أخبار تونس كان متتبعوا مهرجان الضحك ليلة أمس الاثنين 25 جانفي بفضاء المسرح الرابع على موعد مع عرض مسرحي بعنوان ” فرصة لا تعاد ” من نوع ” الوان مان شو”، وهي مسرحية للممثلة سعاد بن سليمان قام بإخراجها سفيان ويسي. تصور المسرحية تمكن ” الحمى الشرائية ” من إحدى النساء ” سعاد “، وإقبالها بنهم على التسوق من خلال شرائها الدائم للملابس والأحذية المستعملة ومن خلال هذه الظاهرة النفسية والاجتماعية تتناول البطلة مجموعة من المسائل ذات الصلة. ففي مقاربة جدية أحيانا وساخرة وضاحكة أحيانا أخرى، تطالعك هذه الفنانة منذ إطلالتها على الركح بابتسامة ساحرة فاتنة وفاترة في آن،هي تنهيدة عميقة وصل صدى صوتها للمتلقي دون تردد لتكشف هوية البطلة ” المتشائلة ” سعاد. امرأة متشذية الفكر والوجدان مسكونة بالقلق تسافر في منولوج يرسم تداعيات لا تنتهي: يجسد جدلية نفسية بين تحقيق الذات وتحقيق الأحلام المادية ومكتسبات الرفاه في رحلة بين الحلم الحقيقة أطرافها عذوبة الحلم ومرارة الواقع. فهي تحلم بأن تكون نجمة مثل أكبر النجمات الغربيات وهي تحلم بأن تكون امرأة على شاكلة أخرى تؤثث صفحات حياة يومها سعادة لا مثيل لها، لكن عدة عوامل تحول دون تحقيق ذلك منها العائلة والمجتمع ومؤسسة العمل والذين يشتركون في محاصرة سعادتها. وهي تحلم أيضا أن تقوم الأسرة بدورها التربوي والتوعوي الحقيقي والذي يساهم في التنشئة السليمة للفرد، وهي بالإضافة إلى ذلك تحلم بأن ترى مؤسسة يشترك في تأسيسها كل العاملين بها. وتكشف المسرحية ملامح مرض عصري وهو ” الحمى الشرائية ” والذي يترجم حدة القلق الذي يسكن الفرد ويعكس محدودية المدخول الشهري وعجزه على تغطية المصاريف مما يجعل الفرد يلجأ إلى فضاءات الملابس المستعملة ( ما يسمى باللهجة الشعبية التونسية ” الفريب”). وهي حمى معدية وجدت فيها عدة صديقات للبطلة ضالتهن واعتبرنها علاجا نفسيا ناجعا “Fripo – thérapie ” والتي تحولت بدورها إلى ضرب من الإدمان. سلسلة من المواقف الهزلية انبنت على النقد اللاذع للواقع ومختلف الظواهر الاجتماعية في علاقة المرأة بالمحيط الذي تسكن وقد أهدت سعاد بن سليمان العمل إلى فئة معينة من النساء، لا سيما اللواتي لا يعتقدن في وجود السعادة واللواتي لا يحببن ذواتهن واللواتي هن في صدام مع رؤسائهن في العمل واللواتي لم يدركن الفرق بين المرأة والرجل...في محاولة لجبر الألم ورفع الستار عن معاناتهن. هذا وقد تم توظيف المؤثرات الصوتية والضوئية ولقطات فيديو وشهادات من بعض الأفلام السينمائية المصرية وأفلام غربية وموسيقى إيقاعية أحيانا وهادئة أحيانا أخرى في هذا العمل المسرحي ليضفي عليه سحرا خاصا ويشد جمهورا غفيرا من عشاق المسرح والممثلين والإعلاميين حضروا لمتابعة العرض التونسي في إطار الدورة الرابعة من مهرجان الضحك. وجدير بالذكر أن سعاد بن سليمان ممثلة وكاتبة تعمل صحفية مشرفة بالقسم الثقافي بجريدة ” لابراس” وتعود إطلالة هذه البطلة المسرحية إلى 11 سنة حيث شاركت في أول فرقة مسرحية بإشراف عبد الرحيم اليانقي وفي نفس الفترة التحقت بفرقة ” Apulée” للهواة التي أسسها المخرج الهولندي Anton Metrope، هذا فضلا عن مساهماتها المتعددة في المسرح العضوي في مسرحية الدالية إخراج عز الدين قنون. وفي سيرة البطلة مجموعة من المشاركات السينمائية والتربصات بالمؤسسة الأوروبية.