برغم توجهات الدولة الواضحة في سبيل تنظيم مختلف القطاعات والمناشط التجارية والاقتصادية عبر فلسفة «كراسات الشروط» الّتي تعدّ ضمانة مؤكّدة للتنظم وإجراء منافسات «شريفة» و«شفافة» وعادلة في تحصيل الصفقات والعروض بين مختلف المهنيين والمشتغلين في القطاع ، فإنّ قطاع «تذاكر المطاعم» Tickets restaurants ما يزال يُراوح مكانه ممّا ولّد الكثير من الإشكاليات ومظاهر التوتّر خاصة في علاقة المهنيين في ما بينهم.. «الشروق» فتحت الملف وفي ما يلي ما توصّلت إليه في انتظار مستجدات أخرى من المنتظر ظهورها خلال الفترة القليلة المقبلة. يحتلّ «قطاع تذاكر المطاعم» أهميّة خاصة بالنظر ليس فقط لبعده الاجتماعي في مساعدة الشغالين والموظفين على تحصيل جزء من الدعم لتنفيذ احتياجاتهم اليومية من التغذية وحسن تصريف أعمالهم ، وهو مبدأ قام عليه الأمر المحدث لهذا الصنف من تدخلات الإدارات والمؤسسات والتعاونيات في مساعدة العاملين والمشتغلين من كل الأصناف على تلقى دعومات مالية إضافية هي بمثابة التحفيز والتشجيع ومراعاة الظروف المهنية والاجتماعية، ليس لذلك فقط بل لأنّ هذا القطاع أصبح يستقطب أموالا طائلة بعد اندماج العدد الأكبر من المؤسسات والإدارات العمومية وكذلك المئات من مؤسسات القطاع الخاص في تصريف هذه «التذاكر» لمنظوريها من العملة والموظفين ، ناهيك وأنّ أسعار وقيمة بعض التذاكر أصبح في غاية من الأهمية إذ يبلغ مستويات مختلفة قد تصل حتى إلى 10 دنانير يوميا للتذكرة الواحدة هذا مع توفّر تذاكر من نوع آخر تهمّ مصاريف الهدايا وهو توجّه ما يزال هو الآخر يلقى انتشارا واسعا وإقبالا من المعنيين بتلقي وصرف هذا النوع من التذاكر. تشكيات واتهامات هذا البعد المتصاعد جعل من الاستثمار في قطاع شركات تصدير تذاكر الأكل يتضاعف ويلقى اهتماما متزايدا من قبل العديد من أصحاب المبادرات الخاصة وعلى وجه التحديد صنف المؤسسات الصغرى والمتوسّطة ، وذكر السيّد الناصر الصمعي رئيس الغرفة الوطنية مصدري تذاكر الأكل أنّ عدد الشركات المشتغلة بلغ 12 مؤسسة وذلك بعد إحداث 8 مؤسسات جديدة في غضون السنوات القليلة الفارطة ، ورأى الصمعي أنّ الإسراع في تنفيذ مستلزمات إصدار كراس شروط تنظم القطاع من شأنه أن ينظّم القطاع ويخرج به من مأزق الوقوع في العديد من التصرفات والسلوكات التنافسية غير الموضوعية وذلك باعتماد شروط دنيا للمستثمرين في هذا القطاع. «الشروق» بالتوازي مع حديثها مع رئيس الغرفة الوطنية ، تلقّت ما يشبه التشكيات والاتهامات من مستثمرين شبان دخلوا الميدان خلال السنتين الفارطتين معولين على ما يمنحهم إياه القانون سواء في باب تنظيم الصفقات العمومية أو مزايا قانون تحفيز المبادرة الخاصة الّذي أقرّ تخصيص نسبة لا تقل عن 20 % من الصفقات العمومية للمؤسسات الصغرى والمتوسّطة في كل طلبات العروض والاستشارات ذات الطابع التجاري. احتكار ومضاربات السيّد عبد الكريم عرباوي (صاحب مؤسسة لتذاكر) قال ل«الشروق»: «نحن نعمل حاليا من أجل أن يتمّ تقنين هذا القطاع وأن يكون له كراس شروط على غرار سائر القطاعات»، وحول فاعلية ونجاعة الهيكل المهني (الغرفة الوطنية) قال عرباوي أنّ الغرفة ليس لها أي علاقة بالقطاع لأنّها حكر على مؤسسات قديمة في حين أنّ الدولة تشجع على المبادرة الخاصة بل وتدعمها بشكل لافت ، وأضاف زميله السيّد محمّد الجرئ (صاحب مؤسسة لتذاكر المطاعم): «من غير المعقول أن يحتكر البعض اسم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية من