قابس: إسعاف 15 تلميذًا بعد تعرّضهم للإختناق والإغماء    عضو بمجلس هيئة الانتخابات: لا يمكن تجاوز هذا التاريخ كأقصى موعد للرئاسية    آمر المركز الأول للتدريب بجيش الطيران صفاقس: قريبا استقبال أول دورة للجنود المتطوّعين    المبادلات التجارية الجزائرية - الأوربية تلامس 47 مليار دولار    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    رئيس إتحاد الفلاحة: أسعار الأضاحي 'معقولة'    تسمّم تلاميذ بالحلوى: الإحتفاظ ببائع فواكه جافّة    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    سبيطلة : القبض على مجرمين خطيرين    مصر: رفع اسم أبوتريكة من قائمات الإرهاب والمنع من السفر    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    بسبب الربط العشوائي واستنزاف المائدة المائية .. قفصة تتصدّر خارطة العطش    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    بلاغ مروري بمناسبة مقابلة الترجي والأهلي    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    الحماية المدنية: 8 وفيّات و 411 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    كأس تونس: النجم الساحلي يفقد خدمات 4 لاعبين في مواجهة الأهلي الصفاقسي    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    عاجل/ القسّام: أجهزنا على 15 جنديا تحصّنوا في منزل برفح    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق القدومي في حديث شامل ل «الشروق»: إذا أراد العرب دعم فلسطين، فليبحثوا عّن مقاومين
نشر في الشروق يوم 09 - 01 - 2010

بدا مكتبه الواسع، كما الورشة.. حزمة من الوثائق هنا.. وملفات منظمة ومصفّفة هناك.. وجلس في فناء المكتب خلف منضدة ممتدّة من اليمين إلى اليسار، وقد رصّفت وثائق ومطبوعات..
بدا فاروق القدومي، كما عادته، واثقا من المعلومة التي بحوزته، محدّدا لهدفه.. متأملا في فلسطين صورا للزعماء الشهداء تارة.. وصورا للأقصى في شكل لوحات تراوح حجمها بين اللوحة الكبيرة التي تحمي كتفي رئيس ديبلوماسية الثورة الفلسطينية بلا منازع، وبين اللوحة الصغيرة التي تجسّد قبّة الصخرة، تلك التي تسرّ ناظرها.. وتبعث فيك أمنية ستبقى في البال: زيارتها والمسجد الأقصى والصلاة للّه تعالى هناك..
هكذا بدا القدومي، محفوفا في مكتبه بفلسطين، كلّ فلسطين، خرائط لفلسطين التاريخية.. فلسطين الجميلة، وخرائط أخرى لفلسطين الممزّقة بالطرق الالتفافية وبخطّ سير سرطان اسمه الاحتلال الاسرائيلي..
منذ مدة لم يعط القدومي حديثا شاملا.. بقي تدخّله الاعلامي على مستوى المشهد السياسي للقضية، مقتصرا على تصريحات ظرفية تهم قضايا مثارة ظرفيا..
في هذا اللقاء الشامل، والذي لم يرفض فيه رئيس الدائرة السياسية ل م.ت.ف، أيّ سؤال، يكشف القدومي عن موقفه من ملفّ «المصالحة» بين «حماس» والسلطة الفلسطينية، وهو يرفض أن يقول إن الأمر بين فصيلي «فتح» و«حماس»..
كما يتحدث «الزعيم الهادئ» كما يعطي الانطباع وفق شخصيته، عن دخول السعودية على خط المفاوضات بين الفصيلين المذكورين، واضعا سؤالا مركزيا أمام الزعماء العرب: هل بإمكانهم مساعدة فلسطين الثورة.. وفلسطين الكفاح المسلّح..
مازال فاروق القدومي وهو يجلس خلف منضدة مكتبه، يرمق «أبو عمار» و«أبو جهاد» و«أبو إياد» بعد أن تستقر نظرة منه صوب عبد الناصر، وكانت الصورة التي تتوسط كل هذه الصور، إحداها له مع نصر اللّه..
لم يغب قس ابن ساعدة الايادي، عن هذا المحفل، الذي ما إن تلج مكتب «أبو لطف» في مقرّ الدائرة السياسية، حتى تتجاذبك مكوناته، فيأخذك التاريخ.. بعيدا.. وقريبا، ردهة بردهة.. فتشغلك مقولة قسّ ابن ساعدة الايادي خطيب سوق عكاظ، وأنت تقرؤها لوحة من بين اللوحات والصور المعلقة على جدار الفناء.. فناء المكتب، وقد كانت الشاشة التلفزيونية، بصورها المتحركة والناطقة، وبقنواتها المتعدّدة.. الشيء الوحيد المتحرّك على هوى الساسة الحاليين في العالم.. في حين بقي «ابن ساعدة» و«عرفات» و«عبد الناصر» و«أبو جهاد» و«أبو إياد» كل واحد منهم تصح عليه مقولة «الرّجل أثر بعده»..
لوحة ابن ساعدة تقول إذن «أي بُني،
إذا دخلت حربا ورأيت فيها الجبان يكرّ.. والشجاع يفرّ وخسيس المحتد يتحكّم في عتيد المحتد فأنأى إلى رابية وترقّب.. فإن في الأمر خيانة..
هذه اللوحة المكتوبة بتلك العبارات، سألت عنها السيد فاروق القدومي، أن لماذا تحتفظ بها في صدارة المكتب تقابلك حيثما جلست، فقال: لأنني ألقاها أمامي.. وهي عبرة لمن يعتبر..
بعد صمت غير قليل في الزمن، يتكلم فاروق القدومي اليوم، كما لم يتكلم أبدا من قبل.
بدأت الحوار بسؤال يهمّ آخر مستجدات القضية الفلسطينية.
المفاوضات بين فصيلي «حماس» و«فتح» عبر القاهرة، ما فتئت تتعثر.. وفي كلّ مرحلة يطالعنا هذا الملف، بمواقف جديدة.. فهل بإمكان السيد فاروق القدومي، الذي نأى بنفسه على ما يبدو، عن هذا المشهد التفاوضي أن يعطينا رأيه الذي يمكن أن نقول عنه إنه «العين الثالثة» فتنير الرأي العام حول هذ االملف؟
ما دام الأمر كذلك، لا بدّ وأن نتكلّم بوثائق وبأمر رسمي.. (وقف القدومي وأخذ حزمة من الوثائق يتصفحها وهو يتكلم عن الوثائق.. ) ورقة عمل فلسطينية.
إن مشكلة المصالحة، قد امتدّ زمنها منذ عام 2006.. وكنّا قبل ذلك قد استبشرنا بالقرار الذي صدر في 17 مارس لعام 2005، تؤكد فيه جميع الفصائل الفلسطينية وبحضور اللواء عمر سليمان، ممثل مصر، بضرورة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن تعثرت هذه الجهود وحصلت الاشتباكات المسلحة في غزة عام 2006. فاضطربت الأمور، وتعقدت العلاقات الثنائية بين السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» وقدمت مقترحات متعددة في هذا الشأن، عندما صدر بيان الفصائل في عام 2005، اجتمعت المنظمات في دمشق وقدمت لهم ورقة عمل فلسطينية حول تفعيل المنظمة. ولكن لم يتم هذا التفعيل، فقد كان انشغال «حماس» والسلطة الفلسطينية في أمور تشكيل الحكومة المحلية في الضفة والقطاع، ومضت الأشهر، وقدمنا مقترحات لجامعة الدول العربية، والتقينا بالأمين العام معالي السيد عمرو موسى وتناقشنا حول هذه المقترحات وأكدنا لمعاليه، أن عقد المجلس الوطني الفلسطيني، هو السبيل لحلّ الخلافات. واقترحنا عددا من النقاط لمعالجة هذه المسألة، وقلنا إن الحوار في إطار فلسطيني واسع، أي في المجلس الوطني هو السبيل الى الحلّ، وحذرنا من أن تصبح السلطة الفلسطينية المحلية بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينية (م ت ف) ولا بد من القول، إن هناك نقاطا هامة يختلف عليها الطرفان ف«حماس» تصرّ على ذكر المقاومة المسلحة، ولكن السلطة تنفي قبولها بالمقاومة المسلحة. و«حماس» تمسك