عاجل/ قضية التسفير..تطورات جديدة…    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية    استقرار نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7.5 %..    عاجل : واتساب يتوقف على هذه الهواتف ابتداءً من 5 ماي... هل هاتفك بينها؟    الرابطة المحترفة الاولى: صافرة مغربية لمباراة الملعب التونسي والاتحاد المنستيري    الإفريقي: الزمزمي يغيب واليفرني يعود لحراسة المرمى ضد النادي البنزرتي    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    عمدا إلى الإعتداء على شقيقين بآلة حادة ... جريمة شنيعة في أكودة    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    ارتفاع تكلفة الترفيه للتونسيين بنسبة 30%    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    الرابطة الأولى (الجولة 28): صراع مشتعل على اللقب ومعركة البقاء تشتد    بطولة انقلترا : ضربة لآمال فورست في بلوغ رابطة الأبطال بعد خسارته 2-صفر أمام برنتفورد    نسق إحداث الشركات الأهلية في تونس يرتفع ب140% مقارنة بسنة 2024    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    القضية الفلسطينية تتصدر مظاهرات عيد الشغل في باريس    أعوان وإطارات المركز الدولي للنهوض بالاشخاص ذوي الاعاقة في اعتصام مفتوح    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    عيد الاضحى 2025: الأضاحي متوفرة للتونسيين والأسعار تُحدد قريبًا    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    نهائيات ماي: مواجهات نارية وأول نهائي لمرموش في مانشستر سيتى    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    "براكاج" حافلة نقل مدرسي ببنزرت.. إيقاف 6 شبان , بينهم 3 قصّر    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    المسرحيون يودعون انور الشعافي    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الليلة: سحب عابرة والحرارة تتراوح بين 15 و26 درجة    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق القدومي في حديث شامل ل «الشروق»: إذا أراد العرب دعم فلسطين، فليبحثوا عّن مقاومين
نشر في الشروق يوم 09 - 01 - 2010

بدا مكتبه الواسع، كما الورشة.. حزمة من الوثائق هنا.. وملفات منظمة ومصفّفة هناك.. وجلس في فناء المكتب خلف منضدة ممتدّة من اليمين إلى اليسار، وقد رصّفت وثائق ومطبوعات..
بدا فاروق القدومي، كما عادته، واثقا من المعلومة التي بحوزته، محدّدا لهدفه.. متأملا في فلسطين صورا للزعماء الشهداء تارة.. وصورا للأقصى في شكل لوحات تراوح حجمها بين اللوحة الكبيرة التي تحمي كتفي رئيس ديبلوماسية الثورة الفلسطينية بلا منازع، وبين اللوحة الصغيرة التي تجسّد قبّة الصخرة، تلك التي تسرّ ناظرها.. وتبعث فيك أمنية ستبقى في البال: زيارتها والمسجد الأقصى والصلاة للّه تعالى هناك..
هكذا بدا القدومي، محفوفا في مكتبه بفلسطين، كلّ فلسطين، خرائط لفلسطين التاريخية.. فلسطين الجميلة، وخرائط أخرى لفلسطين الممزّقة بالطرق الالتفافية وبخطّ سير سرطان اسمه الاحتلال الاسرائيلي..
منذ مدة لم يعط القدومي حديثا شاملا.. بقي تدخّله الاعلامي على مستوى المشهد السياسي للقضية، مقتصرا على تصريحات ظرفية تهم قضايا مثارة ظرفيا..
في هذا اللقاء الشامل، والذي لم يرفض فيه رئيس الدائرة السياسية ل م.ت.ف، أيّ سؤال، يكشف القدومي عن موقفه من ملفّ «المصالحة» بين «حماس» والسلطة الفلسطينية، وهو يرفض أن يقول إن الأمر بين فصيلي «فتح» و«حماس»..
كما يتحدث «الزعيم الهادئ» كما يعطي الانطباع وفق شخصيته، عن دخول السعودية على خط المفاوضات بين الفصيلين المذكورين، واضعا سؤالا مركزيا أمام الزعماء العرب: هل بإمكانهم مساعدة فلسطين الثورة.. وفلسطين الكفاح المسلّح..
