اختتمت مساء السبت 26 ديسمبر فعاليات الدورة 29 للمهرجان الدولي للزيتونة بالقلعة الكبرى بعد فقرات تراوحت بين الفكري والفني تفاوت فيها الحضور الجماهيري مثلما تفاوت مستواها الفني والتنظيمي. حفل الاختتام كان موسيقيا بإمضاء المطرب المتميز حيدر أمين الذي يسعى الى تدعيم مسيرته الفنية بتفعيل توجهات موسيقية بعيدة عن موجات الابتذال ولعل نجاحاته في العديد من دورات مهرجان الاغنية التونسية خير دليل على ذلك. كسب الرهان إن المراهنة على فقرات فكرية في مثل هذه المهرجانات يعتبر أمرا لا يخلو من المجازفة ولعل ما يحسب لهيئة المهرجان حرصها على تفعيل البعد الفكري بتوفير كل الظروف اللازمة لانجاحها وقد تم تحقيق ذلك بنسبة كبيرة سوى من خلال الندوة الفكرية والتي شارك فيها نخبة من الوجوه الثقافية القيمة كفرج شوشان، محمد حسين فنطر، الدكتور أحمد الورداني، الدكتور الشارف عبد الكريم، أحمد المرزوقي، د. عبد الجبار النعيمي ود. ياسين فاعور الذين قدموا مداخلات قيمة. الندوة العلمية بدورها حظيت باهتمام بالغ من طرف المختصين حيث طرح فيها موضوع «التسويق العالمي لزيت الزيتون الرهانات والآفاق» وواكب فعالياتها السيد وزير الفلاحة. فقرة فكرية أخرى لا تخلو من طابع فني طربت له الأذن والروح وهي الامسية الشعرية والتي نحت نجاحها قطبان الاول مجموعة نيّرة من الشعراء: مصطفى عكرمة (سوريا)، أمال موسى، محمد الغزّي، البشير عبيد، ياسين فاعور (فلسطين)، فوزية فرحات، سندس بكار، الشاعر الشعبي نجيب الذيبي والشاعر الشاب مصطفى الزواري. أما القطب الثاني فهو الجمهور الحاضر والذي كان مكثفا من مختلف الشرائح والمستويات الفكرية مؤكدا عدة إرساليات مضمونة الوصول لها أكثر من معنى. وقد تفاعل هذا الجمهور خاصة مع الشاعر مصطفى عكرمة، نجيب الذيبي، البشير عبيد وأمال موسى. المسرح طبق رئيسي ضم برنامج هذه الدورة أيضا ثلاثة عروض مسرحية وسهرة الفكاهة وسهرة استعراضية في الفنون الشعبية وسهرة رياضية وعرضين موسيقيين (زياد غرسة وحيدر أمين). من «جذور وفروع» (إنتاج مسرحي خاص بالمهرجان) و«شواطن الحكّة» و«جيبولو بوه» خطف الاضواء هذا الاخير واستقطب جماهير كثيفة وتفاعلوا كثيرا مع هذا العرض الذي ترك أحسن الانطباعات وأبدع فيه كل الممثلين وعلى رأسهم إكرام عزوز. سهرة الفكاهة «ضحكولوجيا» استقطبت أكبر عدد من الجماهير مقارنة بكل السهرات المبرمجة في الدورة الى درجة أن العديد تابعوا السهرة وقوفا ونال جلول الجلاصي التفاعل الاكثر من طرف الجماهير التي هتفت باسمه كثيرا وصفقت له طويلا. استمرارية في حاجة الى تطوير تواصل المهرجان لمدة 29 سنة يعتبر مكسبا في حد ذاته ولكن لابد من تطوير آليات ادارته وتفعيل خصوصياته كمّا وكيفا بضخ دماء جديدة فيه تستقطب الطاقات الشابة وتزيد من استثمار مبدعي الجهة في كل المجالات لأن الاستمرارية دون تطوير تعني تراجعا قد يعطّل يوما هذا المهرجان الذي يعتبر متنفسا هاما لاهالي القلعة الكبرى والاستماع الى آرائهم قد يعدّ آلية هامة من آليات هذا التطوير.