بالرغم من أن ما يسمّى ب «الهيئة التمييزية» في العراق المحتل، هي هيئة من ضمن الهيئات التي أفرزها واقع الاحتلال، وبالتالي تفتقد الى كل شرعية، فإن التعليق على ما يسمّى بقرارها الذي سحبته بخصوص، مشاركة المبعدين من العراقيين، في «الانتخابات» القادمة، يعدّ ضروريا... فقد «سمحت» هذه الهيئة، للمبعدين، وهم في الحقيقة أطراف النظام العراقي الشرعي الذي أطاحت به قوات الاحتلال الامريكي، سمحت لهم بأن يشاركوا في «الانتخابات» القادمة، ثم تراجعت عن ذات القرار... وبالتالي فقد ذكّرتنا هذه اللجنة بكلمات الحجّاج ابن يوسف: «إني أرى رؤوسا قد أينعت...». الحقيقة، ليست هذه المرّة الاولى التي تقوم فيها هيئة من الهيئات في العراق، من التي أفرزها الاحتلال وواقع الهيمنة الايرانية على البلاد... إذ يتذكّر الجميع، أنه وبعد ثلاث سنوات احتلال تقريبا، نادت هيئة أخرى ما يسمّى بوزارة الدفاع كل الرّتب العسكرية وأصحابها الذين عملوا عهد النظام الشرعي، بدعوى أن ذات الهيئة، ستسوّي للضبّاط معاشاتهم ورواتبهم، التي قطعت منذ احتلّ الامريكان العراق، وإذا بأوّل فوج من الذين بانت رؤوسهم الى العلن، حصدتهم الميليشيات، التي سيكتب عنها التاريخ انها كانت اليد الرافعة للاحتلال الامريكي البريطاني. بنفس السياق، هدّد ما يسمّى بمجلس محافظة البصرة، من أنه سيعلن المحافظة (الولاية) اقليما مستقلا وب «إيقاف صادرات النفط من البصرةفي حال تم السماح للمرشحين المبعدين، بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة» وهم يقصدون، حسب اللافتات التي رفعها المتظاهرون أمس الأول، البعثيين، وبالتالي، تظهر اللجنة التمييزية، وكأنها واقعة تحت ضغط الشارع. مرّة أخرى تظهر القوى المهيمنة والمحتلّة للعراق، في تناغم كامل، ولو أن الحالمين من الملاحظين، كانوا يتمنّون أن تعوّض تلك اللافتات التي تقصي فيها ومن خلال ما كتب عليها، قسما من أبناء العراق، أن تتضمّن رفضا للاحتلال... تكون الشعارات ضدّه كاستعمار غاصب، مكتوبة بالبنط العريض... لكن شيئا من هذا لا يمكن ان نراه في عراق محتل... عراق هزيل... بل عراق تكاتفت قوى الاستعمار والهيمنة على اعدامه... العراق، ومهما يعمل على تجميل صورته المريضة والقابعة تحت الاحتلال، فإنها لن تتجمّل، طالما بقي المشهد السياسي مغلوطا بهذا الشكل، وطالما مازال الحديث جائزا عند البعض، عن عراق «السياسة» وعراق «الأحزاب» في حين مازال المحتل يقبع في الارجاء الاربعة للبلاد ومازالت الميليشيات وأشباه الاحزاب تأتمر بقرارات من خارج حدود العراق العربي. «هيئة تمييزية»... «مجلس محافظة»... «أحزاب مذهبية»... كلّها نتاج للاحتلال ولواقع الاحتلال في العراق... ولن يكون شفاء العراق من هذا الداء المزدوج، إلا بالمقاومة والحصول على الاستقلال الوطني... فالعراق لا يزال محتلا...