أجل احتكار السوق وفرض شروط تعجيزية من أجل مجرد الحصول على انخراط في الهيكل المهني أي في الغرفة الوطنية على الرغم من أنّه حق مشروع لكلّ من كان له تأسيس قانوني وسجل تجاري»، ويؤكّد الجرئ أنّ الغرفة الحالية محتكرة من قبل قلّة من قدماء المهنة الّذين لديهم توجّه مدروس وخطط للسيطرة على القطاع وإقصاء المؤسسات الصغرى والمتوسطة المحدثة برغم أنّ ذلك يتعارض مع مبادئ اتحاد الأعراف في تأطير منظوريه ويتصادم مع توجهات وطنية كبرى تدعم المبادرة الخاصة والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة. كراس شروط وقانون وأفاد السيّد عرباوي: «من غير المعقول أن يبقى القطاع دون كراس شروط وإن كان يخضع حاليا لقانون الصفقات العمومية إلاّ أن خصوصية القطاع وحالة التنافس الموجودة داخله تفترض اليوم وجوبا الإسراع في إصدار كراس شروط يجب أن يتمّ تشريك كل المهنيين المتواجدين بصفة قانونية وأن لا تقتصر الاستشارة فقط على أعضاء الغرفة الوطنية الّذين لا يمثّلون إلاّ أنفسهم ولا نيّة لهم على الإطلاق لحسن تأطير المنظورين بل هم يعملون على إقصائنا وإلحاق الاتهامات لنا باطلا والحال أنّنا نعمل في القانون ووفق ضوابطه ونحن معتزون بأنّنا منخرطون في توجه وطني كبير يرعاه سيادة رئيس الدولة في دعم المؤسسات الصغرى والمتوسّطة». وفي تواصل مع سيل الاتهامات المتبادلة قال السيّد محمّد الجرئ: «تقدّمت برغبات وطلبات عديدة للانخراط في الغرفة الوطنية إيمانا منّي بنجاعة هذه الهياكل المهنية وما أعرفه شخصيا عن رئيس الاتحاد السيّد الهادي الجيلاني من تشجيع للمستثمرين الشبان والجدد ، ولكنّ رئيس النقابة رفض قبول مطلب انخراطي بل عمل ما في وسعه من أجل إقصائي والدفع بمشروعي لمعرفة العديد من الصعوبات عبر سياسة الاحتكار واستغلال اسم المنظمة وكذلك توجيه مراسلات لبعض المؤسسات المقتنية لتذاكر الأكل بها قائمات للشركات القديمة فقط (4 شركات) مع إقصاء بقية المؤسسات والّتي هي تشتغل وفق القانون وليس خارجه». وفي ردّه على هذه الاتهامات قال السيّد الناصر الصمعي: «انّ هناك العديد من الأمور الّتي سترى النور قريبا في علاقة باتحاد الأعراف وعلى الأرجح سيتم الإعلان في غضون الأسبوع المقبل عن إجراءات مهنية في هذا الصدد»، وحول رفض مطالب الانخراط في الغرفة قال الصمعي: «انّ حساسية القطاع على اعتبار أنّ المؤسسات المشتغلة به هي مؤسسات ذات طابع مالي شبيه بالبنوك لا تمكّن من قبول كلّ مطالب الانخراط» وأضاف: «ليس من السهل أن يدخل من أراد هذا القطاع ونحن ندافع عن قطاعنا لأنّه قطاع حسّاس». وأكّد الصمعي أنّه تمّت مراسلة وزارة التجارة والصناعات التقليدية من أجل إصدار كراس الشروط الّتي تنظّم القطاع وتنهي كلّ التجاوزات الموجودة من هذا الطرف أو ذاك وأمّل المتحدّث أن تتضمّن هذه الكراس التزامات دقيقة لكلّ الراغبين في دخول هذا القطاع والاشتغال به. وبين هذه الاتهامات والردود من المؤكّد أنّ كلّ ما قيل في هذه المتابعة جدير بالاهتمام والتحليل من هذا الطرف أو ذاك وفق ما تقتضيه الأعراف المهنية وكذلك القوانين وخاصة توجهات الدولة في تنظيم مختلف القطاعات التجارية والخدماتية على قاعدة كراس الشروط...ولكن ولئن تواصل «التذاكر» رحلاتها من أدراج المكاتب والإدارات إلى جيوب المستهلكين وخزائن أصحاب المطاعم ، فإنّ رحلاتها إلى تنمية رؤوس أموال الشركات المصدرة لها تبقى رحلات مميّزة بالتفاوت وانعدام للفرص المتساوية وذلك ما أوضحه كلام المشتغلين في هذا القطاع.