حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي يواصل «سي أحمد» حديثه عن تداعيات «حرب 67» وقد وصف لنا في الحلقة الماضية كيف ان الشارع عرف مظاهرات وقد كلّفه الباهي الأدغم هو والمنجي سليم (نائبا الكاتب العام للحزب) بأن يشرفا على اجتماع حزبي في مقرّ معرض تونس الدولي بشارع محمد الخامس.. وقد كان له تدخل أسهم في تهدئة الأمور... ومما يستذكر «سي أحمد» أنه ولما حدثت الأزمة كما يصف ما حدث له سنة (6970) ولما عرفت حرب 1967 تداعيات لها في تونس حيث خرج الكثير من اليهود من البلاد، ومعروف السبب والظروف التي حفّت بذلك وجاءت بعد عامين أزمة «69» وضعوا مسألة خروج اليهود من تونس على عاتقي.. وتحديدا على عاتق التعاضد... فعند بداية الزوبعة التي سبقت المحاكمة استعملت المخابرات التونسية هذا الأمر، اي ان اليهود خرجوا من تونس سنة 1967 لأن ضررا لحقهم ومصالحهم جرّاء سياسة التعاضد.. وكأنه كان يحب ان يجيّشوا ضدّي اليهود «التوانسة» كذلك.. وبالرجوع الى الملف المصري التونسي يقول «سي أحمد» بن صالح ان البلدين أمكن لهما تجاوز تلك الخلافات، بحكم ما وصفه بالخلاف الباطني بين بورقيبة وعبد الناصر... ولكن علاقة «صاحب المذكرات» بمصر وبرموزها سوف لن تقف عند هذا الحدّ... وسوف نعود اليها في مراحل أخرى من حياته، وخاصة عندما كان في المنفى.. ولكن في هذه الحلقة نعود الى حيث توقفنا قبل ان نلج الملف الفرنسي في العلاقات الثنائية، ومن حيث وجود بن صالح في السلطة، وكذلك ملف مصر وتونس وما قدّمه «سي أحمد» من شهادات كان قد عاشها وأسهم في صنع قرارات تخصّ الملفين.. انطلقت تجربة التعاضد الفلاحي والتجاري وجاء موعد مؤتمر بنزرت 1964، الذي ينزّله صاحب المذكّرات منزلة المنعرج، حيث وقع تضمين الحزب الحرّ الدستوري، بشحنة فكرية إيديولوجية صاغها الأستاذ أحمد بن صالح.. يقول «سي احمد» ان «المخطط الانتقالي، مرّ بسلام وهو المخطط النابع من الآفاق العشرية، وبه ثلاث مراحل: الأولى انتقالية والمرحلة الثانية تدوم أربع سنوات والثالثة كذلك... ولكن هذه الأخيرة لم تتواصل لأنه حدث ما حدث في 1969..». يضيف «سي احمد»: مرّ المخطط الثاني بسلام.. أيضا. وقد ركّزنا في هذه المدة عن طريق مؤتمر بنزرت وعن طريق ملتقى تم في ثلاثة أيام متتالية، وسمّيناه ملتقى القطاعات الثلاثة.. حتى يتبيّن للجميع، من الذين هتفوا وتحمّسوا في بنزرت لقيام الحزب الاشتراكي الدستوري (بعد ان كان الحزب الحرّ الدستوري) ان الاشتراكية مستوحاة روحا وقلبا وقالبا من المجتمع التونسي حيث أقرّت توجهات المؤتمر في ذلك الملتقى.. وكان نتاج الملتقى، كتابا ضخما، يقتضي ان يكون الاقتصاد التونسي خدمة لكامل المجتمع التونسي بأصنافه على أساس انه لكل صنف من أصنافه (المجتمع) الحق في إيجاد طريقة لاستغلال أرضه او تجارته حسب ما تقتضيه مصالحهم البعيدة، وهذا ما عنينا به من القطاعات الثلاثة الذي كان مبدأ أساسيا للاشتراكية الديمقراطية في تونس.. ومحتواها (الاشتراكية) خلدوني بحت (نسبة لابن خلدون)... يحمل العبرة الأولى.. وهي تحقيق توازن حيّ بين أصناف المجتمع». لكن ما هي القطاعات الثلاثة وماهي فلسفتها؟ عن هذا السؤال يجيب الأستاذ أحمد بن صالح، ولكن في الحلقة القادمة إن شاء الله.