طيران الاحتلال يشن غارات على مطار صنعاء الدولي    البرلمان: 19 نائبا يقدمون مقترح قانون لتنقيح مرسوم المحاماة    بعد 30 سنة من اتفاق الشراكة...أي مستقبل للعلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي؟    المهدية: صابة حبوب قياسيّة تبلغ 115 ألف قنطار: 10 جوان.. انطلاق موسم الحصاد    في إحدى قضايا «فسفاط قفصة» حفظ التهمة في حقّ الرئيس المدير العام السابق للشركة وآخرين    درجات الحرارة لهذه الليلة..    قفصة: وفاة طفل غرقا في بركة مياه    أم العرائس.. وفاة طفل غرقا ونقل شقيقه الى المستشفى    منبر الجمعة ..لبيك اللهم لبيك (3) خلاصة أعمال الحج والعمرة    ملف الأسبوع ...العشر الأوائل من شهر ذي الحجة .. اغتنموا هذه الأَيَّامَ المباركة    خطبة الجمعة .. من معاني شهر ذي الحجة.. قصة إبراهيم وابنه    النادي الافريقي: جلسة عامة انتخابية يوم 21 جوان القادم    صفاقس: تفكيك مخيمات لمهاجرين أفارقة غير نظاميين في العامرة    نهاية تجربة فخر الدين بن يوسف مع المصري البورسعيدي    الاحتلال يوافق على خطة ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة    عاجل/ فاجعة شاحنة عاملات الفلاحة: آخر مستجدات الوضع الصحي للمصابين..    مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي: اختتام الدورة الخامسة لحاضنة المؤسسات الناشئة في الصناعات الثقافية والإبداعية    مسح نشره المعهد العربي لرؤساء المؤسسات يكشف: النقد وسيلة الدفع المفضلة لدى التونسيين..    مدير مستشفى جربة يوضّح سبب عدم قبول هبة في شكل معدات طبية وأسرّة...التفاصيل    عين دراهم: الدورة السادسة لمهرجان "سينما الجبل "    الدورة 22 لندوة القصة المغاربية في قفصة: تيمة الحب في الأقصوصة المغاربية    ألبوم جديد لسفيان بن يوسف - عمار 808    الكشف عن طاقم حكام نهائي كأس تونس    النسخة السادسة من الحفل الموسيقي 'عين المحبة' غدا الجمعة بمدينة الثقافة    فرصة تشغيل تاريخية لخريجي الجامعات.. هذه شروط الانتداب في الوظيفة العمومية    عاجل - : بيع عشوائي ومزايدات غير قانونية...معطيات تكشفها وزارة التجارة    ثنائي الترجي الرياضي محمد امين توغاي ويوسف بلايلي ضمن قائمة المنتخب الجزائري لوديتي رواندا والسويد    عيد الاضحى 2025: تونس تستورد خرفان مبردة من رومانيا ...كل ما يجب معرفته    أريانة: تكثيف الاستعدادات لانجاح موسم الحصاد وتوقع صابة حبوب طيبة    عاجل/ إنفجار وإطلاق نار خلال توزيع المساعدات    عرض مسرحية "برضاك" في دار تونس بباريس يومي 30 و31 ماي    بعد قطيعة طويلة.. رفع العلم الأمريكي بدمشق بحضور وزير الخارجية السوري والمبعوث الأمريكي    رابطة دوري روشن تعلن عن جوائز الأفضل... وبنزيمة نجم الموسم    أطباق تونسية لا تكتمل لذّتها إلا بلحم الخروف: اكتشف النكهة الأصلية للمطبخ التونسي    تونس تتصدر العالم في مسابقة ميامي لزيت الزيتون وتحصد 75 ميدالية    بطولة رولان غاروس للتنس: ألكاراس وسابالينكا يتأهلان الى الدور الثالث    من هي الشابة العربية التي ظهرت برفقة كريم بنزيمة وخطفت الأضواء في مهرجان كان؟    في قضية فساد: إحالة الوزير الأسبق رضا قريرة على أنظار الدائرة الجنائية    عاجل/ أضاحي العيد: إرشاد المستهلك تدعو لحملة مقاطعة شعبية    مأساة في مصر: زوج يطعن زوجته حتى الموت والسبب هذا    عاجل/ توقّعات بصائفة غير مسبوقة    الجلطات تقتل بصمت: التدخين وراء 60% من الحالات في تونس    لن تتوقعها.. ماذا يحدث لجسمك عند شرب الماء بعد فنجان القهوة؟    