بالبندقية، وترفض اتفاق «أوسلو» وترفض الاعتراف ب«إسرائيل» وهذه نقاط خلاف هامة، أما إذا تجاهلنا منظمة التحرير وميثاقها وأنظمتها المرعية، وبرنامج عملها المرحلي، ومبادئها وأهدافها المركزية واستبدلنا ذلك بالشؤون المحلية في الضفة والقطاع، وبالمجلس التشريعي وبالانتخابات المحلية، والوطن محتل، في إطار الضفة والقطاع، فقد نهمل قضية اللاجئين وحق العودة، والقرارات الشرعية، التي أصدرتها الأمم المتحدة وأقرّها المجلس الوطني في دورته الثامنة عشرة، بالجزائر (1988). وهذا يضع علامة استفهام حول هذه المصالحة، والى أين تقود؟.. وهل تنحصر حول حل مقترح في اطار الضفة والقطاع؟ وهذا أمر نرفضه.. وقد سبق للمجلس الوطني أن أصدر قرارا برفض القرار 242 لأنه يخص الدول العربية ولا يخص القضية الفلسطينية بالذات..وهذا يعني أن التنازلات مع الأسف، بدأت بعد الاعتراف بالقرار (242)، علما أن المغفور له الرئيس جمال عبد الناصر حيّا المجلس الوطني بأعضائه، حضورا قائلا: «من حق منظمة التحرير الفلسطينية أن ترفض قرار 242».
إن استمرار هذا الحوار بين «فتح» و«حماس»، في اطار الضفة والقطاع سيقودنا الى متاهات، تضرّ بالقضية الفلسطينية، وتمسّ الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف، للشعب الفلسطيني. ولا أعتقد أننا سنصل الى نتائج، يمكن أن يقبل بها الطرفان، وهذا ما جعلني أبتعد عن هذا الحوار لكل هذه الأسباب وخشيتي أن يقودنا الى متاهات التسوية الوهمية.
قلت في معرض سؤالي الفارط، إنه يمكن اعتبار الأستاذ فاروق القدومي العين الثالثة، فما رأيك في ما أعلن من أن السعودية، قد دخلت على خط المفاوضات، فهل سيكون في الأمر تسريع للتفاهم أم عكس ذلك، سوف يحصل؟
في الحقيقة، لم تصلني حتى الآن تأكيدات حول دخول المملكة العربية السعودية في شؤون الحوار بين الاخوة، ومازلت أنصح بأن تبتعد «حماس»، عن السلطة وتتمترس في المجلس التشريعي، مادامت تمتلك الأغلبية.. لأن التعامل مع «اسرائيل» من جانب «حماس»، يلزم بأن تعترف «حماس»، بإسرائيل، وبالاتفاقات المعقودة، وبوقف المقاومة المسلحة، وهذا ما توافق عليه السلطة الفلسطينية، لكي تقبل «اسرائيل» التعامل مع حكومة يرأسها عضو من حركة «حماس». وإذا قبل أن لا بدّ من انتخابات جديدة فأنا لا أضمن أن تكون هذه الانتخابات، نزيهة، بعد هذه التطورات التي جرت، قبل أشهر،ودخول كل قيادات المنظمة وفتح الى الضفة الغربية، المحتلة، وممارسة عمل هذه القيادات، تحت أبصار قوى الاحتلال الاسرائيلي بالاضافة الى الترتيبات الأمنية التي يرأسها الجنرال «دايتون».
كيف ترى ملف القضية الفلسطينية، بكل مكوناته الحالية، وهو يناقش في القمة العربية المقبلة؟
قدمنا عام 2005، وقرّرنا كما أسلفت، هذه المبادرات للجامعة العربية ولعدد من الدول العربية، وهذه هي ورقة العمل بالتفصيل، والتي لخصناها في كتاب (رسالة) لنا، عام 2008 لمعالي الأخ الأمين العام لجامعة الدول العربية.. (الأستاذ فاروق القدومي، يسلمني الورقة المغنية، وفيها كشف لواقع القضية من حيث الجانب النضالي وفيها نقد لمسار «أوسلو»، وتتضمن كذلك اقتراحات فيها بالخصوص: حفاظ على (م ت ف)، كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.. وسوف تتولى «الشروق» نشر هذه الوثيقة في إبّانها)..
