لم يعش الهادي بالرخيصة من تلك الأعوام التي يعيشها الإنسان في هذا العالم إلا 27 عاما مرت بأحباء المنتخب والترجي على حد السواء كما يمر النجم الدهري في سماء الدنيا ليلة واحدة ثم لا يراه الناس بعد ذلك... أنهى «بلها» للمرة الأولى في ليلة ظلماء وهو الذي تعود أن يكون هامة شامخة مديده لا يهدأ له بال يستثير ويهيج حماسة ذودا عن اللونين الأحمر والأصفر في يوم مشهود أمام أولمبيك ليون الفرنسي يوم 4 جانفي 1997. ولأن الطبيب لا يؤخر ما يقدمه القضاء فقد عجز الاطار الطبي للترجي بقيادة مراد الغرايري انذاك بطبه وعلمه ودوائه وعشقه العلني والمجنون للرجل أن يحول دون مكروه أتى... آخر ما نطق به بالرخيصة على إثر نهاية الشوط الأول من تلك المقابلة شاهد عبد القادر بلحسن المرحوم الهادي بالرخيصة وقد أسند رأسه الى الحائط وبدا له شاحبا منقبضا فظن أنه لما ألم به من تعب نتيجة الضغط المتواصل الذي سلطه عليه لاعبو الفريق الفرنسي في الجهة اليسرى فتقدم عبد القادر نحوه وقال له: «مابك يا هادي؟» فأجابه على الفور:«لا أشكو شيئا، أنا بخير...» وكان ذلك آخر ما يتذكره زميله السابق بالفريق عبد القادر بلحسن قبل أن يحدث ما حدث خلال اللحظات الأخيرة للشوط الثاني من تلك المقابلة. بعد 13 عاما توصلت دراسة ألمانية عام 2009 الى كشف سبب وفاة المرحوم الهادي بالرخيصة عندما أرجعت السبب الى جين وراثي مما أحدث النوبة القلبية التي انجرت عنها حالة الوفاة.... مسيرة خالدة ولد الهادي بالرخيصة الذي حمل عدة ألقاب (أشهرها «بلها» و «قلب الأسد») بفرنسا عام 1970 وعاش طفولته هناك بسبب الإلتزامات المهنية لوالده وعاد الى تونس عام 1989 وانضم الى أشبال الترجي الرياضي التونسي ومر بجميع الأصناف قبل أن ينضم الى فريق الأكابر عام 1990 والتحق بالفريق الوطني... وتحصل بالرخيصة على جائزة أفضل لاعب تونسي خلال موسم 1993-1994 وسجله حافل بالألقاب مع الترجي وأشهرها على الإطلاق لقب رابطة الأبطال الافريقية في نسختها القديمة عام 1994 والبطولة خلال موسمي 1992-1993 و1993-1994 والبطولة العربية عام 1993 والكأس الآفرو آسياوية عام 1995 وتحصل كأول لاعب تونسي على لقب أفضل لاعب في العالم العربي عام 1995.