الاتحاد الأوروبي: مستعدّون لدعم جهود الإصلاح في تونس.. #خبر_عاجل    وزير الاقتصاد والتخطيط ل"وات": لقاءاتنا مع شركاء تونس الماليين كانت واعدة    وفاة شخصين وإصابة 5 آخرين في حادث انقلاب سيارة أجرة لواج بالطريق السيارة تونس-سوسة    عاجل/ الاتحاد الأوروبي يكشف عن تمويلات جديدة لفائدة تونس    عاجل/ نتنياهو: "سنسيطر على كامل قطاع غزة"    منوبة: انقطاع واضطراب في توزيع مياه الشرب بهذه المناطق    صفاقس مصحة إبن خلدون تُنظم يوما مفتوحا لتقصي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.    كرة السلة: النادي الإفريقي يتقدّم في سلسلة النهائي بعد فوزه على الاتحاد المنستيري    تكليف وزارة التجهيز بالتفاوض مع شركة تونسية-سعودية حول إنجاز مشروع تبرورة    نيزك في سماء تونس: أستاذ بمدينة العلوم يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    صالون الصناعات التقليدية يعود في دورته ال41: ابتكار يُحافظ على الهوية ويُنعش الاقتصاد    دول أوروبية تستدعي سفراء إسرائيل بعد استهداف وفد دبلوماسي في جنين    جريمة صادمة في مصر: عامل ينهي حياة والدته بآلة حادة    لقاء سفير تونس لدى طرابلس برئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يبحث "تطورات الأوضاع في ليبيا"    كأس تونس لكرة القدم: تعديل في توقيت مقابلتي الدور نصف النهائي    انخفاض ب28,9% في عائدات صادرات زيت الزيتون التونسي رغم ارتفاع الكميات المصدّرة    الكركم: كنز غذائي وفوائد صحية مذهلة.. وهذه أفضل طرق تناوله    شجرة الجاكرندا في تونس: ظل بنفسجي يُقاوم الغياب ويستحق الحماية    الإمارات تطلق نموذجا للذكاء الاصطناعي باللغة العربية    35 سنة سجنًا لامرأة خطّطت لهجمات إرهابية في تونس ودعت إلى ذبح الأمنيين    الترجي يطالب بتحكيم أجنبي لمباراته في نصف نهائي كأس تونس    وزارة الحجّ والعمرة تُحذّر من جفاف الجسم    عاجل/ مكّنا أجانب وارهابيين من وثائق الجنسية: هذا ما تقرّر ضد موظفين سابقين بقنصلية تونس بسوريا    عاجل/ العثور على جثة فتاة مُلقاة بهذه الطريق    غدًا النظر في مطلب الإفراج عن المحامي أحمد صواب…    هام/ بداية من هذا التاريخ: انطلاق بيع الأضاحي بالميزان في هذه النقطة..    للتمتّع بأسعار معقولة في شراء أضحية العيد: توجّهوا إلى نقاط البيع المنظمة    أستاذ في قانون الشغل : قانون منع المناولة سيخلق صعوبات تطبيقية عند تنفيذه    النوم لأكثر من 9 ساعات قد يكون مؤشرًا لأمراض خطيرة.. تعرف على عدد الساعات المثالية للنوم    أربعينية الفنان انور الشعافي في 10 جوان    الكاف: افتتاح نقطة لبيع اللحوم الحمراء من المنتج إلى المستهلك بمدينة الكاف    وزارة الداخلية تفتح مناظرة لإنتداب عرفاء بالحرس الوطني    كاس افريقيا للاندية الفائزة بالكأس لكرة اليد (رجال وسيدات): برنامج الدور نصف النهائي    ب"طريقة خاصة".. مؤسس موقع "ويكيليكس" يتضامن مع أطفال غزة    أحمد السقا يعلن طلاقه من مها الصغير بعد 26 عامًا من الزواج    منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر يصل القضاء    منتخب الأصاغر يواجه ودّيا نظيره الجزائري    الحماية المدنية : 64 تدخلا لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    تقرير: إسرائيل تستعد لضرب إيران بشكل منفرد    إطلاق سراح الشاب ريان خلفي الموقوف بالسجن المدني ببنزرت    عاجل/ في العاصمة: طبيب يطعن زوجته بسكين..    