بإكليل جميل من الورود المتنوّعة، قدّمه لها توفيق الجبالي وزينب فرحات، أطلقت سعاد بن سليمان تحية وبسمة، معلنة إسدال السّتار (معنويا) على مسرحيتها (مونولوق Monologue) «فُرصة لا تُعاد».. وذلك مساء الثلاثاء الفارط، على ركح مسرح «التياترو» الذي برمج هذه المسرحية وغيرها ضمن اللقاء السنوي للمسرحيين الشبان من 31 جانفي الى يوم 7 فيفري الحالي. ببسمتها التي نعرفها في الواقع، أنهت «سُعاد بن سليمان» مسرحيتها «فرصة لا تُعاد» بأن أعلنت أن فستانها الأحمر، الذي ترتديه طوال المسرحية، ثمنه لا يتجاوز «دينارا» واحدا.. على أساس أنها اشترته من «الفريب» أي الملابس المستعملة.. بكثير من التشخيص النفسي، مسكت «سعاد» مشرط الكتابة (هي كاتبة النص) وبدأت تغوص في شخصيات وفي واقع، بدا منذ الوهلة الأولى أنه ليس غريبا، على الكثير من التونسيين نساء ورجالا.. الموضوع ينطلق من «إمرأة»، الأغلب أنها ليست متزوجة، يحيط بها القلق والأرق، من وضعية إمرأة (إطار) ومسؤولة سرق منها الزمن وضغوطات المسؤولية والعمل، «المرأة» في ذاتها.. وهو ما فطّنها إليه الطبيب النفساني، الذي تدخل معه في جدل، ليوصلنا نصّ «الجدال» الطبّي النفسي لولوج عالم المرأة بصفة عامة.. من متزوجة وغير متزوجة، وكل لها قصّة بذاتها، لكن نقطة التقاطع بين مجموعة من النساء، هي الشريحة العمرية التي ينتمين إليها.. بين العقدين الرابع والخامس تقريبا.. «الحمّى الشرائية» تتملّك البطلة وصديقاتها، وحتى الرجال أيضا، ويكون «الفريب» هو المشهد الذي تبدع سعاد في توصيف علاقة الحرفاء وتحديدا الحريفات بأكداس الملابس المستعملة.. فصول من الضحك، وفصول أخرى من الغوص في الذات.. ذات المرأة، التي سارت على خطى مطالب «الحدّاد»، و«أحمد أمين» فإذا بها تجد نفسها ضمن مجتمع ما يزال يبحث عن توازنه «البسيكولوجي»، رجالا ونساء. النص، ارتقى أكثر، حين تشاهد الممثّلة (سعاد بن سليمان) تتواتر على لسانها القصص، مع مزج السينما بالمسرح، وكلاهما امتزج بالموسيقى، كفنون عرف المخرج وكاتبة النص كيف يمزجها مع بعضها البعض، لتخرج على الركح صورة وصوتا وأداء وكلاما، ونبشا في الذاكرة والذكرى.. ولتكون مسرحية (مونولوق) «فرصة لا تعاد».. وهي بداية جملة يطلقها حسب قول الممثلة والنص باعة الملابس المستعملة، لجلب الحريفات وهي: فرصة لا تعاد.. يا مدام سعاد».. لم يكن الخيال والمسرح فقط مضمّنين في نص سعاد بن سليمان، بل كذلك تقنية الصحافة، التي تشغلها الزميلة في احدى الجرائد التونسية (لابراس La presse)... ففي لحظات، وحين تعتمد توصيف سوق «الفريب» في أرجاء وأحياء عدّة من العاصمة، تحسّ كأنها تأخذك الى «ريبورتاج» Reportage صفحي، فيه من الوصف والشهادات «Les temoignages»، الكثير... مقارنات... مذكّرات... تداعيات... هي المفاهيم التي مثّلت رأس حربة المشرط الذي مسكت به سعاد الكاتبة، لتلج به كممثّلة خصوصيات عائلات وأزواج وبنات... من جهة أخرى، جمعت «سعاد» وفي فضاء «التياترو» جمعا من الاصدقاء الفرقاء والاقرباء، من بعضهم البعض وبين بعضهم البعض، لذلك كان إكليل الزهور الذي تقبّلته آخر العرض، باسم كل الحاضرين... أو لنقل على الأرجح.