عرفت أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعا خلال الفترة الاخيرة حيث فاق سعر الكلغ الواحد 15 دينارا في بعض نقاط البيع، وهو سعر لا يتلاءم في رأينا مع القدرة الشرائية للمواطن التونسي. والسؤال الذي يفرض نفسه ما هي الأسباب الموضوعية للترفيع في الأسعار الى هذا الحد؟ وما مصير اللحوم الحمراء في ظلّ نقص الأمطار ونقص الأعلاف؟ وهل يمكن التنبؤ بوصول كلغ اللحم الواحد الى 20 دينارا في ظل هذه الوضعية؟ أسئلة عديدة يمكن أن يطرحها المواطن الذي يحمل قفّته متّجها نحو القصّابين لشراء اللحوم الحمراء وأمامه خياران أولهما شراء مادة غذائية أساسية لعائلته والتورط في الحاجة والمديونية وثانيهما العدول عن الشراء والحرمان. وفي البحث عن الأسباب الرئيسية لهذا الارتفاع توصلنا الى عدة تفاسير سواء من سلطة الاشراف او من المهنة. وبخصوص ما يتعلق بسلطة الاشراف أفاد السيد عبد السلام منصور وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري خلال الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا ان انتاج اللحوم الحمراء بلغ خلال شهر ديسمبر الماضي 9200 طن منها 5300 طن لحوم أبقار و3500 طن لحوم ضأن والبقية لحوم أخرى. وأضاف ان أهم أسواق الدواب سجلت انخفاضا في عرض الابقار خاصة منها المعدة للذبح من عجول مسمّنة وأبقار في حين شهد عرض الأغنام والماعز انخفاضا كبيرا. وقال الوزير: إن أسعار اللحوم سجلت ارتفاعا طفيفا خاصة بالنسبة الى لحوم العجول واستقرارا في لحوم الاغنام مقارنة بالفترة السابقة وتراوحت أسعار العجول المسمنة بين 4200 و4600 مي للكلغ الحي، وتراوحت بين 5500 و6500 مي للكلغ الحي وبين 5400 و5900 مي للكلغ الحي بالنسبة للبركوس وبين 4800 و5700 مي للماعز. ولتعديل السوق ذكر الوزير تم منذ بداية سنة 2009 توريد 17 ألف و532 عجلا معدا للتسمين من أصل حصة مقررة ب20 ألف رأس منها 9317 عجلا من الأورغواي وصل منها 4317 الى غاية 20 جانفي 2010 و8215 عجلا من أوروبا. وأضاف أنه تم من جهة أخرى توريد حوالي ألف طن لحوم أبقار مبرّدة من حصة ب1500 طن وحوالي 2000 طن لحوم أبقار مجمّدة من حصة ب3 آلاف طن و700 طن لحوم أغنام مجمّدة و200 طن لحوم أغنام مبرّدة. واعترف الوزير بأن منظومة اللحوم الحمراء تواجه حاليا اشكالية الأعلاف في ظلّ نقص المراعي جرّاء نقص الأمطار واقبال بعض المطاحن على التجاوزات في ما يتعلّق بتوزيع مادّة السدّاري التي تحتاج الى مزيد المراقبة والمتابعة. وبخصوص مادّة الشعير قال «إنه يمكن اللجوء الى التوريد في حال حدوث نقص في الأمطار رغم أن المخزون الحالي محترم ويمكن ان يفي بالحاجة في حال لا قدّر الله تواصل نقص الأمطار». رأي المهنة للمهنة رأيها في هذه المسألة التي سوف تنعكس سلبا على المواطن في علاقته باستهلاك اللحوم الحمراء حيث أفاد السيد كريم داود عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري المكلّف بالانتاج الحيواني بأن مردودية اللحوم الحمراء مرتبط بالأعلاف والأعلاف مرتبطة بالمناخ حيث تواجه حاليا بعض الولايات ظروفا صعبة خاصة بالوسط والجنوب. وقال «لا نخفي خوفنا من الفترة القادمة في حال عدم نزول الأمطار حيث ينتظر أن يعيش قطاع تربية الماشية ضغطا أكبر لا سيما في ظل ارتفاع الأعلاف المركّبة ب 20 دينارا حاليا!! وأضاف أنه كلّما وقع ضغط أكبر على الأعلاف كلّما تحوّل الضغط الى السدّاري الذي عرف احتكارا واضحا خلال الفترة الحالية حيث يتم بيعه في السوق السوداء بأسعار باهظة. ودعا في هذا الصدد الى تفعيل لجان المراقبة خاصة أصحاب المطاحن الذين يبيعون السدّاري لغير أهل المهنة مع تفعيل دور الشركات التعاونية حتى تكوّن مخزونا يتمّ بيعه بطريقة متوازنة وذلك في انتظار تنظيم المهنيين في شكل هياكل قاعدية. وبخصوص ارتفاع أسعار اللحوم ذكر أنه كلّما ارتفعت الكلفة كلّما ارتفع السعر. واعتبر أن المنظومة في حاجة الى حلول جذريّة وهي وضع استراتيجية واضحة في زراعة الأعلاف كتشجيع زراعة البقوليات والأعلاف الصيفية والأعلاف البديلة بصفة عامة. وأضاف أنه لابد من التفكير في تفعيل البحث العلمي وتأهيل المستغلاّت الفلاحية.