مازال فاروق القدومي وهو يجلس خلف منضدة مكتبه، يرمق «أبو عمار» و«أبو جهاد» و«أبو إياد» بعد أن تستقر نظرة منه صوب عبد الناصر، وكانت الصورة التي تتوسط كل هذه الصور، إحداها له مع نصر اللّه..
لم يغب قس ابن ساعدة الايادي، عن هذا المحفل، الذي ما إن تلج مكتب «أبو لطف» في مقرّ الدائرة السياسية، حتى تتجاذبك مكوناته، فيأخذك التاريخ.. بعيدا.. وقريبا، ردهة بردهة.. فتشغلك مقولة قسّ ابن ساعدة الايادي خطيب سوق عكاظ، وأنت تقرؤها لوحة من بين اللوحات والصور المعلقة على جدار الفناء.. فناء المكتب، وقد كانت الشاشة التلفزيونية، بصورها المتحركة والناطقة، وبقنواتها المتعدّدة.. الشيء الوحيد المتحرّك على هوى الساسة الحاليين في العالم.. في حين بقي «ابن ساعدة» و«عرفات» و«عبد الناصر» و«أبو جهاد» و«أبو إياد» كل واحد منهم تصح عليه مقولة «الرّجل أثر بعده»..
لوحة ابن ساعدة تقول إذن «أي بُني،
إذا دخلت حربا ورأيت فيها الجبان يكرّ.. والشجاع يفرّ وخسيس المحتد يتحكّم في عتيد المحتد فأنأى إلى رابية وترقّب.. فإن في الأمر خيانة..
هذه اللوحة المكتوبة بتلك العبارات، سألت عنها السيد فاروق القدومي، أن لماذا تحتفظ بها في صدارة المكتب تقابلك حيثما جلست، فقال: لأنني ألقاها أمامي.. وهي عبرة لمن يعتبر..
بعد صمت غير قليل في الزمن، يتكلم فاروق القدومي اليوم، كما لم يتكلم أبدا من قبل.
بدأت الحوار بسؤال يهمّ آخر مستجدات القضية الفلسطينية.
المفاوضات بين فصيلي «حماس» و«فتح» عبر القاهرة، ما فتئت تتعثر.. وفي كلّ مرحلة يطالعنا هذا الملف، بمواقف جديدة.. فهل بإمكان السيد فاروق القدومي، الذي نأى بنفسه على ما يبدو، عن هذا المشهد التفاوضي أن يعطينا رأيه الذي يمكن أن نقول عنه إنه «العين الثالثة» فتنير الرأي العام حول هذ االملف؟
ما دام الأمر كذلك، لا بدّ وأن نتكلّم بوثائق وبأمر رسمي.. (وقف القدومي وأخذ حزمة من الوثائق يتصفحها وهو يتكلم عن الوثائق.. ) ورقة عمل فلسطينية.
إن مشكلة المصالحة، قد امتدّ زمنها منذ عام 2006.. وكنّا قبل ذلك قد استبشرنا بالقرار الذي صدر في 17 مارس لعام 2005، تؤكد فيه جميع الفصائل الفلسطينية وبحضور اللواء عمر سليمان، ممثل مصر، بضرورة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن تعثرت هذه الجهود وحصلت الاشتباكات المسلحة في غزة عام 2006. فاضطربت الأمور، وتعقدت العلاقات الثنائية بين السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» وقدمت مقترحات متعددة في هذا الشأن، عندما صدر بيان الفصائل في عام 2005، اجتمعت المنظمات في دمشق وقدمت لهم ورقة عمل فلسطينية حول تفعيل المنظمة. ولكن لم يتم هذا التفعيل، فقد كان انشغال «حماس» والسلطة الفلسطينية في أمور تشكيل الحكومة المحلية في الضفة والقطاع، ومضت الأشهر، وقدمنا مقترحات لجامعة الدول العربية، والتقينا بالأمين العام معالي السيد عمرو موسى وتناقشنا حول هذه المقترحات وأكدنا لمعاليه، أن عقد المجلس الوطني الفلسطيني، هو السبيل لحلّ الخلافات. واقترحنا عددا من النقاط لمعالجة هذه المسألة، وقلنا إن الحوار في إطار فلسطيني واسع، أي في المجلس الوطني هو السبيل الى الحلّ، وحذرنا من أن تصبح السلطة الفلسطينية المحلية بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينية (م ت ف) ولا بد من القول، إن هناك نقاطا هامة يختلف عليها الطرفان ف«حماس» تصرّ على ذكر المقاومة المسلحة، ولكن السلطة تنفي قبولها بالمقاومة المسلحة. و«حماس» تمسك بالبندقية، وترفض اتفاق «أوسلو» وترفض الاعتراف ب«إسرائيل» وهذه نقاط خلاف هامة، أما إذا تجاهلنا منظمة التحرير وميثاقها وأنظمتها المرعية، وبرنامج عملها المرحلي، ومبادئها وأهدافها المركزية واستبدلنا ذلك بالشؤون المحلية في الضفة والقطاع، وبالمجلس التشريعي وبالانتخابات المحلية، والوطن محتل، في إطار الضفة والقطاع، فقد نهمل قضية اللاجئين وحق العودة، والقرارات الشرعية، التي أصدرتها الأمم المتحدة وأقرّها المجلس الوطني في دورته الثامنة عشرة، بالجزائر (1988). وهذا يضع علامة استفهام حول هذه المصالحة، والى أين تقود؟.. وهل تنحصر حول حل مقترح في اطار الضفة والقطاع؟ وهذا أمر نرفضه.. وقد سبق للمجلس الوطني أن أصدر قرارا برفض القرار 242 لأنه يخص الدول العربية ولا يخص القضية الفلسطينية بالذات..وهذا يعني أن التنازلات مع الأسف، بدأت بعد الاعتراف بالقرار (242)، علما أن المغفور له الرئيس جمال عبد الناصر حيّا المجلس الوطني بأعضائه، حضورا قائلا: «من حق منظمة التحرير الفلسطينية أن ترفض قرار 242».
إن استمرار هذا الحوار بين «فتح» و«حماس»، في اطار الضفة والقطاع سيقودنا الى متاهات، تضرّ بالقضية الفلسطينية، وتمسّ الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف، للشعب الفلسطيني. ولا أعتقد أننا سنصل الى نتائج، يمكن أن يقبل بها الطرفان، وهذا ما جعلني أبتعد عن هذا الحوار لكل هذه الأسباب وخشيتي أن يقودنا الى متاهات التسوية الوهمية.
قلت في معرض سؤالي الفارط، إنه يمكن اعتبار الأستاذ فاروق القدومي العين الثالثة، فما رأيك في ما أعلن من أن السعودية، قد دخلت على خط المفاوضات، فهل سيكون في الأمر تسريع للتفاهم أم عكس ذلك، سوف يحصل؟
في الحقيقة، لم تصلني حتى الآن تأكيدات حول دخول المملكة العربية السعودية في شؤون الحوار بين الاخوة، ومازلت أنصح بأن تبتعد «حماس»، عن السلطة وتتمترس في المجلس التشريعي، مادامت تمتلك الأغلبية.. لأن التعامل مع «اسرائيل» من جانب «حماس»، يلزم بأن تعترف «حماس»، بإسرائيل، وبالاتفاقات المعقودة، وبوقف المقاومة المسلحة، وهذا ما توافق عليه السلطة الفلسطينية، لكي تقبل «اسرائيل» التعامل مع حكومة يرأسها عضو من حركة «حماس». وإذا قبل أن لا بدّ من انتخابات جديدة فأنا لا أضمن أن تكون هذه الانتخابات، نزيهة، بعد هذه التطورات التي جرت، قبل أشهر،ودخول كل قيادات المنظمة وفتح الى الضفة الغربية، المحتلة، وممارسة عمل هذه القيادات، تحت أبصار قوى الاحتلال الاسرائيلي بالاضافة الى الترتيبات الأمنية التي يرأسها الجنرال «دايتون».
كيف ترى ملف القضية الفلسطينية، بكل مكوناته الحالية، وهو يناقش في القمة العربية المقبلة؟
قدمنا عام 2005، وقرّرنا كما أسلفت، هذه المبادرات للجامعة العربية ولعدد من الدول العربية، وهذه هي ورقة العمل بالتفصيل، والتي لخصناها في كتاب (رسالة) لنا، عام 2008 لمعالي الأخ الأمين العام لجامعة الدول العربية.. (الأستاذ فاروق القدومي، يسلمني الورقة المغنية، وفيها كشف لواقع القضية من حيث الجانب النضالي وفيها نقد لمسار «أوسلو»، وتتضمن كذلك اقتراحات فيها بالخصوص: حفاظ على (م ت ف)، كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.. وسوف تتولى «الشروق» نشر هذه الوثيقة في إبّانها)..