وماذا كان مصير الورقة؟
تناقشنا مع الأمين العام، وقد استحسن هذه المقترحات.. وكان ذلك بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب، في الدورة التي ترأسها المملكة العربية السعودية وقدّمنا نسخة من هذا الكتاب (الرسالة) لسمو الأمير سعود الفيصل.
لو تسمح نعود إلى موضوع المصالحة الفلسطينية، لو ثبت ودخلت السعودية في المسار، هل تعتقد ان يحدث تقدّم في الأمر؟
لقد سبق لأشقائنا في المملكة العربية السعودية، ان دخلوا في هذه المصالحات وعُقد اجتماع في المملكة للاطراف المعنية، واتفق الطرفان، حسب وثيقة مكتوبة على هذه الوثيقة، وأقسموا أمام الله في الكعبة، ولكنهما عادا واختلفا بعد ذلك..
نقول ايها العرب، سهّلوا للشعب الفلسطيني ان يعقد مجلسا وطنيا يحضره الجميع، الفصائل المنضوية تحت (م.ت.ف) وغيرها أيضا من القوى الوطنية.
ماذا يقول القدومي سنة 2010، وقد لمسنا منذ مدة غياب صوت «م.ت.ف» وصوت القدومي في المحافل الدولية وفي المحافل الاقليمية، ونذكر منها يوم 29 نوفمبر من كل سنة حين كنت تعتلي منبر الجمعية العامة، وتذكّر المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه القضية في ذكرى التقسيم، وأعني كذلك القمم العربية ومجالس وزراء الخارجية حيث كان «لأبو لطف» الكلمة الحاملة للوجع... والمداوية له؟
منذ سنوات وخاصة بعد استشهاد الأخ «ابو عمار» بفترة قصيرة استنكفت عن القيام بهذا الدور... بعد ان تأكدت ان السياسة التي تتبعها السلطة الفلسطينية لا تقود الى حلّ سياسي، مقبول لأن «اسرائيل» بعد هذه التجربة الطويلة اثبتت انها لا تريد السلام.. بل تحاول كسب الوقت من خلال التسويف والمماطلة لبناء مزيد من المستوطنات والاستمرار في مصادرة الاراضي الفلسطينية وتهويد القدس ومحاولات المساس بالحرم الشريف وترفض مجرد بحث قضية اللاجئين.. وتدّعي انها توافق على حل الدولتين، وتجميد الاستيطان لفترة من الزمن علما وأن مجلس الأمن وافق بالإجماع، على تفكيك كل المستوطنات عام 1980 طبقا لقرار مجلس الأمن 465.
(الأستاذ فاروق القدومي، ينهض من مكتبه ويجلب كتابا ضخما يتضمّن كل قرارات مجلس الأمن الدولي).
ويواصل القدومي وهو يفتح الكتاب: الى جانب القرار 465 حول المستوطنات هناك القرار رقم 476 والقرار رقم 478.
فأما القرار 476 ويخصّ اعلان بطلان الاجراءات التي اتخذتها اسرائيل لتغيير طابع القدس وصادر في 30 جوان 1980، والقرار 478 الذي ينصّ على عدم الاعتراف بالقانون الأساسي الذي أصدرته اسرائيل الخاص بالقدس، ودعوة الدول لسحب بعثاتها الديبلوماسية من القدس.
أما قرار 465 فهو ينصّ على مطالبة اسرائيل بتفكيك المستوطنات والتوقف عن التخطيط للمستوطنات وبنائها في الاراضي العربية المحتلة بما فيها القدس.
كل هذه القرارات لم تعمل بها اسرائيل ولم تعرها اهتماما، ونحن نطالب فقط بالتجميد؟! هل يعقل؟ فالمطلب الأساسي هو تفكيك المستوطنات..
لقد تقلّصت المطالب الفلسطينية، وكأننا نقدّم تنازلات مجانية للدولة العنصرية «اسرائيل» دون مقابل .. وندّعي أننا مع السلام الدائم والعادل.. والمستوطنات تزحف، والاحتلال يحكم حصاره او قبضته على الارض الفلسطينية ويهوّدها...
