورضيعة يتيمة في ساعتها الأولى للحياة فحسب بل تركت خلفها عائلة أخرى كانت هي سندها في الحياة هكذا أكدت عائلة القروي فعلياء هي الكفيلة الوحيدة لشقيقها المعوق ولوالدتها المكفوفة ولوالدها المصاب بأمراض مزمنة.. رحلت لتخلف ألما كبيرا وحيرة أكبر. وعلمت «الشروق» أن الأبحاث متواصلة لتحديد الظروف التي هلكت فيها علياء إن كان هناك فعلا إهمال أو تقصير كما علمت أن وزارة الصحة العمومية فتحت بدورها بحثا لمعرفة كل خفايا الواقعة. ملف مصرع القابلة علياء مفتوح إلى حين انتهاء الأبحاث لتحديد المسؤولية وسماع شهادة الشهود، طبيبتها الخاصة وطبيب المستشفى في انتظار صدور تقرير الطبيب الشرعي لتحديد السبب الحقيقي للوفاة وأسباب ذاك النزيف الحاد الذي أودى بحياتها.