عاجل/ البنك الدولي يوافق على تمويل لتونس.. وهذه قيمته    الأولمبي الليبي يضع زبير السايس في مأزق كبير    بداية من اليوم.. انطلاق بيع الأضاحي بالميزان بنقاط البيع المنظمة..#خبر_عاجل    سيدي حسين: فتح بحث تحقيقي بعد العثور على جثة كهل مشنوق داخل منزل    الأهلي يتوج ببطولة مصر لكرة القدم للمرة الخامسة والاربعين في تاريخه    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الجمهورية برئيسة الحكومة..    4 دول أوروبية تدعو إلى قبول فلسطين عضوا كاملا بالأمم المتحدة    إيلون ماسك يؤكد خروجه من إدارة ترامب    ياسين مامي: لا وجود لطرد جماعي منظم في قطاع السياحة والقانون الجديد لا يُطبق بأثر رجعي    اللجنة الوطنية لليقظة ومكافحة الجراد تدعو الى ايلاء آفة الجراد الصحراوي الأهمية القصوى    تدعيم مستشفيات نابل بتجهيزات    60% من الجلطات في تونس سببها التدخين    غرّة جوان: الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا    عيد الاضحى يوم السبت 7 جوان في هذه الدول    دعاء أول أيام ذي الحجة...أيام مباركة وفرصة للتقرب من الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحاليل الشروق: حين تدخل المخابرات على خطّ «التحرر الوطني»

لم يكن ليخطر على بال أحد، أنه في الوقت الذي تتكلم فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة وتنطق «حقا» بشأن قضية فلسطين، يكون فيه المشهد السياسي الفلسطيني على هذا الشكل الذي تدهورت فيه الأوضاع والعلاقات السياسية بل والفعل السياسي الفلسطيني الفلسطيني...
ولم يكن أحد ليصدّق استشرافا يقول إنه في الوقت الذي شارفت فيه «اسرائيل» على الهاوية جراء أفعالها المشينة في حق الانتفاضة وشعب فلسطين وقضية فلسطين، تُستلّ فيها الخناجر الفلسطينية لتوجه إلى الصدر الفلسطيني...
وأخيرا وليس آخرا ما كان أحد ليظن أنه في الوقت الذي قربت فيه ساعة الحقيقة تفضح المتآمرين على الأمة والراقصين على حبال الاستعمار، ينقلب فيه المشهد الفلسطيني رأسا على عقب، لا يعبأ فيه «اللاعبون» على اختلاف أهدافهم بأولئك الأسرى القابعين في معتقلات وسجون الاحتلال. ولا بأولئك الجرحى والمعاقين واليتامى وأسر الشهداء الذين يُعدون في فلسطين الوطن وفي فلسطين الشّتات بمئات الآلاف إذا لم يصل عددهم الملايين، منذ اغتصبت فلسطين...
ما الذي حدث؟ ولماذا الآن؟ ومن اللاعب ومن المحرّك لخيوط اللعبة؟ ولمصلحة من تغيب الأهازيج والاستثمار السياسي لقرار أممي أرجع قضية فلسطين إلى سالف عهدها منظمة تحرير وطني تلقى السند والدعم من أحرار العالم. تماما كما أرجع الحدث الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى سالف مصداقيتها، منتدى خاص للديمقراطية الغائبة منذ مدة عن الفعل الأممي؟
بادىء ذي بدء، لا بد من الاشارة إلى أن الأزمة الفلسطينية الحالية، ومهما تعددت التشخيصات بشأنها، ليست وليدة اليوم، وهي بالتالي ليست ولم تكن يوما مسألة «تحاكك» ديمقراطي، تفطّن بعضهم أنه تراجع عن فعل «السلطة» فإذا بهم أرادوا أن يعدلوا الكفة «ديمقراطية» وحقوق إنسان... هذا أمر مستحيل لعدة أسباب سنرى جلها لاحقا...