فهل المسؤولون العرب، مستعدّون لمدّ يدهم لمساعدة من يريد ان يفتدي نفسه لتحرير فلسطين من خلال البندقية مهما طال الزمن؟
فالمعونات التي تقدّمها الدول الغربية، هي إبر تخدير لإسكات صوت المقاومة، ولتخدير العاملين في السلطة... وهذا يرعاك الله، هو الخدعة بكاملها.
إذا عقد الآن مجلس وطني فلسطيني مثلما تنادون به، فكيف ستكون النتائج؟
اذا عقد مجلس وطني فلسطيني (أعلى سلطة في م.ت.ف) فسوف يكون النجاح للمقاومين...وسوف تفشل سياسة الخمول والكسل والتأجيل والانتظار والمطالبة دون استخدام البندقية. لقد قبل العرب (الانظمة) التعامل مع السلطة الفلسطينية بعد استشهاد الاخ «أبو عمار»، وكم كتبنا لهم ولم يستمعوا... وأخص بالذكر من يمدّون السلطة بالمال، فيطيلوا عمر هذه السلطة... التي تمارس أعمالا لا يمكن ان تقود الى التحرير، بل تعطي الفرصة الزمنية «لإسرائيل» كي تكمل سياستها الاحتلالية، وترضي الفلسطينيين، والادعاء ان الاردن العزيزة هي وطن الفلسطينيين...
وأقول هنا ان الشعب الفلسطيني سيتغلب في النهاية على كل هذه الظواهر المؤسفة ويعود مرة أخرى الى البندقية ليقاوم مهما طالت به المقاومة وسنوات الاحتلال. فالنهاية ان شاء الله ستقود الى النصر، وقد سبق ان قلت ومازلت أؤمن بما أقول، كما قالت ايضا وزيرة خارجية السويد يوما ما: «اسرائيل لم تقُم بناء على دعوة توراتية او حول مسار تاريخي بل من خلال قرار للأمم المتحدة وعليها ان تحترم هذا القرار وشروطه والا فقدت شهادة ميلادها».
وأنا أقول «اسرائيل» دولة قامت قسرا في التاريخ وسوف تنتهي كما انتهت اليه دول أخرى كالاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا.
بعيدا عن الديبلوماسية، كيف ترى مسألة الجدار الفولاذي الذي أقامته مصر مع غزة؟
لو رجع الامر اليّ، فأنا لا أرى ضرورة في اقامة هذا الجدار... واعلم حقا ان الولايات المتحدة والدول الأوروبية تمارس ضغوطا على أشقّائنا في مصر لبناء مثل هذا الجدار لمنع «التهريب» والقضاء على الأنفاق. والسؤال: ما دامت غزة محاصرة من كل الجهات، فكيف نفسّر بعد ذلك اقامة هذا الجدار حول قطاع غزة الذي يعني بالنتيجة مزيدا من الحصار على شعبنا هناك...
القمة العربية على الأبواب، لو حصل ودعي القدومي اليها، هل تشارك؟ كيف تراها تتناول القضايا العربية التي كثرت وتفاقمت؟
لقد قلت ان «م.ت.ف» بكل أوجهها السلبية الآن تتولى مسؤولية العمل السياسي والمفاوضات ونحن نختلف مع هذه المنظمة بشكلها الحالي، وبممارساتها اليومية... ولذلك فإن انعقاد مؤتمرات القمة لا تلبي في نظري مطالب الامة العربية في دعم المقاومة الفلسطينية او الحرص على الاستمرار في هذا النهج، والبعض منهم يقول بينه وبين نفسه: هذه السياسة العربية تعفينا من مسؤولية التحرير ما دام هناك ممثل لفلسطين نوافق على ما يقوم به من أعمال... علما انهم (العرب) يذكرون ان السلطة أخطأت في تأجيل تقرير «غولدستون» حول جرائم الحرب الاسرائيلية في غزة. وحول المآسي والتدمير الذي قامت به اسرائيل.
طيب هل تذهب الى القمة؟
لن أذهب...
ألهذه الأسباب التي ذكرت؟
نعم، اذا رأى العرب ان يدعموا الفلسطينيين فليبحثوا عمن يحمل البندقية ويطلق الرصاص على الاحتلال الاسرائيلي.
حوار: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.