تسارعت الاحداث مؤخرا داخل قطاع المحاماة وتحديدا بين هياكلها المنتخبة وهي لا تخرج عن التواصل لما حدث في الجلسة العامة العادية للهيئة الوطنية للمحامين يوم 4 جويلية الماضي فزاد الانقسام بأكثر حدّة بين العميد وأغلب أعضاء مجلس الهيئة الوطنية. وتوضحت الامور بجلاء أكثر اثر اجتماع لمجلس الهيئة يوم الجمعة 6 نوفمبر الحالي، وما تمخّض عنه من قرارات اعتبرها أصحابها «استرجاعا لمجلس الهيئة لمهامه»، في حين اعتبرها العميد الصيد «انقلابا على شرعيته كعميد منتخب من عموم المحامين». ولمزيد تقييم الوضع الحالي وما آلت اليه المستجدات ارتأينا فسح المجال امام عدد من المحامين من بينهم الاستاذ العميد الاسبق عبد الجليل بوراوي لإبداء الرأي في هذه الاحداث المتسارعة وتقييمهم لها. أحداث مؤلمة الأستاذ عبد الجليل بوراوي قال ان ما نطالعه على أعمدة الصحف مؤلم جدا باعتبار ما وصلت اليه العلاقة على مستوى هياكل التسيير بين مختلف الاعضاء وباعتبار ما وصلت اليه المزايدات الكلامية والتهم. وكان الاحرى بالجميع الرجوع الى الثوابت التي تقوم عليها المهنة وتقاليدها، وكذلك لما كان عليه سلوك شيوخ المهنة من عمداء سابقين وأعضاء المجالس المنتخبة. وحسب اعتقادي ان ما وصلت اليه الاوضاع الآن لا يكفي لإخفاء أسبابه الحقيقية تهمة البعض بالدخول في حملة انتخابية سابقة لأوانها لأن الجميع يعلم انه منذ اكثر من عام أصبحت الهياكل على مستوى التسيير الاداري والمالي أصبحت موضوع شك وتهم لم يسبق للمحاماة ان عرفت مثيلا لها. وما زاد في تأزم الاوضاع هو عدم الوقوف في حلّ هذه المشاكل على مستوى الهياكل واللجوء الى التراشق بالتهم على أعمدة الصحف. وما تم في الايام الاخيرة لا يخدم لا المحامين ولا المحاماة، وبعيد كل البعد عما انتخب من أجله المحامون ممثليهم عميدا واعضاء المجالس والمحامون في انتظار تقديم الخدمات التي هم في حاجة اليها بعيدا عن الضوضاء والتهم. وبصفة شخصية أدعو شيوخ المهنة الى التدخل خاصة على مستوى العمادة ومجلس الهيئة الوطنية للمحامين ووضع كل المشاكل على بساط النقاش ومحاولة الوصول الى حل على الأقل يضمن مواصلة تصريف شؤون المحامين واسداء الخدمات التي هم في أشد الحاجة اليها بصفة يومية الى نهاية السنة القضائية علما وانها ستنتهي بجلسة عامة انتخابية لتجديد الهياكل. كارثة أما الاستاذ جمال مارس فقد اعتبر ما حصل يوم 6 نوفمبر 2009 كارثة للمحاماة التونسية التي لا عهد لها بذلك، وانقلابا على مؤسسة العمادة وعلى شخص العميد وعلى الشرعية بالدرجة الاولى. ما حدث يوم 6 نوفمبر الحالي لا يمكن اعتباره عملا منعزلا بل هو مؤامرة مدبّرة اتضحت ملامحها منذ بيان أمينة المال في نوفمبر 2008 والذي وجّهت فيه اتهامات متعلقة بالفساد المالي في حق شخص العميد ثم تلاه بيان «الرباعي» من الهيئة الوطنية للمحامين الذي أتى على نفس السياق. وتواصلت الاحداث منذ ذلك التاريخ الى حين ما حصل في كارثة 6 نوفمبر. فهو غير شرعي على اكثر من مستوى وجميع القرارات التي اتخذها مجلس الهيئة بعد تغييب العميد هي قرارات باطلة بصورة مطلقة. ومن