وماذا كان مصير الورقة؟
تناقشنا مع الأمين العام، وقد استحسن هذه المقترحات.. وكان ذلك بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب، في الدورة التي ترأسها المملكة العربية السعودية وقدّمنا نسخة من هذا الكتاب (الرسالة) لسمو الأمير سعود الفيصل.
لو تسمح نعود إلى موضوع المصالحة الفلسطينية، لو ثبت ودخلت السعودية في المسار، هل تعتقد ان يحدث تقدّم في الأمر؟
لقد سبق لأشقائنا في المملكة العربية السعودية، ان دخلوا في هذه المصالحات وعُقد اجتماع في المملكة للاطراف المعنية، واتفق الطرفان، حسب وثيقة مكتوبة على هذه الوثيقة، وأقسموا أمام الله في الكعبة، ولكنهما عادا واختلفا بعد ذلك..
نقول ايها العرب، سهّلوا للشعب الفلسطيني ان يعقد مجلسا وطنيا يحضره الجميع، الفصائل المنضوية تحت (م.ت.ف) وغيرها أيضا من القوى الوطنية.
ماذا يقول القدومي سنة 2010، وقد لمسنا منذ مدة غياب صوت «م.ت.ف» وصوت القدومي في المحافل الدولية وفي المحافل الاقليمية، ونذكر منها يوم 29 نوفمبر من كل سنة حين كنت تعتلي منبر الجمعية العامة، وتذكّر المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه القضية في ذكرى التقسيم، وأعني كذلك القمم العربية ومجالس وزراء الخارجية حيث كان «لأبو لطف» الكلمة الحاملة للوجع... والمداوية له؟
منذ سنوات وخاصة بعد استشهاد الأخ «ابو عمار» بفترة قصيرة استنكفت عن القيام بهذا الدور... بعد ان تأكدت ان السياسة التي تتبعها السلطة الفلسطينية لا تقود الى حلّ سياسي، مقبول لأن «اسرائيل» بعد هذه التجربة الطويلة اثبتت انها لا تريد السلام.. بل تحاول كسب الوقت من خلال التسويف والمماطلة لبناء مزيد من المستوطنات والاستمرار في مصادرة الاراضي الفلسطينية وتهويد القدس ومحاولات المساس بالحرم الشريف وترفض مجرد بحث قضية اللاجئين.. وتدّعي انها توافق على حل الدولتين، وتجميد الاستيطان لفترة من الزمن علما وأن مجلس الأمن وافق بالإجماع، على تفكيك كل المستوطنات عام 1980 طبقا لقرار مجلس الأمن 465.
(الأستاذ فاروق القدومي، ينهض من مكتبه ويجلب كتابا ضخما يتضمّن كل قرارات مجلس الأمن الدولي).
ويواصل القدومي وهو يفتح الكتاب: الى جانب القرار 465 حول المستوطنات هناك القرار رقم 476 والقرار رقم 478.
فأما القرار 476 ويخصّ اعلان بطلان الاجراءات التي اتخذتها اسرائيل لتغيير طابع القدس وصادر في 30 جوان 1980، والقرار 478 الذي ينصّ على عدم الاعتراف بالقانون الأساسي الذي أصدرته اسرائيل الخاص بالقدس، ودعوة الدول لسحب بعثاتها الديبلوماسية من القدس.
أما قرار 465 فهو ينصّ على مطالبة اسرائيل بتفكيك المستوطنات والتوقف عن التخطيط للمستوطنات وبنائها في الاراضي العربية المحتلة بما فيها القدس.
كل هذه القرارات لم تعمل بها اسرائيل ولم تعرها اهتماما، ونحن نطالب فقط بالتجميد؟! هل يعقل؟ فالمطلب الأساسي هو تفكيك المستوطنات..
لقد تقلّصت المطالب الفلسطينية، وكأننا نقدّم تنازلات مجانية للدولة العنصرية «اسرائيل» دون مقابل .. وندّعي أننا مع السلام الدائم والعادل.. والمستوطنات تزحف، والاحتلال يحكم حصاره او قبضته على الارض الفلسطينية ويهوّدها...
فهل المسؤولون العرب، مستعدّون لمدّ يدهم لمساعدة من يريد ان يفتدي نفسه لتحرير فلسطين من خلال البندقية مهما طال الزمن؟
فالمعونات التي تقدّمها الدول الغربية، هي إبر تخدير لإسكات صوت المقاومة، ولتخدير العاملين في السلطة... وهذا يرعاك الله، هو الخدعة بكاملها.
إذا عقد الآن مجلس وطني فلسطيني مثلما تنادون به، فكيف ستكون النتائج؟
اذا عقد مجلس وطني فلسطيني (أعلى سلطة في م.ت.ف) فسوف يكون النجاح للمقاومين...وسوف تفشل سياسة الخمول والكسل والتأجيل والانتظار والمطالبة دون استخدام البندقية. لقد قبل العرب (الانظمة) التعامل مع السلطة الفلسطينية بعد استشهاد الاخ «أبو عمار»، وكم كتبنا لهم ولم يستمعوا... وأخص بالذكر من يمدّون السلطة بالمال، فيطيلوا عمر هذه السلطة... التي تمارس أعمالا لا يمكن ان تقود الى التحرير، بل تعطي الفرصة الزمنية «لإسرائيل» كي تكمل سياستها الاحتلالية، وترضي الفلسطينيين، والادعاء ان الاردن العزيزة هي وطن الفلسطينيين...
وأقول هنا ان الشعب الفلسطيني سيتغلب في النهاية على كل هذه الظواهر المؤسفة ويعود مرة أخرى الى البندقية ليقاوم مهما طالت به المقاومة وسنوات الاحتلال. فالنهاية ان شاء الله ستقود الى النصر، وقد سبق ان قلت ومازلت أؤمن بما أقول، كما قالت ايضا وزيرة خارجية السويد يوما ما: «اسرائيل لم تقُم بناء على دعوة توراتية او حول مسار تاريخي بل من خلال قرار للأمم المتحدة وعليها ان تحترم هذا القرار وشروطه والا فقدت شهادة ميلادها».
وأنا أقول «اسرائيل» دولة قامت قسرا في التاريخ وسوف تنتهي كما انتهت اليه دول أخرى كالاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا.
بعيدا عن الديبلوماسية، كيف ترى مسألة الجدار الفولاذي الذي أقامته مصر مع غزة؟
لو رجع الامر اليّ، فأنا لا أرى ضرورة في اقامة هذا الجدار... واعلم حقا ان الولايات المتحدة والدول الأوروبية تمارس ضغوطا على أشقّائنا في مصر لبناء مثل هذا الجدار لمنع «التهريب» والقضاء على الأنفاق. والسؤال: ما دامت غزة محاصرة من كل الجهات، فكيف نفسّر بعد ذلك اقامة هذا الجدار حول قطاع غزة الذي يعني بالنتيجة مزيدا من الحصار على شعبنا هناك...
القمة العربية على الأبواب، لو حصل ودعي القدومي اليها، هل تشارك؟ كيف تراها تتناول القضايا العربية التي كثرت وتفاقمت؟
لقد قلت ان «م.ت.ف» بكل أوجهها السلبية الآن تتولى مسؤولية العمل السياسي والمفاوضات ونحن نختلف مع هذه المنظمة بشكلها الحالي، وبممارساتها اليومية... ولذلك فإن انعقاد مؤتمرات القمة لا تلبي في نظري مطالب الامة العربية في دعم المقاومة الفلسطينية او الحرص على الاستمرار في هذا النهج، والبعض منهم يقول بينه وبين نفسه: هذه السياسة العربية تعفينا من مسؤولية التحرير ما دام هناك ممثل لفلسطين نوافق على ما يقوم به من أعمال... علما انهم (العرب) يذكرون ان السلطة أخطأت في تأجيل تقرير «غولدستون» حول جرائم الحرب الاسرائيلية في غزة. وحول المآسي والتدمير الذي قامت به اسرائيل.
طيب هل تذهب الى القمة؟
لن أذهب...
ألهذه الأسباب التي ذكرت؟
نعم، اذا رأى العرب ان يدعموا الفلسطينيين فليبحثوا عمن يحمل البندقية ويطلق الرصاص على الاحتلال الاسرائيلي.
حوار: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.