رغم أن الجميع يعرف منذ زمن طويل أهمية مكانة التمور في اقتصادنا الوطني من ناحية وفي حركة التنمية بجهة قبلي بل في الهلال ألواحي بالجنوب التونسي عموما من ناحية أخرى فإن ما أثبته هذا المنتوج الوطني مؤخرا من قدرة على مجابهة الظروف الاقتصادية الصعبة ومن مساهمة فعالة في تحصين الموازنات التجارية التونسية ضد الهزات جعلتنا ننظر إلى هذا القطاع نظرة جديدة ونعيد تثمين أهميته الاستراتيجية في بنية اقتصادنا الوطني وفي ما يمكن أن نأمله من مساهمة له في التنمية الجهوية بولايات الهلال الواحي ونقصد بها قابسوقبليوتوزر وقفصة، فقد جلب انتباه كل المتابعين لحركة المبادلات التجارية لبلادنا مع الخارج خصوصية تطور التمور في هذه المبادلات رغم تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية ففي الوقت الذي سجلت فيه كل المنتوجات بما فيها من مواد أولية ومواد مصنعة وإنتاج فلاحي تراجعات متفاوتة سواء في الكمية أو في المردوديات المالية مقارنة بما كانت عليه في حركة التصدير قبل الأزمة سجلت التمور وبشكل غير منتظر لدى الأغلبية من الخبراء والمتابعين سلوكا تجاريا متفردا إذ سجلت تمورنا خلال السنتين الأخيرتين أي إبان الأزمة الاقتصادية الحالية نسقا تصاعديا مطردا في الكميات المصدرة وفي المردوديات المالية. إذ ارتفعت هذه الإيرادات خلال الموسمين الفارطين من 179 مليون دينار سنة 2007 إلى 188 مليون دينار سنة 2008 لتكسر خلال الموسم الحالي حاجز 200 مليون دينار إذ تناهز 213 مليون دينار هذه السنة فقد صدرت تونس خلال هذه السنة 70 ألف طن من دقلة النور مقابل 61 ألف طن سنة 2008 و59 ألف طن سنة 2007. وكان يمكن أن ينظر إلى هذا التطور باعتباره مسارا طبيعيا لقطاع في حالة ازدهار لو كان هذا التطور قد حصل في ظروف عادية أو كان متساوقا مع مسار بقية القطاعات الأخرى المصدرة ولكن حين يحصل مثل هذا التطور في ظل أزمة عالمية عصفت بكل أنواع المبادلات التجارية الدولية وقلصت من كمية كل البضائع المصدرة ومن مردودياتها المالية وقد شمل هذا الأمر كل منتوجاتنا الوطنية طبعا عدا التمور فإنه أمر يدعونا ويدعو كل المهتمين والمختصين إلى الوقوف إزاء خصوصية هذا القطاع والإحاطة به لا لمجرد تثمين هذه الخصوصية ولكن لتشخيصها تشخيصا علميا ولتفعيلها اقتصاديا لنجعل منها رافدا قارا ومتينا في دعم حصانة موازناتنا التجارية مع الخارج وكذلك لمسار التنمية في الجهات المنتجة لهذه البضاعة وهي ولايات الهلال الواحي: قبلي التي يبلغ إنتاجها من التمور 91 ألف طن وتوزر 45 ألف طن وقابس 22 ألف طن وقفصة 7 الاف طن على أن قبليوتوزر تختصان بإنتاج دقلة النور التي يتركز عليها الطلب العالمي. ونحن إذا ما أردنا أن نفهم العوامل التي تنتج خصوصية سلوك التمور كبضاعة يقع تداولها اليوم في السوق الدولية فإننا لا بد أن نبحث في تاريخ تجارة التمور ببلادنا إذ كان هذا المنتوج الواحي تاريخيا بضاعة يتم تداولها محليا بجهات إنتاجه ثم في السوق الوطنية من خلال تبادله مع إنتاجات جهات أخرى من البلاد خلال تجارة المقايضة التي تنجزها القوافل المرتحلة، ورغم أننا لا نملك سجلا مكتوبا مبوبا يوثق هذا التاريخ فإننا نستطيع من خلال التراث المحكي في مناطق الواحات أو من الشذرات المتناثرة عفويا في بعض المدونات التاريخية الخاصة بمراحل حكم البايات بالبلاد التونسية أن نستشف بعض التفسير لهذه الظاهرة، فمن الأمثلة المتداولة بين الناس في هذه المناطق القول «أهل التمور لا يجوعون» أو «بيت يدخله التمر يخرج منه الفقر» ولعل مثل هذه الأقوال تعود إلى ما عرفه أبناء هذه الجهات قديما من اعتماد كلي على التمور في غذائهم إبان سنوات الجفاف خاصة وهي كثيرة بالجنوب الغربي التونسي فالنخيل هو من الأشجار القليلة التي بإمكانها الحفاظ على إنتاجها دون مياه لعدة سنوات كما أن التمرة هي الثمرة الأكبر