الى أين ستصل الأوضاع؟ ومتى يأتي الإنفراج ؟ سؤالان من جملة اسئلة حائرة، ثقلت بها صدور المحامين منذ أشهر، وهم يتابعون مشهدا يكاد يكون يوميا في اتساع هوة علاقة عميدهم بباقي اعضاء مجلس هيئتهم الوطنية !!! ليمر القطاع من أزمة مهنة .. الى أزمة تسيير وأداء وتصرف لهياكلها !! وباستعراض تاريخي للأحداث التي عاشتها المحاماة خلال الفترة النيابية الحالية فانها انطلقت بطبيعة الحال منذ صعود الأستاذ البشير الصيد على رأس العمادة وهو يتلقى التهاني وسط حشد من مناصريه والمصدح في يده وهو يعلن على رؤوس الملإ انه «سيكون عميد حوار ولن يكون عميد صدام طالما مدت السلطة يدها الى المحامين لاصلاح اوضاعهم». مكاسب وانجازات لطالما نادى المحامون طيلة اعوام بضرورة اصلاح المهنة وانقاذها من وضع متأزم تراكم مثل كرة الثلج لتزيد حدته من عام الى آخر ومن دخول فوج الى وصول الذي يليه عندها انطلق الحوار بين السلطة وهيئة المحامين فتحققت وهذا باقرار الجميع عديد المكاسب التي أتى في مقدمتها تمتع المحامين بحق حرموا منه طيلة سنين خلافا لباقي القطاعات والشرائح، وهو التأمين الصحي لهم ولعائلاتهم بالاضافة الى نيابة المحامي في التسجيل العقاري، والتعقيب الجزائي وتمليك نادي المحامين لفائدة الهيئة الوطنية وتوحيد مدخل المهنة بواسطة المعهد الأعلى للمحاماة .. وغيرها من المكاسب التي أذن بها سيادة رئيس الدولة عند استقباله لعميد المحامين وأذن له إبان ذلك اللقاء باعداد مذكرة تفصيلية حول باقي المطالب المشروعة للمحامين والهدف يبقى دائما الخروج بالقطاع من وضع تردى فيه والسمو به الى المرتبة التي تليق به. والمكانة التي يستحقها كجامع لنخبة متميزة من المجتمع. هل سادت الاعتبارات الانتخابية ؟ مع تحقق المكاسب المذكورة آنفا ظن عموم المحامين بادئ الأمر - وظنهم منطقي - ان ما تحقق هو بداية انفراج، والآتي حتما لن يكون الا تبشيرا وتوقا الى ما هو أفضل لكن احداث تلكم الايام وتحديدا منذ شهر نوفمبر 2008 أتت بعكس ما انتظره المحامون، والانطلاق كان من رسالة أمينة مال الهيئة الوطنية للمحامين، عددت خلالها ما رأته جملة من الإخلالات المالية في تسيير مجلس ادارة الصندوق والهيئة الوطنية لتتتالى اثرها البيانات والبيانات المضادة والردود والتشنج والتوتر في علاقة العميد بمن سمي آنذاك بالرباعي لتتسع الهوة شيئا فشيئا ومن الصعب ان يمر يوم دون أن يطفو على سطح الأحداث جديد، لا يتعلق بانجازات للقطاع بل ب «معارك» وتأزم للعلاقة بين العميد وعدد هام من أعضاء مجلس الهيئة حيث لم يعد الحديث عن خصوم العميد من «الرباعي» فقط، بل اضحوا «عشاريا» نسبة الى عدد الأعضاء الذين امضوا على قرارات 6 نوفمبر 2009 الشهيرة وصفها العميد «بالانقلاب» ورأى اصحابها انها استعادة من المجلس لما سلبه من العميد ومن دلائل تأزم الوضع، ان مجلس هيئة المحامين. أضحى عاجزا حتى عن تنظيم ومواصلة اجتماعات «روتينية» على غرار التأديب والترسيم !!! وبعيدا عن تحميل المسؤولية لطرف دون الآخر فالمحامون عارفون اكثر من غيرهم بتمييز الخطإ من الصواب وان استحقاقات انتخابات العمادة والهيئة الوطنية والفروع الجهوية هي التي تسطر وترسم أجندا تحرك كل طرف من أطراف الخصام !! ويجزم المتابعون ان الدواعي الانتخابية أزاحت جميع الاعتبارات المهنية التي انتخب من أجلها جميع مسؤولي هياكل المحاماة ووضع المحامون فيهم ثقتهم، من أجلها !! ومن طبيعة الأمور ومنطقها ان تدخل اطراف اخرى من خارج الهياكل اللعبة سواء لأسباب انتخابية، او سياسية، فكل طرف يسعى الى استغلال «المعركة الحالية» ليضع قدما داخل الساحة وهناك من يرى ان رحى المعركة يخلق فراغا يسمح له بتعزيز حظوظه للفوز بانتخابات 2010، وليس من مصلحة هذا وذاك، ان تهدأ الأمور ولو ليوم واحد مع اقتراب موعد جوان 2010 !! من أزمة مهنة الى أزمة تسيير ؟! وبناء على ما سلف ذكره فان الانطباع السائد الذي أضحى يحمله عموم المحامين هو ان مهنتهم مرت من مرحلة أزمة قطاع برمته الى أزمة تسيير وتصرف داخل هياكل انتخبوا مجالسها ووضعوا ثقتهم لتلبية حاجياتهم وتقديم الخدمات التي هم في حاجة اليها وليس أفضل دليل على ذلك سوى ان مجلس الهيئة الوطنية للمحامين المسؤول الأول والأعلى عن تلكم الحاجيات والخدمات أضحى يعيش حالة من التأزم الداخلي قد تصل به الى حالة توصف ب«البلوكاج» ويصبح عندها عاجزا عن القيام بما انيط بعهدته فما يقرره طرف يرفضه الآخر بعيدا عن أي اعتبارات مهنية، ولتتقاذف أمواج خلافات المجلس مصالح المحامين وحاجاتهم دون أدنى احترام لمعنى الثقة التي وضعت فيهم جميعا !! وبناء على ما سبق ذكره وتحليله فانه يجوز القول بأن ملامح العميد القادم بدأت تتشكل وتكتمل صورته في اذهان عموم المحامين وهم يرونه عميدا قادرا على التفاعل الايجابي مع ما تحقق من اصلاح يحسن ادارة مجلس الهيئة والصندوق. ويكون قادرا على السمو بالقطاع الى ما يليق به من مكانة ناضلت من أجلها أجيال وأجيال من المحامين.