المنستير: تراجع حوادث المرور خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي    توننداكس يعكس اتجاهه ويفقد 0،1 بالمائة في إقفال الخميس    ترامب: طلبت من "المجنون" ماسك ترك منصبه    رولان غاروس: آرينا سابالينكا تجرّد ايغا شفيونتيك من اللقب.. وتبلغ الدور النهائي    وزارة الصحة: إنجاز تقنية متقدمة لعلاج سرطانات البطن بمستشفى الرابطة    حجاج بيت الله يفيضون من عرفات إلى مزدلفة    التمديد في الاحتفاظ بمراد الزغيدي لمدّة 4 أشهر    رئيس الدولة يتبادل تهاني العيد مع نظيريه الجزائري والايراني    العاصمة الإيطالية روما تحتضن معرض "مانيا ماتر من روما إلى زاما"    وسط تشنج ومناوشات بين الباعة والمستهلكين.. ارتفاع كبير في اسعار الاضاحي بصفاقس    عاجل/ العثور على جثة شاب عشريني داخل جابية    هل ''الكعابر'' تحت أذن الخروف تبطل الأضحية؟    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    عاجل: بلدية تونس تُطلق حملة نظافة خاصة بعيد الأضحى    صورة اليوم… إكتظاط أمام محلات بيع اللحوم الحمراء بباجة بسبب غلاء أسعار العلوش [صورة]    وزارة الصحة تعلن عن تعزيز النظام الصحي بولاية حندوبة باطباء وتجهيزات جديدة    ثورة طبية جديدة.. تقنية مبتكرة لإزالة جلطات الدم بفعالية مذهلة    المتاحف والمعالم التاريخية تفتح أبوابها مجانًا للتونسيين والمقيمين هذا السبت    بوسالم.. يضرم النار في جسد طليقته امام مركز البريد    القيروان: وفاة شخصين وإصابة 20 آخرين في حادث انزلاق شاحنة خفيفة بحاجب العيون    الحمامات.. حجز 320 كغ من لحم الضأن    المنظمة الفلاحية تدعو إلى تعديل سعر قبول البطاطا الفصلية ب1350 مي/ كغ كحدّ أدنى    تقدم موسم تجميع الحبوب لصابة 2025: حوالي 827 ألف قنطار إلى غاية 3 جوان 2025    انطلاق بطولات كرة اليد للموسم الرياضي 2025-2026: مواعيد جديدة وتنظيم محكم لكافة الأصناف    ارتداء حزام الأمان الذي يقي من 50% من الإصابات القاتلة    عاجل/ المتّهم بقتل هشام الميراوي يمثل أمام القضاء الفرنسي (تفاصيل)    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    كأس العالم للأندية: البرنامج الكامل لمواجهات دور المجموعات    ما بعد ركن عرفة: بداية أيام التشريق واستعدادات التونسيين لرمي الجمرات    تونس- المغرب : تاريخ حافل بالإثارة والتشويق وأفضلية مغربية في آخر 5 مواجهات    وزير خارجية بلجيكا: حصار إسرائيل لغزة "فضيحة مطلقة"    دخول قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة محملة ب 1039 طنا    استعدادا لبطولة العالم (بولونيا 2025): المنتخب التونسي للاواسط لكرة اليد يواصل تحضيراته بمدينة الحمامات    عاجل: الإفراج عن 462 سجينًا بمناسبة عيد الأضحى    هل السخانة أثّرت على حجاج تونس في عرفة؟ المنسّق الصحي يطمئن العائلات    القصرين: حملات تلقيح الأغنام والأبقار فرصة لتحيين المعطيات وتحديث الأهداف للسنوات المقبلة    وزير الفلاحة يفتتح موسم الحصاد بزغوان    جورجينيو يودع آرسنال من أجل كأس العالم للأندية !    مدنين: إحباط تهريب هواتف بقيمة تفوق 690 مليون وفتح تحقيق أمني عاجل    عاجل/ أمطار منتظرة عشية اليوم بهذه الولايات..    مشهد مهيب.. الحجاج على جبل عرفة (فيديو وصور)    إقبال قياسي على لحوم الدواجن في عيد الأضحى بتونس    عاجل/ إيقاف عشرات الحجاح يحاولون التسلل إلى مكة سيرا على الأقدام عبر الصحراء..!    المنتخب البرتغالي يتأهل لنهائي رابطة الأمم الأوروبية بثنائية في مرمى نظيره الألماني    بطولة انقلترا: تشلسي يحسم صفقة مهاجم إيبسويتش تاون ديلاب    عمره عامان.. وفاة رضيع بعد أسابيع من التعذيب على يد جديه    بينها 4 بلدان عربية: ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا لأميركا    على عرفات: ضيوف الرحمن يؤدون ركن الحج الأعظم    كسوة الكعبة..