جهتي أشاطر بيان فرع صفاقس بتاريخ 10 نوفمبر الجاري والذي أدان «اعتداء عضوين من الهيئة الوطنية للمحامين على شخص العميد» ودعا الى اجتماع مجلس العمداء وقواعد المحامين الى ارجاع الأمور الى نصابها والالتفاف حول مؤسسة العمادة باعتبارها الضامن الوحيد لوحدة صف المحامين وأدعو جميع الزملاء والزميلات الغيورين على مهنة المحاماة بعيدا عن كل حسابات انتخابوية وسياسوية ضيّقة الى الوقوف الى جانب الشرعية والانتصار للهياكل الشرعية وارجاع الأمور الى نصابها، سواء من خلال العمل اليومي او عند الحضور بالجلسات الاخبارية والعامة والاتصال بالزملاء في كافة انحاء الجمهورية لتوضيح الحقائق. لأن استمرار الوضع على ما هو عليه، ينبئ بتصدّع المحاماة وحصول كارثة لا مثيل لها في تاريخ المهنة. نتيجة استفراد بالرأي الأستاذ فيصل الجدلاوي قال انه منذ صعود العميد البشير الصيد سنة 2007 بدأت الانتقادات توجه اليه ممن تعمّد تسميتهم «بالقلة القليلة» ونبّهناه أكثر من مرة الى سوء تصرفه الاداري والمالي الذي كان ناتجا عن الاستفراد بالرأي والانحراف بالسلطة في طلبنا منه الالتزام بالعمل المؤسساتي والجمعياتي والتنسيق مع باقي أعضاء الهياكل. ولما قلنا ذلك سمّانا بالمجموعة التي تصطاد في الماء العكر. بالنسبة الى القرارات التي تم اتخاذها يوم 6 نوفمبر الجاري من طرف اعضاء مجلس الهيئة كانت كما قلت نتيجة حتمية لسوء تصرف العميد، وأشدّد على القول بأنها لم تكن تجريدا لصلاحياته بالقانون، وإنما تنقيص من امتيازات فقط. وأمثلة الانفراد بالرأي عديدة فقد اتخذ العميد قرارات بتعيين ممثلين للهيئة لدى جمعيات ومنظمات ومؤسسات دون الرجوع واستشارة مجلس الهيئة بمن فيهم ممثل الهيئة بلجنة الاعانة العدلية بالمحكمة الادارية وأيضا مع محكمة تونس 2. أيضا ممثل الهيئة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي دون استشارة أعضاء مجلس الهيئة بالرغم من ان مجلس الهيئة سبق وأن اتفق على اختيار أحد أعضائه لتمثيلهم بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي. إلا ان العميد البشير الصيد عيّن زميلا آخر ليس عضوا بمجلس الهيئة. هذه بعض الامثلة في سوء التصرف الإداري وبالنسبة الى التصرف المالي فإن العميد يتعمّد أحيانا تسلّم أموال نقدا من خزينة الهيئة دون استشارة باقي الأعضاء بالرغم من مخالفة ذلك للتوصيات الصادرة عن الجلسة العامة الأخيرة. وكما ان القانون لا يفرض على المحامين إعطاء العميد مصاريف خلاص فواتير هاتفه التي تتجاوز 2000 احيانا شهريا. ونفس الشيء بالنسبة الى سيارة وسوء استعمالها وعدم صيانتها بالنسبة لي، فإن مجلس الهيئة مارس مهامه وباشر صلاحياته وأراد تكريس العمل الجمعياتي وغير صحيح ما جاء ببيان العميد. فالدفاتر بالقانون ممسوكة من طرف الكاتب العام وعلى ذمة الهيئة، وكذلك بريد الهيئة يجب ان يمرّ عبر الكتابة العامة. فالعميد لم يتم تجريده من العمادة ويجب احترامها وكذلك احترام التسيير الديمقراطي، ولا أحد يعلو على المحاسبة، وأنا ضد اي اعتداء على العميد إن ثبت ذلك، ويجب على مجلس الهيئة محاسبة