تفرض المستشفيات العمومية، على المصابين في حوادث المرور، مهما كانت خطورة إصابتهم، ومهما كان وضعهم الاجتماعي، دفع معاليم العلاج كاملة والتي تبلغ في العديد من المرات الملايين، وتطال هذه الاجراءات حتى الفقراء والمحتاجين ممن لهم بطاقة علاج مجاني. السيد الأسعد الإينوبلي، أحد هؤلاء الذين اضطر الى تقديم كمبيالات لفائدة المستشفى لعجزه عن دفع معاليم إقامة ابنه المصاب إثر حادث مرور بعدد من المستشفيات من مستشفى الاطفال الى القصاب وصولا الى الرابطة. ابن السيد الإينوبلي، وعمره لم يتجاوز السادسة تعرض الى حادث مرور بأحد أرياف ولاية جندوبة، في أول يوم له للالتحاق بمقاعد الدراسة. وكان مرفوقا بابنة عمه عندما صدمتهما سيارة، فقتلتها على الفور، فيما دخل الطفل أمان الله في غيبوبة، ألزمته الاقامة في مستشفيات العاصمة، التي ظل متنقلا بينها لاجراء عمليات جراحية لاعادته الى الحياة. وكانت «الشروق» قد تناولت القضية من جانبها الاجتماعي، إذ عجز الأب العاطل عن العمل والأم التي تنتظر مولودا جديدا عن توفير أبسط مقوّمات مصاريف ابنهما الأكبر الراقد في غيبوبة، وعجزهما عن توفير مصاريف التنقل اليومي بين جندوبة وتونس العاصمة. وقد تدخلت وزارة الشؤون الاجتماعية ووالي جندوبة لمساعدة الأب، وفعلا خففا عنه وكان موقفهما إنسانيا استحق الشكر. المشكل الآن مع وزارة الصحة، فالأب العاطل عن العمل مطالب بدفع مبلغ مالي يتجاوز الألف وخمسمائة دينار، في شكل كمبيالات، رغم أنه حاصل على دفتر علاج مجاني بتدخل من والي الجهة ووزارة الشؤون الاجتماعية وقد أبلغه المسؤولون بالمستشفيات بأنه لا يمكنه التمتع بخدمات دفتر العلاج لأن ابنه كان ضحية حادث مرور. «الشروق» اتصلت بمصدر مسؤول بوزارة الصحة فقال إنه لا يمكن للمصابين في حوادث المرور التمتع بخدمات دفتر العلاج سواء المجاني أو غير المجاني وذلك لأنهم سوف يحصلون على تعويضات من شركات التأمين. لكن يبقى السؤال مطروحا. إذ في انتظار حكم المحكمة وتنفيذه، والذي يمكن أن يتواصل الى سنوات، كيف لشخص عاطل وفقير وأب لابنين والثالث في الطريق وله دفتر علاج مجاني، لا يعطى أصلا إلا للمحتاجين، أن يتكفّل بمصاريف علاج وعمليات وأدوية، وهو غير قادر على توفير مصاريف تنقله وحتى مصاريف قوته اليومي. السيد الإينوبلي يناشد السلط المعنية التدخل لفائدته ومعاملته بشكل يراعي ظروفه المادية والاجتماعية والنفسية القاسية جدا. فهو مطالب بزيارة ابنه وزوجته الحامل التي ترقد الى جانب ابنها لخدمته، بشكل يومي، وما يحتاجه ذلك من مصاريف قد لا يكون قادرا على توفيرها.