بايدن ينفي علمه المسبق بإصابته بسرطان البروستاتا    سلسلة فيفا للشباب 2025 تحت 16 عاما - المنتخب التونسي يلاقي غدا الخميس نظيره السويسري من اجل المركز الثالث    مانشستر سيتي يصعد للمركز الثالث بفوزه 3-1 على بورنموث في اخر مباراة لدي بروين على ملعب الاتحاد    كيف سيكون الطقس الأيام القادمة: حرارة غير عادية أم هواء بارد وأمطار؟    رسميا: الفيفا تكشف عن برنامج مباريات الترجي في مونديال الأندية 2025    تم التصويت عليه فجر اليوم: هذه فصول القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة    طقس اليوم: الحرارة في انخفاض طفيف    السعودية: غرامة مالية ضخمة ضد الحجاج المخالفين    "اعتقال" قطة "بتهمة" تهريب مخدرات إلى سجن في كوستاريكا    عن «فيلم البوسير» لمولدي الخليفي : تونس تتوّج بجائزة مفتاح العودة في غزة    السينما التونسية بين الماضي والحاضر: موضوع لقاء ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي    نابل تحتضن الدورة الثانية من الملتقى العربي للنص المعاصر تحت شعار " المجاز الأخير: الشعر تمرين على الوجود"    موعد رصد هلال ذي الحجة    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    









من فوائد الشدائد تربية جيل قوي قادر على مواجهة الانحلال والمعاصي
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده المؤمنين ليظهر ما في نفوسهم من الخير، ويرفع درجاتهم عنده، ويكفر عنهم سيئاتهم، وهذه الشدائد التي تعتري المسلم والمسلمين هي خير لهم في الحقيقة «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له وإن إصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له» رواه مسلم.
وعندما تنزل الشدائد بالمسلمين، فإن الله ينزل من المعونة على قدر البلاء، كما قال عليه الصلاة والسلام: «إن المعونة تأتي من الله على قدر المؤونة وإن الصبر يأتي من الله على قدر البلاء» رواه الرافعي. وفي رواية: «وإن الصبر يأتي من الله على قدر المصيبة» (رواه الحكيم الترمذي والبزار والبيهقي في الشعب). وتدور على المسلمين رحى الحروب، وكيد الاعداء، ويتجمع عليهم معسكر الشر، ويكون في ذلك شدة ومصائب تنزل، ولكن هذه الشدائد لا تخلو من فوائد ومن ذلك:
* انتظار الفرج، وترقب انكشاف الغمة من الله تعالى: قال تعالى: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}. وهذا الترقب والانتظار لابد أن يكون مصحوبا من المسلمين ببذل الاسباب لكشف البلية، وأخذ ما يمكن أخذه لدفع المصيبة، وتخفيف آثارها، ولكن ينبغي ألا يغيب عن بال المسلمين أن انتظار الفرج عبادة عظيمة وباب أجر عظيم من الله.
* وهذه الشدائد تدفع العباد للتعاون على البر والتقوى: فيظهر من صور الايثار ما يظهر، ويظهر أنواع من بذل المعروف لم تكن معروفة، لكن الشدة التي تجمعهم في المصيبة تقرّب بين نفوسهم، وتظهر روح الاخوة بينهم، بل تزيل كثيرا من العداوات الشخصية التي كانت في نفوسهم، وتجعلهم متحدين أمام الخطر والعدو الذي نزل شره، وهكذا يتوحد المسلمون في المصيبة ما لا يتوحدون في غيرها، ويظهر من آثار البذل والتعاون والايثار ما لم يكن ذلك يظهر من ذي قبل وقد ظهر في المسلمين من الخير من حفر الخندق وهذه القوة العجيبة التي عملوا بها يدفعهم في ذلك الايمان ونصرة دين الاسلام، والدفاع عن حريم المسلمين، ومدينة النبي صلى الله عليه وسلم، فحفروا ذلك الخندق في أيام معدودات حفروه بالرغم من البرد القارس، والمساحة الطويلة التي شقوا فيها ذلك الخندق كيلومترات بعمق يفترض أن لا تعبره الخيل وتقفز من فوقه وعرض، وهكذا كان ذلك الخندق بين الحرتين.
