لما علمنا بالموضوع لم نصدّق تفاصيله الغريبة والمؤلمة في ذات الوقت، ولذلك كان لزاما علينا ان نتحوّل الى المستشفى الجامعي بصفاقس لنعاين ونتأكد من صحة الخبر الذي انتشر وذاع في صفاقس بشكل كبير... الخبر بل الحكاية تقول إن مصابا بالمستشفى في غيبوبة منذ أكثر من 6 أشهر عليه دفع 23 ألف دينار ليغادر المستشفى ويتلقى العلاج في بيته.. المصاب يدعى محمد الأكودي، في العشرين ربيعا، يتيم الأب، وعائلته تتركب من أم لا تعمل وأخت لا تعمل كذلك بالرغم من انها متحصلة على اجازة تطبيقية في السياحة والتراث، وشقيق لا يعمل هوالآخر... كل هذه البيانات تؤكد ان العائلة في حاجة الى مساعدة لمجابهة صعوبات الحياة ومصاريفها الجارفة والمصاريف التي تنتظرهم للعناية بشقيقهم محمد.. شاءت الأقدار ان يتعرض الشاب الى حادث مرور، ففي مساء يوم الأحد 29 جوان من السنة الفارطة، كان محمد يمتطي دراجته النارية بطريق السلطنية وفجأة قطع شيخ الطريق امامه، فحاول السائق تجنّب الاصطدام فسقط من دراجته النارية ليصطدم رأسه بالمعبد.. نزف وأغمي عليه وتم نقله على جناح السرعة الى المستشفى الجامعي بصفاقس حيث أقام بقسم الإنعاش ومنه بقسم الجراحة العامة بعد ان خضع للعديد من التدخلات الطبية والجراحية. كل هذه المعطيات تبدوعادية ولا راد لقضاء الله سبحانه وتعالى، لكن ما هوغير عادي هومصاريف العلاج التي فاقت ال 23 مليونا وعلى العائلة التي تتكوّن من 4 أنفار والذين لا عمل لهم جميعا ان يدفعوا هذه القيمة المالية التي لا يتخيلونها أصلا حسب تعبير شقيقته حبيبة ليتمكنوا من نقل شقيقهم الى بيت والديه.. اتصلوا بإدارة المستشفى راجين منهم اجتهادا أوتدخلا انسانيا ، إلا انهم فهموا أن أبواب الإجتهاد أغلقت ومفاتيحها في قعر البحر ، راسلوا الجهات المعنية ، حاولوا الإتصال بمن في يده القرار ، إلا انهم وجدوا كل الطرق مسدودة .. شقيقته حبيبة التي اتصلنا بها ودعوناها لسرد الحكاية وتفاصيلها المرة ، لم تقدر بالمرة على الإجابة عن أسئلتنا التي وجدنا فيها حرجا كبيرا خاصة حين سألناها عن الوضعية الإجتماعية والمالية للعائلة ، وعن الحالة الحقيقية للمصاب محمد الذي يؤكد الإطار الطبي وشبه الطبي القائم عليه على انه لا يمكنهم فعل أكثر مما فعلوا والفرج بيد الله الواحد الأحد .. مع كل سؤال دمعة وشهقة ، فالعائلة ممزقة بين قلة الدخل والشهامة التي تغنيهم عن السؤال ، في أكثر مرة رددت علينا قولها « السؤال لغير الله مذلة ..هناك العديد من أصحاب القلوب الرحيمة الذين اتصلوا بنا لمساعدتنا ، نشكرهم على كل كلمة وعلى كل مساعدة، لكن مشكلة شقيقي بل مشكلة العائلة لا تحل ببعض الدنانير، فمعلوم الإقامة بالمستشفى 23 ألف دينار تضاف إليها نفقات أخرى تتمثل في كرسي متحرك باعتبار أن كل الفحوصات الطبية أكدت ان محمد مصاب بشلل نصفي، ومع الكرسي لا بد من اقتناء جهاز تنفس اصطناعي وغيره من التجهيزات والتي على العائلة توفيرها حتى يغادر محمد المستشفى ويبتسم بين أفراد عائلته .. هم ، ورغم حالته الصحية، ينتظرون عودته إلى البيت، بل إن القائمين عليه طبيا في المستشفى طلبوا منهم ذلك، إلا أن ظروفهم المادية تحول دون العودة بالشقيق، فهل من إجتهاد إداري يمنح العائلة فرصة الإبتسامة، وهل من تدخل من الجهات المعنية تلين به قوانين العلاج الصلبة في بعض الحالات، وهل من مورد رزق قار للعائلة حتى من خلال تشغيل شقيقته حبيبة لتتمكن من مجابهة مصاريف الحياة والعلاج ؟. هذه الأسئلة التي نطرحها في شكل رجاء أكيد انها ستجد آذانا صاغية ، ففي تونس لا تقهر العائلات بفقرها، بل تقهر الأمراض والعلل وهوما أكدته الأيام في تونس التغيير ..