على ضوضاء ما تقدم الا يمكن لنا ان نتساءل، هل أبدع الرحبي شعرا؟ أم نثرا؟ ولماذا قصيدته النثرية لم تعمل جاهدة على تغيير الكارثة التي يعيشها الانسان العربي من تخلف وقهر واستبداد ومصادرة للحريات العامة والخاصة فما هو دورها ؟ ودور من يكتبونها بمبنى شذ عن الشعر العربي معنّى صار لا معنى له !؟ أليس هو {عمل شاعر ملعون ونتاج ملاعين وبنت عائلة من المرضى} هذا حسب تعبير أنسي الحاج الذي اورده حاتم الصكر في كتابه أما تعبير السيف الثاني (ص 11) من كتابه الذي يقدمه لنا اهداء قائلا : الى ... (كل هذه الذرى ولا أحد تركله رغبة الصعود الى الجبل) ان لم يكن في هذا خطأ مطبعي فما معنى هذا الكلام؟ ام ان الكلام عنده صار له معنى فقد المعنى ! عدا هذا فهو نثر جميل له معنى (شاعري) اذا صارت (رغبه) (رغبة) ولكنه لا يمت بصلة الى الشعر الا اذا اعتبرنا ان القرآن مثلا هو نثر صار عند السيفين وامثالهما شعرا ان هذا السيف العربي يعز علينا انه لم يفرق في كتابه بين الشعر والنثر، ولم يفرق فيه ايضا بين القصيدة والقصة حيث جمع المتناقضات كتابه فأوعى، ولولا ذلك الوعي وذاك الوعاء لما وجدنا في هذا الكتاب ثلاث قصص تؤكد كل قصة منها انها ليست شعرا وأن كاتبها ليس شاعرا .. كما رأى وادعى ذلك سيف المري. فاذا اتفق السيفان على ذلك فنحن لا نستطيع ان نأوي الى ذلك الباطل لأننا نفرق بين الشعر والنثر وبين القصائد وهذه القصص الأربع : قصة قمر الهضاب (ص 35) وقصة الأب في قبره ينام (ص 47) وقصة الأم (ص 49) وقصة عزلة الخليل الأزدي (ص 53) التي انهاها (شاعرها) الفحل بتسعة عشر وترا نثريا كتب كل وتر في سطر ليوهم القارئ بانها شعر، فان كان لهذا الايهام صنارة قد ابتلعتها أسماك كل القراء بما فيهم سمكة السيف الأول فالسمكة التي علمناها سر الفرق بين الطعم الذي يخفي داخله صنارة وبين اللقمة المستساغة لم تبلع الطعم بعد ! تلك السمكة الوحيدة تعرف الطعم الذي يمتد منه خيط يربطه بيد الصياد القابع على شاطئ الساحة الثقافية العربية ينتظر ارتعاشة الخيط في يده ولا تحدث تلك الارتعاشة الا السمكة التي تلتهم الطعم المغشوش وليس هناك طعم مغشوش اسوأ واخطر من طعم يخرج من بطنه خيطا يربط بين الشعر والشعر، والنثر والنثار، والقصة والأقصوصة، والرواية والمسرحية، كل هذه اشكال ادبية لكل شكل منها بطاقة ولادة، يا سادة. اذن عد الى البلدية، واستخرج منها مضامين ل (هؤلاء) الفنون ما دمت لا تفرق بين الشعر والقصة رغم اننا وجدناك تقول في (ص 89)، (هذه القصة التي رواها الأجداد ورواها مجنون القرية، أتذكر اسمه؟ كان اسمه علي بن ساعد) وتضع شدة على الياء ولولا تلك الشدة لما تفطنا الى انك معرب في اغماءة لغوية وهي : أن (كان) لها اسم مرفوع وخبر منصوب، وان كلمة علي هي خبرها، ولا يكون خبر (كان) الا عليا باعتبار ان (عليا) علما معربا غير مبني ولا ممنوع من الصرف، الا تعلم ذلك؟ أم أنت من عالم بلا اعراب ولا اعراب ؟! أجمل ما في هذا الكتاب الذي ينادي سحرته بعضهم بعضا بأسماء مستعارة ان كبير هؤلاء السحرة استعار للقصة اسم القصيدة رغم انها متتالية الجمل، فلو جعلنا (قصائده النثرية) متتالية الكتابة لا في كل سطر كلمة أو جملة لسمى القارئ كل (قصيدة نثر) قصة بلا استعارة، هذا لو بقي للكتب قراء في زمن تحول فيه الجدال الخشبي الى جدال بلاستيكي نحن في أشد الحاجة له لتغيير الوطن العربي الى مجتمع مدني نعمل معا للخروج به من حيز القوة الى حيز الفعل باتجاه مرتفعات الصحو الحضاري والانسان العربي هو المنطلق والوطن العربي هو الغاية.