كل من ثبت اعتداؤه على العميد. وعليه، فإن ما حصل لا يعتبر انقلابا على الشرعية وأعضاء الهيئة بدورهم منتخبون ومن حقهم ممارسة مهامهم فما وقع هو تصحيح للمسار. وما أعيبه على العميد انسحابه من الجلسة، وكان لزاما عليه البقاء والمواصلة للدفاع عن نفسه وعن المهنة وانسحابه بتلك الطريقة ورفضه مواصلة الاجتماع يطرح عدة تساؤلات!! تصحيح مسار أمور انحرفت الأستاذ حسين الباجي اعتبر ما أسموه ب «انقلاب» تضخيما لفظيا لا معنى له و«فانتازما» من بعض الأطراف لأن ما حدث هو مسار تصحيحي ولا يعدّ انقلابا في شيء فالعميد بقي عميدا وصلاحياته لازالت بين يديه بمقتضى القانون. أما الحديث عن تجريد العميد من صلاحياته فغير صحيح، فالأمر لا يعدو ان يكون تنقيصا من امتيازات. فالبعض لا يفرّق بين الصلاحيات والامتيازات. فبخصوص مسألة السيارة فالأمر لا يعدو ان يكون إلا استئناسا باختبار مجرى، يفيد ان السيارة تهالكت ويجب التفريط فيها، لمصلحة أموال الهيئة. أما بخصوص الهاتف ومنع العميد من الاتصال به، فهو قول مردود عليه منطقا اذ ان قرار المنع يتعلق بعدم دفع فاتورة هاتف العميد. وبالنسبة الى مسك دفاتر الهيئة فالفصل 41 من النظام الداخلي يقر صراحة ان الكاتب العام لمجلس الهيئة الوطنية للمحامين هو الماسك حصرا بدفاتر الهيئة. أما فيما يتعلق بتحجير سفر العميد فهذا القول غير صحيح كذلك منطقا وقانونا لان مجلس الهيئة لم ينتصب كمجلس قضائيا، او نيابة عمومية، او قاضي تحقيق ليمنع شخصا من السفر بل الأمر لا يتعدى كونه أمام تضخم مصاريف السفر قرر مجلس الهيئة عدم التكفل بمصاريف السفر الزائدة على اللزوم وللعميد ان يسافر متى شاء ولا يكون ذلك الا باذن من مجلس الهيئة مع تحديد برنامج السفرة والمهمة المتوجه من اجلها. وعليه فان قرارات 6 نوفمبر لم تجرد العميد من صلاحياته انما صحّحت امورا انحرفت دون المساس من وقار وهيبة مؤسسة العمادة ودون المس من جلال قدر السيد العميد الذي يظل رمز المحاماة والضامن لنصاعة صورتها امام الرأي العام. سابقة خطيرة قبل الخوض في قرارات 6 نوفمبر وصفتها وجديتها قال الاستاذ شوقي الحلفاوي نحن ندافع عن الشرعية والقانون اعطى صلاحيات لمؤسسة العمادة المنتخبة من قاعدة المحامين مهما كان اختلاف العميد مع اعضاء مجلس الهيئة فلا يمكنهم اختراق القانون رغم وجود مبررات ذاتية للبعض وتجاذبات سياسوية للاَخر والانتخابية للبعض الثالث كان يريد بدوره الاشعاع حتى يكون حاضرا في انتخابات سنة 2010 لكن كل ذلك لا يجب ان يؤدي الى خرق القانون وخلق سابقة خطيرة على القطاع. فالقانون يفرض ان جميع مجالس الهيئة واجتماعاتها يترأسها العميد ويحدد مواعيدها وينظم جدول اعمالها. فما حدث يوم 6 نوفمبر 2009، هو انقلاب على الشرعية واغتصاب للسلطة وهو غير مسبوق تماما واطلاقا وخلق استياء عاما لدى عموم المحامين فأعضاء مجلس الهيئة ارتكبوا سابقا - 25 جوان 2009 ويوم الجمعة الماضي اخطاء قانونية جمة وهذا يدل على ان الكفاءة نقصت كثيرا وما حصل يعكس محاولة لاضعاف العمادة وتدل على عدم وعي بخطورة كبيرة على مستقبل المحاماة.