أغلى كسوة فى العالم تصنع من الذهب الخالص والفضة والحرير..وهذه تكلفتها..    "لسان بايدن" تنقلب عليه لتكشف عن فضيحة    رئيس الجمهورية: لا مجال للتفريط في مؤسّساتنا ومنشآتنا العمومية، وسيتمّ تحميل المسؤولية القانونية كاملة لمن خرّبها    في يوم عرفة: الصحة السعودية تؤكد على الحجاج استخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    تظاهرة "لنقرأ 100 كتاب" للتشجيع على المطالعة والاحتفاء بالكتاب والكتابة    طليقة احمد السقا تخرج عن صمتها لأول مرة    بمناسبة عيد الأضحى.. تعرف على الطريقة الصحية لتناول اللحوم لمرضى السمنة والسكري..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محطة: «نهر سيشوان» ثلاث قصص صينية في كتاب: الاحتفاء بالطبيعة والطقوس العريقة
نشر في الشروق يوم 23 - 12 - 2009


بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي
يبدو أن الكاتبات الثلاث اللواتي اختارت قصصهن المترجمة المغربية الزهرة رميح أنهن لسن منشقات وليس بينهن من ذهبت إلى الغرب هاربة من النظام السياسي في بلدها، كلهن يعشن في الصين ويمارسن حياتهن وفقا للتقاليد الأدبية المعمول بها في هذا البلد العريق الراسخ الحضارة الفارض لحضوره اقتصاديا وبنمو مطرد لم يعرفه شعب غير الشعب الصيني المثابر.
ورغم أن الكثيرين لا يحبذون ترجمة أي عمل أدبي عن طريق لغة وسيطة أو ما يسميه البعض ب(العنعنة) فإن اللغة الصينية من النادر أن نجد مترجمين عربا ينقلون عنها مباشرة نصوصا أدبية معروفة.
أنجزت الزهرة رميح ترجمة هذه القصص عن اللغة الفرنسية ولذا تكتب في تقديمها الوافي لهذه الترجمة واصفة عملها بنقل القصص عن طريق لغة وسيطة بالمغامرة ولكن لهذه المغامرة دوافعها وما شدّها لهذه القصص هو (مفاجأتها بالصورة التي رسمتها تلك النصوص للمرأة الصينية) لأنها رأت هذه الصورة (صادمة ومغايرة لما كان سائدا بخصوص وضعية المرأة في الصين الاشتراكية حيث كانت هذه المرأة تشكل بالنسبة إلى جيلي السبعيني النموذج الذي نطمح أن نكون عليه نحن نساء اليسار المغربي لما يمثله من تحرر فكري وإسهام بنّاء في تطوير المجتمع بعيدا عن النظرة الدونية للمرأة) ثم تؤكد بأن هدفها هو (اشراك القراء في سقوط هذا الوهم) لكن الهدف الثاني الذي ذهبت إليه هو رغبتها في (اشراك القارئ العربي متعة التعرف على نوع جديد من الأدب له مذاق خاص).
وأعتقد أن الهدف الثاني كان مهما جدا بالنسبة لمن قرأوا القصص الثلاث وقد علقت في ذاكرتهم شخصيات نسائية مرت بهم أثناء قراءاتهم في ستينات وسبعينات القرن الماضي للأدب الصيني، حيث النساء بلا أنوثة، مقصوصات الشعر، يرتدين ثياب العمال، ويمارسن كل الأعمال الشاقة، وأحاديثهن جافة مليئة بالشعارات.
لقد ذهبت تلك المرأة وجاءت نساء أخريات يمارسن انسانيتهن كاملة، في الأناقة والجنس واختيار العمل. نساء من لحم ودم ومشاعر، لأن القفزة الصناعية التي عرفتها الصين انعكست على حياة الناس.
لقد استوقفتني بشكل خاص في الكتاب القصة الطويلة التي حملت عنوان «شجرتان مزهرتان» وهي التي استحوذت على معظم صفحات الكتاب، وكان بإمكان المترجمة أن تكتفي بها وحدها، ولكنها مع هذا وعلى طريقة الزيادة في الحيز ضمّت لها قصتين أخريين أولاهما أعطت اسمها للكتاب «نهر سيشوان».
مؤلفة القصة الطويلة اسمها «لي مي» والمترجمة لا تعرف عن الكاتبات الثلاث إلا كونهن ينتمين إلى كاتبات عقد التسعينات من القرن الماضي.
ولعلّ أجمل ما في هذه القصص مناخاتها بكل ما فيها من تفاصيل وعادات.