الحقيقة أن هذا الذي يحدث في فلسطين «أوسلو» هو نتاج طبيعي لمسار «أوسلو» وهو «الثمرة» المنتظرة من مهندسي خارطة الطريق أولئك الذين ظهروا فجأة على الساحة الفلسطينية على أنقاض منظمة التحرير الفلسطينية وانجازات الانتفاضة الفلسطينية الأولى ( ).
أذكر مرة أن سياسيا فرنسيا مرموقا قال لي خارج حدود اللقاء الصحفي المسجل ان الخطأ الفلسطيني الأفضع في تاريخ القضية النضالي، يتمثل في «التفريط» الفلسطيني في مؤسسة سياسية تحررية اسمها «منظمة التحرير الفلسطينية» ولما كنت مقتنعة برأيه جدا جدا، فقد آثرت أن أسأله الاستفهام الموالي : كيف؟ فقال وقتها وقد جَهِز «أوسلو» واكتمل في عقول المخططين والمنفذين له، إن م.ت.ف هي المنظمة الأشد تنظيما وهيكلية من أي حركة تحرر في العالم... وواصل السياسي المرموق : «إن حركات التحرر التي عرفها العالم في آسيا وفي افريقيا وفي أمريكا اللاتينية، كانت حركات تضم في صفوفها تيارات يمثلها أشخاص، بل أحيانا يمثل فرد واحد تيارا برمته داخل حركة التحرر ضد الاستعمار. في حين أن م.ت.ف هي تنظيم مهيكل يضم تنظيمات أشد هيكلة منه، والديمقراطية داخل هياكلها هي الفيصل».
تشخيص صحيح سوى أنه منقوص بفعل اغفال «الرجل الغربي» الساكن في المسؤول المعني بهذه القولة أو هذا الرأى، لمعطى أساسي لكنه ليس بمعطى فريد : «العامل الأجنبي»...
هنا مربط الفرس في كل ما يحدث لفلسطين الأرض وفلسطين م.ت.ف وفلسطين السلطة وفلسطين القضية...
نعم، إسأل عن الأيادي الخفية، وسوف تفهم كيف يهون على بعض الفلسطينيين اليوم دماء الشهداء ودموع الثكالى ودعاء اليتامى وغضب المعتقلين...
الصراع في فلسطيني الآن، ليس خلافا عاديا، بل هو تطاحن بين مشاريع ومشاريع مضادة...
هناك داخل الساحة الفلسطينية من يرى ولا نقول يعتقد لأن في الاعتقاد حرية وفي الرؤية تخطيط وبرمجة عن دراية بالشر والسلبي أكثر من الاعتناء بالايجابي الشامل... هناك من يرى في فلسطين الآن، أن الوقت حان لكي تُحلّ «القضية» سياسيا دون «عنف»... وكأن هؤلاء يحتكمون على رأي الطرف الآخر أو يضمنونه... وكأنهم لا يقدرون معنى أن تجلبهم «اسرائيل» و»واشنطن» الى مستنقع تحت تسمية حل أو اتفاق وهم لا يفقهون أن الهدف الأساسي هو اخماد طلب وطني داخل الأمم المتحدة من الجانب الفلسطيني أو تغطية استحقاق دولي وأممي تجاه الحل في فلسطين...
الآن، وبعد احدى عشرة سنة من «اتفاقيات أوسلو» ها أن اسرائيل تتفصى من استحقاقات أقل بكثير من «أوسلو» بحيث نراها تدوس «خارطة الطريق» أمام الملأ رغم أنها رسمتها بيدها دون غيرها وأملتها حرفا حرفا ونقطة نقطة على الإدارة الأمريكية، وبالمحصلة، تتحول اسرائيل «طالبة» والجانب الفلسطيني يصبح مطلوبا باستحقاقات مذهلة ومخيفة ومرعبة... لأنها تمس الكيان والوطن بأسره هذه المرة : فاسرائيل قررت أن تُغيّر وجه الصراع الآن... والأمريكان قالوا أن لها ذلك فهي المحقة والمظلومة...
