«إن الحواس وخاصة العين خدّاعة» ذلك ما نطق به (ديكارت) وما اقتنعت به الأندية في البلدان الغربية في عمليات التعاقد مع الأكفاء من اللاعبين ليكون انتدابهم منهجيا ومستندا الى مراجع علمية واضحة تجنبهم النظرة الحدسية المجرّدة والخاطئة والاختيارات الاعتباطية في الوقت الذي تطالعنا فيه الأندية التونسية بطرق ارتجالية غريبة وعجيبة في انتقاء اللاعبين كالالتجاء الى الوكلاء والوسطاء والعلاقات الشخصية والمصاهرة! وعلاقات التوأمة وحتى المقايضة (المبادلة)!! مثلما حدث في صفقة العكايشي والملّيتي وغيرها على طريقة المقايضة عند أجدادنا في العهد القرطاجي!! توصّل الدكتوران كمال البنزرتي (مدير فني سابق بالجامعة التونسية لكرة القدم) وعمر بن سالم الى استخلاص ثلاث طرق رئيسية في عملية الانتداب: الطريقة الحدسية تعتمد هذه الطريقة على الحدس والخبرة الشخصية والانطباعات الأولية أي على النظرة الفاحصة على اللاعب لمعاينة مؤهلاته واكتشاف ما لديه من مواهب بتقدير ما يبديه أثناء اللعب من امكانات بدنية ومن مهارات فنية عند تحكمه في الكرة او خلال المراوغة والاعتراض والتسديد وما الى ذلك من فهم تكتيكي وحسّ جماعي. ويوجد أغلب انصار هذه الطريقة في البلدان النامية من الذين لم يتعوّدوا بعد على المناهج العلمية. الطريقة العلمية متبعة في البلدان المتقدمة تقنيا ورياضيا وتعتمد على مجموعة من المقاييس العلمية وتهمّ هذه المقاييس: القامة والوزن حسب العمر وقياس القفص الصدري والطاقة التنفسية وعدد دقات القلب وضخّ الشرايين في حالات الراحة والاجهاد بالاضافة الى بعض الاختبارات الفنية الخصوصية. الطريقة المخضرمة يلجأ اصحاب هذه الطريقة الى الأخذ بالنظرة الحدسية الفاحصة عند البحث عن المنتدبين ويعوّلون على ذوي الكفاءات من المدربين المحنّكين ثم يلتجئون الى استعمال الطريقة العلمية. شروط الانتداب يحدّد الدكتوران كمال البنزرتي وعمر بن سالم شروط الانتداب كالآتي: 1 طول القامة: كلما ارتفعت معدلات القامة لدى مجموعة من اللاعبين كلما ارتفعت حظوظهم في الانتصار ولكن الارتفاع في القامة يظلّ نسبيا بالنظر الى مواقع اللاعبين ودورهم في الفريق وبالنظر كذلك الى الأسلوب المميّز لذلك الفريق. ويقع ضبط معدل القامة من خلال المقاييس البدنية لكل لاعب حسب خطّته في الفريق كالآتي: ارتفاع الجذع/طول القامة= 0.53م 2 تقدير الوزن: للوزن عند المدربين أهمية كبرى لأنه يمكنهم من استخلاص مؤشرات عديدة اذ يكفي ان يرصد لكل لاعب خطّ بياني عن وزنه أثناء قيامه بالدورات التدريبية بعد انتدابه لمعرفة مدى قدرته على الهضم واستهلاك المواد الدسمة بالاضافة الى مدى قدرته على تنمية العضلات واكتنازها. وقد وضع (Bronhad) صيغة الوزن المثالي بالنسبة للرياضيين: الوزن (كلغ) = القامة (صم) * محيط الصدر (صم) / 240 3 قياس الصدر: الغاية من القيام بهذا القياس هو البحث عن مدى متانة اللاعبين وصلابة عودهم. فسعة الصدر تعني قوة التحمل وشدّة الأسر، وهي الصفات التي يبحث عنها المكلّفون بالانتداب وتعتمد هذه الطريقة على أخذ مقاييس محيط القفص الصدري في حالة الشهيق ثم في حالة الزفير لمعرفة الفارق بين القياسين الذي يتراوح بين 8 صم و12 صم وهو معدل صالح لمعرفة مؤشر المتانة لدى اللاعبين. 4 الطاقة التنفسية: تقاس هذه الطاقة ب (Spirometre) 5 الطاقة الحيوية: حجم الطاقة الحيوية - حجم الهواء الجاري + حجم مخزون الشهيق + مخزون الزفير= 2.8ل 6 قياس النبض وضغط الدم: يتم تكليف المنتدَب بتمارين رياضية عادية ومراقبة التغييرات الحاصلة له من حيث عدد ضربات نبضه وضغط الدم على شرايينه باستعمال المسراع (Metronome)... فيتم تحديد الامكانات البدنية من حيث صلابة العود وتحمّل المجهود. 7 تمارين بدنية اختبارية: أ اختبار روفيبي ديكسن: يعتمد هذا الاختبار على قيام اللاعب بثني ركبتيه وهو واقف 30 مرة مدّة 45 ثانية وقياس نبضه قبل بداية التمرين ثم إثر الانتهاء منه ثم بعد ذلك بدقيقة. ب اختبار (LIAN): إذا عاد اللاعب الى وضع الراحة (65 70 نبضة) في الدقيقة قبل انقضاء دقيقتين بعد التمرين فإمكاناته البدنية جيدة جدا. أما اذا انقضى على عودته الى تلك الوضعية اكثر من اربع دقائق فإمكاناته رديئة (على مستوى اللياقة البدنية). ج اختبار المقعد: يقوم اللاعب بالصعود والهبوط فوق مقعد ارتفاعه 50 صم على الارض مدة خمس دقائق بمعدل مرة كل ثانيتين، يقاس نبض اللاعب وهو جالس إثر الاختبار بدقيقة (ن1) ثم بعد دقيقتين (ن2) ثم بعد انقضاء ثلاث دقائق (ن3). المقعد = وقت التمرين (300 ثانية) 100 اختبار / ن1 + ن2 +ن3 = س إذا كانت (س) أكبر من 90 بإمكانات اللاعب من الناحية البدنية ممتازة أما اذا كانت (س) أصغر من 55 فإمكانات اللاعب من ناحية اللياقة البدنية رديئة. وتوجد سلسلة من المعطيات الأخرى كقدرة اللاعب على قطع مسافة 100م في 11 ثانية و400م في 52 ثانية و1000م في دقيقتين ونصف ورمي الكرة باليد الى أبعد من 30 مترا وقطع 15 مترا في أربع خطوات ممدودة وقطع حوالي 12 كلم في المباراة الواحدة هذا إضافة الى المواهب الفطرية والقوة النفسية والأساليب الذاتية والقدرة على التلاؤم مع المجموعة اضافة الى عامل السن. تساؤل.. بعد كل هذه التفاصيل والمعطيات بقي أن نتساءل عن عدد الفرق التونسية التي تلتزم بإجراء مثل هذه الاختبارات قبل التعاقد مع اللاعبين مقابل الملايين؟