* والشدائد تجعل الناس يتقاسمون فيما بينهم أموالهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الأشعريين وهم قوم أتوا مسلمين من اليمن إذا أرملوا في الغزو أي فني زادهم وكان الواحد قد التصق بالرمل من القلة أو قلّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد كل المدخرات تخرج وتجمع ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم» رواه البخاري ومسلم. وهكذا المواساة في الشدائد، والايثار في أوقات المحنة.
* في الشدائد يفزع الناس الى الله، ويؤوبوا اليه، ويتوبوا اليه، ويتضرعوا اليه: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا}... (43 سورة الانعام).
ولذلك حكت لنا كتب التاريخ الاسلامي عند خروج النار بقرب المدينة في الحجاز وهي من أشراط الساعة ورأى الناس ببصرى الشام بعيدا عن المدينة أعناق إبلهم على ضوء نار الحجاز، وكانت تحرق الحجارة وتذيبها، وحصل زلزال عظيم، وفزع الناس، ودخلوا كلهم الحرم والمسجد النبوي، واستغفروا وأنابوا الى الله، ولهجت الالسن بالدعاء، وأمير المدينة أعتق جميع مماليكه، وخرج من جميع المظالم، ولم يزالوا مستغفرين حتى سكنت الزلزلة. والشاهد: كيف ان الناس فزعوا الى ذكر الله ودعائه، ودخلوا الحرم، واجتمعوا فيه يلهجون الى الله بلسان المضطر أن يذهب عنهم الضر.
* وكذلك من الآثار العظيمة بالنسبة للشدائد: أنها تربي جيلا قويا، قادرا على المواجهة بعد أن تذهب جيلا في الميوعة والانحلال والمهانة: فلما رفض بنو اسرائيل دخول الارض المقدسة، وقالوا بكل وقاحة: {قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون (24) قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين (25) قال فإنها محرّمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الارض فلا تأس على القوم الفاسقين (26) (سورة المائدة). ولذلك مكث بنو اسرائيل في صحراء التيه يخرجون من الصباح للبحث عن مخرج ومنفذ فلا يأتي عليهم غروب الشمس إلا ويجدون أنفسهم في ذات المكان الذي بدؤوا منه البحث أربعين سنة يتيهون في الارض، لا يجدون مسلكا يخرجون منه، ولا يهتدون الى طريق يخرجهم من ذلك التيه، وكان من الحكم في هذه الشدة التي نزلت بهم: أن يذهب ذلك الجيل ويموت، الذي رفض دخول الارض المقدسة، وتقاعس عن قتال الجبارين، ذلك الجيل الذي كان تربى في ظل فرعون على الذل والمهانة، والاستعباد، والطغيان، لم يكن يصلح للفتح العظيم، ولذلك فسدت فطرتهم، فشاء الله أن يبقى في هذه الصحراء ليموت فيها، ويخرج جيل جديد، وأربعين سنة كفيلة بذهاب جيل ومجيء جيل آخر، قد تربى في شدة الصحراء، وهذه الظروف الصعبة، ليكون فيما بعد أهلا لأن يدخل الارض المقدسة، عاشوا في جو الخشونة، صلب عودهم، وجاؤوا على غير النموذج الذي كان عليه آباؤهم، فكانوا أهلا للفتح بأمر الله.
* فمن فوائد الشدائد: إذ أنها تربي جيلا جديدا، جيل المحنة المؤهل للنصر، لان الجيل الذي قبله أفسده الذل، والاستعباد، ولربما يكون في بعض البلدان، والاماكن، والازمان، أفسدته الميوعة والانحلال، والمعاصي والترف، فلا يكون أهلا للنصر، فيبتلي الله المسلمين بالشدائد، قد تطول سنين لكي تذهب آثار الميوعة والانحلال، فيخرج بعد ذلك خلقا آخر، أو يكون من بعده جيل آخر يكتب الله الفتح على أيديهم.
* ومن فوائد الشدائد: التمحيص، وظهور الحقائق، وانكشاف البواطن: تمييز المسلم عن المنافق، والمنافق عن المسلم: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب} (179 سورة آل عمران).
جزى الله الشدائد كل خير
وإن كانت تغصصني بريقي
وما شكري لها إلا لأني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.