قدم المدرب لوكا بيروزوفيتش الى النادي الصفاقسي حاملا صفة المنقذ وتأشيرة الخروج من الازمة الحانقة لهيئة زلزلتها الانقسامات مما جعل الفريق يضيع بوصلته ويقترب من الغرق بعد سلسلة نتائج سلبية بقيادة الفني الجزائري، عز الدين آيت جودي... لكن لوكا مازال كمن يمشي على رمال متحركة فالنتائج تراجعت في الآونة الاخيرة وعاد التصدع ليطل برأسه على دفة التسيير... فيما يهدد غياب الانضباط علاقة بعض اللاعبين ببعضهم البعض... كل هذه المحاور وأكثر كانت النقاط الاساسية في سياق هذا الحوار مع المدرب الكرواتي البلجيكي: هل أنت راض عن النتائج التي حققتها الى حد الآن مع الفريق؟ بالمحصلة يمكن أن أعتبر النتائج التي تحققت الى حد الآن مرضية للجميع، فقد لعبت 5 مباريات في البطولة جمعت خلالها 11 نقطة من جملة 15 وسجلنا 7 أهداف وتعادلنا في مباراتين واحدة منها في ظروف خاصة جدا... ولا يجب أن ننسى أنني عانيت في البداية من بعض الغيابات المؤثرة في صلب الفريق بسبب الاصابات مثل الرطولي وأوروك وغياب سبعة عناصر آخرين بسبب العقوبة مما صعّب مهمتنا في البداية ولكن إجمالا لم نكن ننتظر أفضل من ذلك. إذا أنت تنضمّ الى قافلة من يضعون التحكيم التونسي في قفص الاتهام؟ أنا لا أتهم الحكم التونسي، لكن أحمّل الحكم نتيجة التعادل التي فرضت علينا وهنا عليه أن يتحمّل مسؤوليته كاملة، أنا لا أريد أن أخوض كثيرا في موضوع التحكيم لكن أخطاء مثل تلك التي وقعت في مباراتنا ضد نادي حمام الأنف تجعلك تتكلم عن التحكيم. النادي الصفاقسي عادة ما يقدم كرة قدم جميلة، لكنه لا ينجح في الفوز بالالقاب دائما، بالنسبة لكم أيهما الافضل؟ بالنسبة لي شخصيا سأحاول الجمع بين الامرين، أن تقدم كرة جميلة فذلك لن يشفع لك أمام جمهور تحركه العاطفة ويبحث عن الانجازات الملموسة قبل كل شيء، وهذا ما لاحظته في الجمهور التونسي، فهو انطباعي فهو يتفاعل مع النصر أو الهزيمة بعاطفة مفرطة، فيضخم الفوز ويهوّل الخسارة ومن دون داع... لكن فوزك بالالقاب يجب أن يمر عبر قدرتك على تقديم عروض لان كرة القدم فرجة وعرض قبل كل شيء والالقاب تكون نتيجة طبيعية للمستوى الرفيع وهو ما يحصل مع برشلونة الآن. ما هي طموحاتكم المعلنة، لهذا الموسم، خاصة وأن الفريق يلعب على العديد من الواجهات؟ هدفنا الاول، على المدى القريب هو كأس شمال افريقيا، ثم سنحاول الفوز بأكبر عدد ممكن من الالقاب ويبقى ذلك طموحا مشروعا بالنسبة لنا، فنحن ننافس على لقبي الكأس والبطولة وسندخل مغامرة افريقية ومن لم تكن له القدرة على التحدي لا يمكنه أن ينجح. لكن مردودكم شهد بعض التراجع، بماذا تفسرون ذلك؟ هذا أمر طبيعي للغاية ولا يجب أن نهوّل الامور نتيجة للتعادلين الاخيرين، فمن غير المنطقي أن تحقق دوما الانتصار دون أن تتعرض الى التعادل أو الخسارة وتلك هي أحكام كرة القدم فهذه اللعبة تخضع لهذه النتائج الثلاث وعلينا تقبّلها ولكن علينا البحث أولا عن سبل تطوير مستوانا والنتائج ستأتي تدريجيا. هل بإمكانكم الالتحاق بركب الطليعة في البطولة؟ سبع نقاط فارق بيننا وبين المتصدر الترجي، والحقيقة التي يجب أن نكشف عنها أن العودة في المنافسة ستكون صعبة ضد الترجي الذي أبان عن مستوى عال هذا الموسم، نحن مطالبين بإصلاح أشياء عديدة ولكن فما يحسب لنا أننا سنستقبل الترجي والافريقي في الاياب، وستكون مرحلة الاياب سهلة نسبيا بالنسبة لنا. النادي الصفاقسي مختص في «المسافات القصيرة» للفوز بالالقاب، في حين أن البطولة تتطلب نفسا طويلا، فهل بإمكانكم المواصلة في سباق البطولة؟ هذا الامر يتطلب رصيدا بشريا ثريا بالنسبة لفريقنا كمّا وكيفا ونحن نحاول إيجاد الحلول في بعض المراكز لأنه لا يمكنك المنافسة على جميع المستويات بمجموعة محدودة من اللاعبين أمام كثرة الإلتزامات. إذا هناك تعزيزات قادمة، وهناك قائمة تستعد للمغادرة علمنا أنها ستضم 7 لاعبين؟ التعزيزات أمر ضروري وعلي أن أعترف أن فريقنا بحاجة الى إضافة لاعبين آخرين للمجموعة لكن ذلك ليس ممكنا في جميع الحالات ويتطلب إمكانيات مادية كبيرة ولا يمكن أن نفرض ذلك على الإدارة وشخصيا أعتبر أن الأمور المتعلقة بتدعيم الفريق تكون من مشمولات الإدارة في حين أن قائمة المغادرين لم تتوضح بعد لأنه أمامنا منافسات كأس إتحاد شمال إفريقيا والجولة الأخيرة في البطولة ثم ندخل فترة راحة سنحدد خلالها خياراتنا وأهدافنا . هناك «حرب باردة» بين «نجمي» الفريق، النفطي وزعيم ويقال أنك «تنتصر» دائما للنفطي، ما تعليقك؟ أنا بحاجة الى توضيح هذه النقطة بالذات، النفطي وزعيم يمتلكان الفنيات والموهبة ويبرز ذلك من خلال لمسة خاصة بهما للكرة تميزهما عن بقية اللاعبين لكن رغم ذلك فأنا لا أعترف بنجومية أحد في الفريق لأن مصلحة المجموعة فوق كل اعتبار وهو ما فرض علينا إشراك هذا الثنائي جنبا الى جنب رغم إنتقادات الجميع... بالنسبة لي لا أميز أحدا على أحد بين اللاعبين وأتعامل معهما بنفس الطريقة ولا أميز أحد على أحد بل بالعكس، لو إتهموني بتفضيل كمال زعيم لكان أفضل... (يقول هذا مبتسما). بين زعيم ودومينيك وبين ومحمود بن صالح وكريم بن عمر؟ نعم عانينا من هذه المشكلة في البداية ولكن الإدارة قامت بوقفة حازمة وهذا يحسب لها وهنا أريد أن أوضح أن ما حصل كانت حادثة عابرة ولا يمكن تعميمها لأن الأجواء بصفة عامة مشجعة داخل فريقنا ولن نسمح مستقبلا بحصول مثل هذه الأشياء التي تؤثر في الجو العام وقد أوقفنا هذا التيار لأن مصلحة الفريق تبقى فوق كل إعتبار ويجب علينا مراعاة ذلك. إلحاقكم لأسماء شابة عديدة بالفريق الأول (معلول، بن صالح، يوسوفو) ، لا يعكس نيتكم اللعب على الألقاب كما قلت؟ هذه الأسماء التي قمنا بإلحاقها بالمجموعة هي من إنتاج مركز تكوين الشبان للفريق ونحن نلتزم بهذه العادة المتمثلة في التشبيب وأعتقد أن هذه هي سياسة الفريق منذ فترة طويلة وشخصيا أرغب أولا في تكوين فريق قوي بالاعتماد على المواهب الشابة للفريق وإذا ما كانت نسبة تطور هذه الأسماء كبيرة فذلك سيضمن لنا المنافسة على الألقاب مستقبلا أعلم أن الموازنة بين النهجين يبقى صعبا ليكن التتويجات ستكون نتيجة طبيعية للعمل القاعدي. الرئيس المنصف السلامي أعلن نيته عدم المواصلة في نهاية الموسم، هل تعتقد أن وضعيتك ستتغير مع الفريق، إذا ما حصل هذا؟ شخصيا ليس لي علم بهذا الموضوع ولا أعتقد أنه سيؤثر في عقدي مع النادي الصفاقسي، فعقدي ملتزم به مع الفريق والمنصف السلامي هو رئيس الفريق حاليا وإذا ما غادر سأواصل العمل مع فريقي ومع أي إدارة أخرى تمسك بدواليب الفريق أنا لا أهتم لمثل هذه الأمور الإدارية أركز فقط على عملي وعلى كرة القدم أفهم من ذلك أن علاقتك محدودة بإدارة الفريق وتتميز بالفتور؟ ليس فتورا أو برودا ولكننا نتعامل في نطاق الاحترام المتبادل وكل منا يعرف حدود مسؤولياته وواجباته وهذا هو المهم في الوقت الحالي. النادي الصفاقسي يتميز بعدم الاستقرار على مستوى الإطار، ألا تعتقد أنك ستواجه نفس مصير آيت جودي في حالة تواصل غياب الانتصارات؟ بصراحة أعتقد ذلك من الممكن أن يحصل في فريق النادي وكل الفرق التي تتعامل وفق تقاليد النتائج الظرفية والراهنة ولكنني سأحاول مواصلة العمل بكل جدية لأنني أحترم عقدي وأحترم فريقي وأنا مدرب محترف قبل كل شيء وعلي تقبل كل الوضعيات وهذا هو الواقع ولسنا في إنقلترا أو في فرنسا ولست فرغسون الذي ضل الطريق في البداية مع مانشستر وسبق أن هزم بخماسية لكنه واصل العمل ولقد رأيتم النتيجة. تنتظركم مواجهة صعبة ضد الترجي في الكأس كيف ترون حظوظكم؟ حظوظنا وافرة مثل الترجي فأنا لا أخشى هذا الفريق ولا أعرفه.... رغم تصدره البطولة وبالنسبة لي هو فريق في نفس مستوى فريقنا وسنستعد لها مثل باقي المباريات الأخرى رغم أن أحكام الكأس مختلفة ولكن ما يخدم مصلحة الترجي أنه يلعب على أرضه وأمام جمهوره. من هم اللاعبون الذين لفتوا إنتباهك في البطولة التونسية؟ ليس لدي فكرة على جميع اللاعبين في تونس وأعتقد أن مستوى جميع اللاعبين متقارب لكن هناك لاعبا وحيدا لفت إنتباهي بفنياته وهو أسامة الدراجي، وأعتبره الأفضل حاليا وعليه بالمزيد من العمل للتطور ولا يمكن أن نتحدث عن لاعب في سن 22 سنة. هل هناك لاعبين في النادي الصفاقسي يستحقون المنتخب؟ هذه الأمور تتجاوزني في حقيقة الأمر وهي من مشمولات المدرب فوزي البنزرتي لكن أريد أن أشير إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون دائما أفضل لاعب في المنتخب والجميع يتذكر حكاية إيريك كونتونا مع المنتخب الفرنسي في كأس العالم 1998 حيث لم يوجه له الدعوة المدرب إيمي جاكي رغم نجوميته وفنياته إذا لا مجال للعاطفة هنا والمقياس الوحيد هو العمل والجدية والقدرة على الإفادة، ولا يمكن أن نختار دائما الأفضل للمنتخب بل نختار العناصر التي تتجانس لبناء مجموعة متكاملة. لو نقارن بين الكرة التونسية والكرة الخليجية ما هو الفرق بينهما؟ ما يميز الكرة في الخليج هي توفر الامكانيات اللازمة وخاصة البنية التحتية الى جانب الاعتماد على اللاعبين الأجانب لتطوير المستوى أما الكرة التونسية فهي تعاني من قدرة المواهب ومن غياب الإمكانيات المادية لتطوير البنية التحتية في حين أن اللاعب التونسي يعاني من «قلة الصبر» والرغبة في بلوغ النجومية بسرعة على حساب العمل القاعدي والتكوين الصحيح. أنت كرواتي بلجيكي فهل نتحدث عن المنتخب الكرواتي أم المنتخب البلجيكي؟ أنا أحمل الجنسيتين لكنني أعتبر نفسي أنتمي للمنتخب الكرواتي وقد أصبت بخيبة كبيرة بسبب غيابنا عن كأس العالم ورغم وجود نجوم مثل بيليفتش وو أوليتش وإيدواردوسيلفا، لكن السبب في ذلك في إعتقادي هو قلة خبرة المدرب بيليتش، فأنا دربته وأعتقد أنه يحتاج الى الخبرة اللازمة لكي يتمكن من قيادة المنتخب. نترك لك حرية إختيار كلمة الختام؟ أشكر جريدتكم على هذه الإستضافة وأريد أن أطلب الدعم والمساندة من جمهور النادي الصفاقسي لنا في كل الأوقات لأننا في حاجة إلى كل واحد منهم.