فقصة «نهر سيشوان» تدور أحداثها في قرية يمارس سكانها صيد السمك إضافة إلى ممارستهم الزراعة، وفي طقوس القرية صيد الأسماك الدامعة التي لا تتم إلا مرة في العام وفي ساعات معينة من الليل قبيل انبلاج الفجر، وكان الناس يتفاءلون بصيد هذه الأسماك ولذا يهيؤون لها أحواضا مليئة بالماء يضعونها فيه لتبقى حيّة، ثم يعيدونها للنهر فجر اليوم التالي. كان صيدها علامة الحظ السعيد. وفي القصة شخصية العجوز «جي كسي» التي كانت أجمل نساء القرية، ولكن الرجال كانوا يخشون الاقتران بها لجمالها اللافت، وظلت هكذا حتى تحولت إلى عجوز وحيدة بعد أن عاشت تجربة جسدية مع «هو المعرفة» ، ولكنه مع هذا لم يتزوج بها بل بأخرى، ثم مات مخلفا ولدا جاءها يتوسلها لأن تولّد زوجته في ليلة صيد الأسماك الدامعة.
ولم تستطع إلا أن تمتثل لما أراده هذا الفتى المتوسل الذي كان من المفروض أن يكون ابنها هي.
أما القصة الطويلة «شجرتان مزهرتان» للكاتبة «لي مي» فهي عن توأم بعد ولادتهما ماتت أمهما فدفنت في تلّة خارج القرية، وزرعت شجرتان عند رأسها. سمّيت الأولى «كريز نتيم» والثانية «كابوسين» وكانت الأولى أقل جمالا من الثانية.
تداري الأولى قلة جمالها عن أختها بالتعلم في حين تتوقف الجميلة عن الدراسة، تتألق الأولى وتتعلم وتقرأ وتحقق لها وضعا اجتماعيا وعاطفيا من خلال علاقتها مع رئيس القرية الذي كان هو الآخر محبا للأدب وله تجربة روائية مخطوطة، وقد جعلت جاذبيتها الثقافية وقوة شخصيتها رئيس القرية يتردد على المدرسة التي تدرس فيها بحجة لعب الشطرنج مع مديرها، ولو لم يكن متزوجا وله أبناء لاقترن بها.
أما الأخت الجميلة كريز نتيم فجهلها واعتمادها على جمالها جعلاها تتخبط وأقامت علاقة مع رجل ثري يمتلك متجرا وتميزه دراجته البخارية التي يتنقل بها، وكان متزوجا وله أبناء فتقيم معه علاقة جسدية كما أقامت أختها هي الأخرى علاقة جنسية كاملة مع رئيس القرية وقبلهما العجوز «جي كسي» في صباهما.
وتنتهي حياة كريز نتيم بسكب النفط على جسمها وعلى متجر عشيقها فتكون النهاية مأساوية باشعال حريق هائل لأنه رفض تقديم مبلغ مالي لها لتبدأ به مشروعا تجاريا تعويضا لها.
ان هذه العلاقات الجسدية التي بدأت القصة الصينية تتحدث عنها وهي خارج العلاقة الرسمية هي أمور جديدة وربما كانت من افرازات تطور المجتمع الصيني والرفاه الاقتصادي الذي بدأ يعرفه، وهو ما فاجأ المترجمة التي كانت لها نظرة مغايرة لهذه المرأة.
وأذكر هنا ان سيمون دي بوفوار تحدثت في كتابها «الجنس الآخر» ان المرأة الصينية قبل الثورة كان العرف الاجتماعي يمنعها من الزواج عندما تترمل، ولكن زعيم الثورة ماوتسي تونغ ألغى هذا فترتب عليه أن بعض الآباء قتلوا بناتهم بسبب زواجهن، وقد جيء برجل قتل ابنته بعد أن علم بزواجها وبعد تقديمه للقضاء قالوا له انك قد اقترفت عملا ضد ما سمح به زعيم الثورة فرد ببساطة: لا أظن أن رجلا عاقلا مثل ماوتسي تونغ يسمح بهذا.
كما أخبرني أصدقاء عراقيون أوفدوا للصين بعيد ثورة تموز (جويلية) 1958 أنهم لم يستطيعوا إقامة علاقات مع الفتيات كما هو حاصل في بلدان الاتحاد السوفياتي وأن من تقيم علاقة يقصّ شعرها وترسل إلى معسكرات العمل عقابا لها.
إن هذه القصص الثلاث تشكل قراءتها متعة واكتشافا في الآن نفسه كما تقدم لنا صورة عن تطور المرأة الصينية.
جاء الكتاب في 126 صفحة من القطع المتوسط منشورات وليدوف (تونس) 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.