قدرة علي الاستمرار دون تعفن في مختلف البيئات والظروف المناخية بما فيها شدة الحرارة زيادة على احتواء التمر على أكبر كميات السكر الواهبة للطاقة مقارنة ببقية المنتوجات الفلاحية كل هذه العوامل هي التي جعلت مناطق الواحات ملاذا لأبناء جهات تونسية وحتى جزائرية وليبية خلال فترات الجفاف والأزمات فشذرات التاريخ المتناثرة تسجل إبان الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وكذلك بداية الثلاثينات عند وصول تداعيات أزمة 1929 إلى بلادنا وكذلك في مراحل من حرب التحرير الجزائرية ومعارك الليبيين مع الطليان أن موجات نزوح كثيرة وصلت إلى مناطق الواحات واستقرت بها كما تسجل بعض كتب التاريخ تركيز البايات في جني الجباية على مناطق الهلال الواحي كلما عرفت بقية جهات البلاد سنوات جفاف أو ثورات، بل لعلنا نجد أكبر دعامة لهذا التوجه في النسبة القليلة من النازحين إلى المدن من أبناء الهلال الواحي وخاصة منطقة التجويف الأوسط فيه وهي نفزاوة (قبلي) والجريد (توزر) فقد انتعشت حركة النزوح نحو المدن تاريخيا خلال سنوات الجفاف أو الأزمات في حين مكنت التمور أبناء هذه المناطق من الصمود بجهاتهم وإن نزحوا أحيانا فقد كان نزوحهم مؤقتا نادرا ما تحول وفي حالات فردية معزولة إلى استقرار في المدن بل قد يلاحظ من يرصد حركة استقرار المهاجرين من جالياتنا بالخارج بمهاجرهم بوضوح ان النسبة الأقل من المستقرين نهائيا ببلاد الهجرة يمثلها المهاجرون من أبناء الواحات. ولكن يظل هذا الفهم التاريخي لدور التمور في تحصين سكان المناطق الواحية ضد تأثيرات الأزمات قاصرا على تقديم تفسير مقنع لقدرة تمورنا على الصمود إزاء تداعيات الأزمات الاقتصادية المستجدة وهو ما دعانا إلى رصد حركة هذا المنتوج وتفاعلاته كبضاعة يقع تبادلها دوليا فلاحظنا أن تطور أسعار التمور في السوق الدولية مر بطفرات تتناسب تواريخها تناسبا غريبا مع تواريخ الأزمات الاقتصادية التي شهدتها اقتصاديات البلدان الأوروبية المورد الرئيسي لتمورنا عبر ميناء مرسيليا الفرنسي إذ عرفت أسعار تمورنا في هذه الأسواق أول ارتفاعاتها الملحوظة التي يمكن أن نعتبرها طفرة سنة 1973 إذ انتقل سعر كلغ دقلة النور المصدرة خلال هذه السنة من حوالي 150 مليما إلى ما يفوق 500 مليم ويجب أن نشير إلى أن سنة 1973 تتوافق تماما مع أزمة اقتصادية أوروبية خانقة نتجت إثر حرب أكتوبر وقرار الحضر النفطي إذ تهاوت بسبب هذه الأزمة أسعار كل البضائع الموردة من البلدان النامية في ما عدا النفط والتمور! ثم تكرر ارتفاع سعر التمور في شكل طفرة سنة 1987 وهي سنة ما يسمى بأزمة التضخم التي تهاوت فيها مؤشرات البورصات الأوروبية إلى حوالي 30٪ وعرفت قيمة إيرادات المواد الأولية والمنتوجات الفلاحية تدهورا ملحوظا بسبب التضخم على خلاف التمور التي غطى ارتفاع أثمانها تلك السنة ما فقدته من قيمة إيرادات تصديرها ثم حصل ما يشبه ذلك تماما سنة 1997 تاريخ أزمة الأسواق الآسوية التي تهاوت فيها مؤشرات البورصات إلى حوالي 40٪ وكذلك سنة 2000 تاريخ أزمة الأسهم التكنولوجية التي بلغ فيها انهيار مؤشر بعض أكبر البورصات حوالي 80٪ فقد عرفت أسعار التمور إبان هاتين الأزمتين نفس طفرات الارتفاع وهو ذات ما يحصل اليوم إبان الأزمة الاقتصادية الراهنة إنه لأمر يسترعي الانتباه ويستوجب الاهتمام هذا التساوق العكسي بين كل البضائع المتداولة في السوق الدولية من ناحية والتمور من ناحية أخرى بل لعلنا نندهش أكثر وقد اندهشنا فعلا حين جبنا واحات المنطقة واكتشفنا أن النخيل فيها والبالغ عددها حوالي 5 ملايين ونصف نخلة ممتدة على 40 ألف هكتار موزعة على أجيال يعود تاريخ غراسة كل جيل منها إلى تاريخ أزمة من هذه الأزمات ويفسر ذلك أن أهالي المنطقة يقبلون بشكل كثيف على إحداث غراسات جديدة إثر كل موسم ترتفع فيه أسعار التمور بشكل ملحوظ وهو ما يحدث فعليا وبشكل جالب للنظر في مختلف مناطق الواحات هذه السنة فكيف إذا نفسر انتقال سعر تمورنا عند التصدير مما يعادل 250 من مليماتنا إلى ما يناهز 7 دنانير عبر بعض القفزات المتزامنة بشكل غريب مع حدوث أزمات اقتصادية. هذه الظاهرة تبدو أسبابها كثيرة لعل أهمها الطابع الروحاني لاستهلاك التمور فغالبا ما يستهلك هذا المنتج من قبل أبناء كل الشعوب في مناسبات دينية ممّا يجعله مرتبطا في أذهانهم وفي وعيهم الجمعي بتضاد موضوعي مع فساد نمط الحياة المعاصر الذي تمثل الأزمات الاقتصادية أكثر درجات تجليه بما تسببه من عسر في المعيش اليومي لأبناء هذه المجتمعات إضافة إلى الوعي البيئي المتصاعد في البلدان الصناعية وعموما في جميع أرجاء العالم واعتبار التطور الصناعي مسؤولا أولا على إنتاج الأزمة البيئية المؤثرة على نوعية الحياة لدى مواطني هذه المجتمعات مما يجعلهم يقبلون بشكل غير مسبوق على المنتوجات ذات السمعة البيولوجية وأهمها التمور طبعا فالنخلة تعرف بأنها الشجرة الوحيدة التي يتأذى ثمارها آليا بمجرد تغذيتها بمواد كيمياوية وفعلا فقد تضاعفت صادرات بلادنا من التمور البيولوجية هذه السنة لتصل 3 الاف طن صدرت نحو ألمانيا خاصة. محمد المغزاوي الوطن القبلي: ضعف في عدد محاضن الأطفال رغم التشجيعات الوطن القبلي «الشروق» شهد قطاع الطفولة بالجهة على مستوى محاضن الأطفال تطورا طفيفا في نسق الإحداثات الجديدة حيث بلغ عددها 10 وهذا راجع للشروط الواردة بكراس الشروط وفي هذا الصدد قامت وزارة الإشراف بمراجعتها مع إدخال بعض المرونة على فصولها وهو ما قد يدفع نحو تطور عدد المحاضن في السنوات القادمة أما عدد الأطفال المنتفعين بخدمات المحضنة فلم يتجاوز 128 طفلا وهو ما يعتبر عددا متواضعا. أما بخصوص قطاع رياض الأطفال فقد شهد تطورا عدديا ملحوظا من حيث الاحداثات الجديدة حيث بلغ عدد رياض الأطفال سنة 2009 259 روضة أطفال بالمقارنة مع سنة 2008 فقد كان عددها 251 روضة أي بزيادة 8 رياض كما ارتفع عدد المستفيدين 11643 طفلا أي بزيادة 736 طفلا وقد وفر الاستثمار في هذا القطاع مواطن شغل ل 654 من الإطارات سنة 2009 أما سنة 2008 فقد بلغ عدد الإطارات العاملة في هذا المجال 495 أي بزيادة 150 إطارا وحرصا على ضمان تكافؤ الفرص للجميع على مستوى التغطية وجودة الخدمات فقد أولت مصلحة الطفولة بنابل للرسكلة والتكوين المستمر عناية خاصة حيث بلغ عدد التربصات والأيام الفنية والبيداغوجية في مختلف مجالات الفعل التربوي بمؤسسات الطفولة المبكرة 30 دورة وشمل التكوين 518 إطارا ويتواصل السعي لتنفيذ البرنامج الرامي الى الرفع من نسبة التغطية لفائدة الفئة العمرية بين 3 و6 سنوات من خلال تطوير عدد رياض الأطفال وتشجيع الباعثين الشبان وكافة المنظمات والجمعيات ذات العلاقة لبعث رياض أطفال بالمناطق السكنية والأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية من خلال إسناد منح وتشجيعات ولمزيد دفع القطاع لا بد من تفعيل دور البلديات في مجال التنشيط التربوي الاجتماعي وذلك بالإبقاء على الرياض البلدية ومزيد تحفيز الباعثين الخواص على بناء مؤسسات يتم تهيئتها للغرض وذلك بتمكينهم من مقاسم أراضي بأسعار مناسبة وبقروض بنكية ميسرة وتشجيع الباعثين على إحداث رياض أطفال بالمناطق الريفية ذات الكثافة السكانية. 1440 مليون لنوادي ومركبات الطفولة وقد وضعت الوزارة مخططا يهدف للنهوض بمؤسسات التنشيط التربوي والاجتماعي من خلال تأهيل نوادي للأطفال من حيث تهيئة الفضاءات وتدعيم المؤسسات بالتجهيزات والسعي لتطوير البرامج المقدمة للأطفال وقد أولت مصلحة الطفولة للرسكلة والتكوين المستمر عناية خاصة حيث بلغ عدد التربصات والأيام الفنية والبيداغوجية 25 دورة استفاد منها 350 إطارا وخصص المجلس الجهوي للتنمية 1440 مليونا لإحداث مؤسسات التنشيط وتطويرها.