أزمة القضية الفلسطينية، ليست في قياداتها ولا في اختفاء منظمة التحرير الفلسطينية (ابنة حركة ) لصالح السلطة الفلسطينية (ابنة «أوسلو»). بل في «المدّ» الاستخباراتي الذي تشابك من هنا وهناك يمدّ جذوره وتداعياته على أخطر قضية تحرير وطني : القضية الفلسطينية التي تعاني من استعمار فريد اسمه «الاستيطاني»...
انهيار الاتحاد السوفياتي، وأفول الثنائية القطبية جعل الأيادي الاستخباراتية تمتد للقضية الفلسطينية، تبعدها رويدا رويدا عن رحاب الأمم المتحدة، وتجعلها شيئا فشيئا في قطيعة مع العمل السياسي النضالي، تحت تعلة أن تصفية الاستعمار قد حدثت مع تفكك «الاتحاد السوفياتي» ومع تشتت أوروبا الشرقية، بل أن الأمر حدث بمجرد قبول المجتمع الدولي لمجرم الحرب شارون «زعيما» بين الزعماء يُفرش له السجاد الأحمر في المطارات ليضرب مطار غزة وسجاد عرفات ويرفض «أبو عمار» كزعيم وطئت قدماه حتى البيت الأبيض...
هكذا هو المشهد ولا يجب أن نفتش بعيدا عن حلول الألغاز التي أصبحت تحيق بالقضية الفلسطينية، تماما كما المفارقات التي أضحت سمة الفعل الفلسطين والفعل الدولي.
فأما مفارقة الفعل الفلسطيني، فهي تتمثل في تفجر أزمة تحت عناوين خاطئة تعطي المبرر للعدو ليزيد من القتل والقنص والاعتقال في وقت يشهد الملاحظون السياسيون أن كلا من اسرائيل وأمريكا هما الآن في ورطة أخلاقية وقانونية لا يخرجهما منها سوى اقتتال فلسطيني فلسطيني عنوانه حدده «شارون» ونطق به «تيري راد لارسون» ويطبقه فلسطينيون وأشقاء وأجوار وكل من يستطيع لارضا أمريكا سبيلا..
أما عن المفارقة في الفعل الدولي، فيحدث أن المجتمع الدولي ومحكمة العدل الدولية قد عاد اليهما رشدهما، و»حكما» بهدم الجدار العنصري في فلسطين، في حين أن الأزمة الفلسطينية الفلسطينية الحالية، جعلت اسرائيل شارون «تقسم» وتقرر أنها لن توقف الجدار... ولن تهدمه بل ستواصل بناءه... اذا ما كان لرأي المحكمة العليا الإسرائيلية ليكون لها القول الفصل أمام رأي المحكمة الدولية في لاهاي.
القضية الفلسطينية تمر بأخطر مرحلة، ونحن الآن لا نرى نورا في آخر النفق، لأن الأوراق اختلطت بقوة، والذي زرع الأسى والجراح في فلسطيني هو الذي يحصد الآن...
في قضية فلسطين بالذات، يجوز التحليل الآلي (الميكانيكي) هذه المرة : ما يحدث الآن يحكمة سؤال واحد جوابه هو الشافي وهو الحقيقة : اسأل عن المستفيد من هذا الخلط وهذه الأزمة... فقط المستفيد مما يحدث الآن هو صاحب الفكرة الجهنمية التي تجعل أبناء فلسطين الذين طالما فوتوا الفرصة على الاعداء طوال سنوات النضال الوطني ولم يدخلوا «بوتقة» الحرب الأهلية...
أما عن القول بأن عرفات هو المسؤول فمرة أخرى ندعو الى السؤال : لماذا عرفات؟ ولماذا الآن؟ وما الذي حجبه عرفات الذي قدّم الكثير في التنازلات عن أمريكا وعن اسرائيل؟ ثم نختم لنسأل ما هي الأوراق التي عمد عرفات الى خلطها فأربكت حسابات الاستخبارات الأمريكية والاسرائيلية والإقليمية حتى يكشّر الأعداء عن أينابهم بهذه الشراسة؟
في الأجوبة عن هذه الأسئلة يكمن الحل...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.