انضاف الى الساحة الثقافية وجه جديد اختار ولادته في سن ما بعد الأربعين التي تفرض عليه تجنّب «الخطوة الخاطئة» وهو الحفصي بوبكر من أبناء مدينة المكناسي من ولاية سيدي بوزيد بباكورة لأعماله الأدبية تحت عنوان «عبد الرحمان.. من أنفاق الذاكرة.. حتى مأزق الرواية..» وهي رواية من الحجم الثقيل كما ومحتوى حظيت منذ أيام بانطباعات جيدة من العائلة الثقافية الموسّعة ومن القراء الذين فازوا بالاطلاع عليها على حدّ قوله بعضهم. وقد صدرت هذه الرواية منذ مدة في 315 صفحة من الحجم المتوسط في ستّة فصول وهي الرواية فوبيا.. لوثة الكتابة حالة ابداعية كونية» و«أدب الطريق جمالية الفضاء.. والسفر عبر خرائط ممزقة» و«مطاردة الأمكنة واقتحام أنفاق الذاكرة» و«حين تشيخ الأحلام.. وحين يعود عبد الرحمان الى واقعة الشاة ووصايا النحل وصورة الأم التي تجيد طقس نار الصباح..» و«الاتجاه.. شمالا.. هناك، حين يطارد عبد الرحمان أحلامه والحقائق الهاربة..» وأما الفصل السادس الذي لم يتعدّ محتواه العشر صفحات فقد اختار له الكاتب عنوان «اكتمال البناء.. ومأزق الميتا رواية» وترسم هذه الرحلة التي دعانا الحفصي بوبكر الى القيام بها في ثنايا الرواية كما قال بعضهم «لوحات ممتعة ومثيرة يوقعها تنقّل طريف بين فضاءات من الأمكنة تضيق وتتسع من البيت الى الموطن الى الوطن الى خارج الوطن..» بعد أن تجول (الكاتب) في أنحاء مختلفة من البلاد التونسية وآمن بأن موطنه (المكناسي) له عليه دين ولا بد من تذكّره في كل آن وحين. إن من يقرأ تلك الرواية بفصولها الستة ليزداد حبا للحرية والكرامة البشرية من جهة وليفهم أن الحفصي بوبكر قد تجاوز خجله وكتب بحرفية عالية وحذق الكتابة الروائية رغم تشعبها وتعقّد موضوعاتها وهذا ما أكده لنا أثناء حوارنا معه في جلسة احتفاء به نظمها نادي الابداع بدار الثقافة أبوبكر القمودي حيث قال «بالكتابة تشكّلت لديّ زوايا النظر متى أتقدّم، متى أتأخّر، متى أمسك بالرّسن، رسن الزمن، رسن الشخوص، رسن اللغة، رسن القلم، حتى لا أخرج عن السيطرة على عوالم ذوات.. أحداث الرواية بهذا المعنى التيه والابداع لا ينسجمان، كل تغافل وكل نسيان من شأنه أن يربك العمل وقد يؤدي به الى الانهيار المدوي.. وعلى اعتبار أن الرواية فن مركّب معقد عدّه من أعسر الأجناس..». وقد استأثرت الرواية باهتمام كبير من القراء الذين فرحوا بولادتها ولامسوا فيها الكشف عن حقائق عاشها ويعيشها أبناء الجهة فرادى وجماعات واتسعت لجوانب عديدة ومهمة وهو ما جعل بعضهم يقول «إن الحفصي يكتبني ويكتبنا جميعا» وقد صرّح أحد النقاد أن الرواية «قد اتسعت مساحاتها وأطلّت على جوانب مختلفة من الذات الانسانية ولامست فنون وعلوم متنوعة الشعر والنثر والرسم وعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والتاريخ والجغرافيا وعلوم الحياة والأرض والفيزياء وغيرها..» وأضاف آخر أن لغة الحفصي تميّزت بكثير من السحرية والانسياب تضمّنت مختلف استراتيجيات السرد من استباق واسترجاع وفجائية وإرباك وذلك لتوريط القارئ ووقوعه ضحية الالتفاف..