حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي ربّما يكون في الأمر اصرار كنّا مثقفين على أخذ مزيد من المعلومات، هكذا يمكن ان أعلّق على هذا الالحاح الذي قادني، أسئلة الى «سي أحمد» حول عمليّتي اغتيال صالح بن يوسف، ومحاولة «الانقلاب» التي قادها الأزهر الشرايطي... المهمّ أنني أضفت سؤالا عن الموقف الشخصي من الحدث الأول ومن الحدث الثاني، قائلة: كيف كان ردّ فعلك الشخصي على عملية الأزهر الشرايطي، التي قلت عنها ان الامريكان هم من أعلم السلطات التونسية؟ عن هذا السؤال يقول صاحب المذكّرات: «لم أكن واثقا أن هناك مؤامرة... وأنها تونسية بحتة...». ثم سألت: طيّب وكيف كان ردّ فعلك الشخصي على حادث اغتيال صالح بن يوسف، خاصة وأنّك تعرف الرجل جيّدا؟ قال: «ردّ فعلي الشخصي، عندما علمت بالحادثة، تمثّل في نقمة وحسرة... كنت أتمنى، وهذا قلته علنا أن لا يكون بورقيبة رئيسا للحكومة، بل يكون رئيسا للبرلمان، وقد يكون صالح بن يوسف رئيسا للحكومة على أن يبقى بورقيبة على رأس برلمان، وضعنا ضمن مشمولاته مراقبة الحكومة... وقد أثرت هذا الموضوع في إبّانه ضمن الحلقات الفارطة... وقلت إن بورقيبة يكون رئيسا للبرلمان، حتى يصبح رئيسا للجمهورية... كنت أقول هذا الموقف وأردّده وكان موقفي هذا، قناعة في ذ اتي من أجل رأب الصّدع بين الرجلين... من جهة أخرى، لازلت مُقتنعا بأن العملية ليست تونسية بحتة، بل إنني أعني العمليتين، «المؤامرة» (كما يسمّيها النظام وقتها للاشارة الى عملية الأزهر الشرايطي)، ولا عملية اغتيال صالح بن يوسف... ليست عندي ثقة بأن العمليتين تونسيتان فعلا...». هل تعني أن هناك أيادي خارجيّة؟ قال: «لا... ما أقصده أن جماعة من تونس تتعامل مع الخارج». قلت: ومن تقصد بالخارج؟ قال: أنواع... كثيرة من الناس ومن الجهات... هناك التطرّف مع اليسار الفرنسي... وهناك من يتحدث باسم العروبة(...)». قلت له: أتقصد عبد الناصر؟ قال: «يدّعون (...) وحتى عبد الناصر نفسه، مازلت أعتقد أنه لم يمت ميتة طبيعية في 1970...». وهنا واصلت السؤال: وفرنسا أين دورها في كل هذا؟ قال: «على كل فرنسا، كشفت نفسها في أكثر من مرّة» وهنا كشف صاحب المذكّرات النقاب، عن أن سفير فرنسا في الستينات «سوفانيارك» «كان لي معه حدث ملفت وغريب...». واصل «سي أحمد» حديثه في اجابة عن السؤال ليقول: «بعد التأميم النهائي للاراضي الفلاحية من قبل رئيس الدولة سنة 1964، وقد كانت مساحتها 400 ألف هكتار، مع الملاحظة أنه وقبل ذلك، تفاوضنا المنجي سليم وأنا، لاسترجاع 150 ألف هكتار، ولم تحدث أيّة مشكلة، في هذه المرحلة، مرحلة ال 150 ألف هكتار... ويظهر أننا كنّا متفقين على إتباع سياسة التدرّج في استرجاع كامل الأراضي الفلاحية التي كانت عند الاستعمار، الطريقة كانت متدرّجة إذن، خاصة لما في مثل هذه العملية من مسؤولية، لاستعمالها على أفضل وجه... فالمسألة مسألة امكانيات... لكن الشيء الذي حدث، هو استرجاع جملي، وبقرار من رئيس الدولة، لبقية الأراضي (400 ألف هكتار)، في تلك ا لفترة اتّصلت بي وزارة الخارجية (تونس) وكان على رأسها بورقيبة الابن، (على ما أظن) وأعلموني، بأن سفير فرنسا، جان سوفانيارك «Jean Sauvagnargue» يطلب موعدا منك لتستقبله وكان جوابي أن قلت:إن العادة تقتضي أن يتّصل ديوان السفير بديواني ويتفقا على موعد، أما أن يأتي الموعد عبر وزارة الخارجية فهذا يجعلني أطلب منكم الخارجية أن يحضر معي مسؤول عن وزارة الخارجية لمقابلة السفير»...