7) قصيدة النثر ليست شعرا بل هي إبداع: الوفاء للشعر خيانة له، هكذا عنون الصديق الصحفي الشاعر عبد الله مالك القاسمي مقاله المنشور في «الأخبار» والذي جاء فيه ما يلي: (... الى أن تلقفني الشاعر المعلّم الصديق: الصادق شرف المكنّى ب «أبي وجدان» صاحب القلب الكبير والانسانية العالية فضمني الى «الاخلاّء» وهم بعض من الشعراء الخلّص اتّفقوا على نشر انتاجهم في «الاخلاء» مجلّة المجتمع المدني. ومرّة أخرى يقودني ذلك الصديق الشاعر من «قصيدة النثر» الى القصيدة الحرّة وهي التي يعتبرها شعرا هي وأمها القصيدة العمودية... وما عداهما مثل «قصيدة النثر» كان ومازال يعتبرها نوعا من الابداع ويصرّح قائلا: ربّما تكون «قصيدة النثر» أرقى من الشعر نفسه! ولكنها ليست شعرا. إذن فهو لم يكن ضد «قصيدة النثر» كجنس من الاجناس الادبية المستقلّة بذاتها... ولكنه ضدّ «قصيدة النثر» حين تسمّى: (شعرا) باعتبار أن الشعر في نظره لا يكون الا موزونا أو موقّعا). وفي عدّة مناسبات قال أبو وجدان ومازال يقول: «قصيدة النثر» هذه تسمية حبلى بتوائم البدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار إلا في الأدب فكلّ بدعة هي ولادة وكل مولودة جديدة يجب على والدها ان يختار لها اسما جديدا يميّزها عن غيرها من اجناس الادب المعروفة ضمن الحضارة العربية والمتعارف على اسمها حديثا وقديما. وكلمة: (قصيدة) هي اسم مسجّل عربيا في دفاتر الولادة للشعر لا للنثر، وكل من حاول أن يزاوج بين كلمة: (قصيدة) وكلمة (نثر) كمن يحاول ان يخلط الزيت بالماء ناسيا ان الزيت والماء لا يختلطان ولو وضعا في قارورة المارد السحري واخذتهما الرجة الكبرى كل مأخذ وامتزجا تحت عنف الارتجاج حتى الاختلاط لكن عند هدوء الارتجاج يعود كل منهما الى كثافته. فإذا كان الشعر زيتا والنثر ماء والعكس صحيح فلكل منهما كثافة، والكثافة علميا لا يمكن الوصول اليها الا بالوزن،وكذلك بالنسبة للشعر والنثر فلا تستطيع ان تفرّق بينهما الا بالوزن كمعاناة لتزاوج الحركات والسكونات، فإن هذا وذاك لتستطيع ان تفرّق بين الشعر والنثر، فإذا كان السيفان لا يرغبان في التفريق بين الماء والزيت فنحن نقول لهما: اشربا الزيت اذا عطشتما وكُلا الماء إذا جعتما، فأنتما لا فرق عندكما بين الجوع والعطش فكلاهما عندكما حاجة فزيولوجية تنتهي كل واحدة منهما بمجرّد القضاء على الأخرى، فإذا شبع أحدكما ذهب عطشه وإذا ارتوى أحدكما ذهب جوعه وإذا عرفت أحدكما فلا يلمني ان غازلته بوردة حمراء وتألّم منّي... فمعذرة لأنني استعملت شوكة حمقاء ظانا انها وردة. ولو لم تكن للوردة أشواك لما كنت افرّق بينها وبين القرنفلة ولذلك صار عندي أجمل ما في الورود أشواكها، وأهمّ ما في الاعلام العربية عندي، لا ألوانها ولا أهلّتها ولا نجومها بل لا أهم في تلكم الاعلام العربية من العصا التي توحّد بينها! العصا صارت عندي كالسحرة عند الاستاذ سيف الرحبي، هؤلاء «السحرة ينادون بعضهم باسماء مستعارة»، لذلك صرت أنا لا أنادي العصا الا باسم مستعار وهو: الناي، فالذي يوحّد إذن بين الأعلام العربية صار الناي، ولا ننسى أن الناي ذو ثقوب وقلبه مثقوب! وقياسا على ذلك ناديت الزيت باسم الماء، وناديت الماء باسم الزيت، أي أن الشعر العربي إذا صار نثرا غربيا والنثر الغربي إذا صار شعرا عربيا فليس ذلك في منطق ابن خلدون ومنطقتنا العربية أكثر من كون المغلوب يقلّد الغالب في الغالب، وفي الأغلب ما فتئ المغلوب في كل المناطق عربيا، الا يصدق في ذلك أبو وجدان الشاعر التونسي المثير للجدل حين قال: أحيّيك يا أيها المتفتّح حقا بلا فتوات وأرجوك أن لا تردّ التحية بالعربية فالعربية لم يبق الا عليها أقيم صلاتي لساني بها قد تلوّث حين بدت لي شفاها مشققة لجميع الطغاة وكل الطغاة بها... وطنّوا البغي والقهر والاعتداء على الأمّهات فليسوا حماة الحمى بل حماة الكراسي! تدقّ البنادير صبحا لهم ومساء وفي كم مْ مْ مْ مْ مْ مْ... من القنوات؟ من الماء للماء أسمع صوت النوى بل من الداء للداء أسمع صوت النواح على كذب قد تقاطر من تلكم اللافتات فإن غطّت القطرات جباها فلا تحسبوا أنّها عرق الجبهات ولكن ثقوا أنها عرق الحشمة مما فعلنا