يقول جبران خليل جبران: يا بني أمتي أنتم نفوس خبيثة يدب الشرفي أعماقها وأنتم من حول حدائق بابل الى مدافن للبؤساء والشرفاء فلماذا تطلبون الحياة التي لم تعد تحسبكم من أبنائها بعد أن لف الصدأ سيوفكم وكسرت رماحكم؟ كيف تحيون والموت راحة لكل الأشقياء؟ هكذا يصنفنا الغرب العفن توصف أمة العرب اليوم أنها أمة متخلفة ومتوقفة عن المساهمة في حضارة هذا العصر مكتفية بالاستهلاك غير الرشيد والفرجة والعيش خارج الزمان وعلى هامش العصر في انتظار ما يجود به عليها الغرب من غذاء ودواء ولباس وسلاح وآلات صناعية وو..... وأنها أمة مجردة من النخوة والغيرة والارادة تعشق الظلم والخضوع للأمر الواقع ناسية أنها صاحبة الحق وذلك لأنها غارقة في الخصام وأحلام السلام.. تكدس السلاح لكنها لا تشهره في وجه العدو بل هو للشقيق اللدود والدليل ما يحدث بفلسطين وما يجري بالمسجد الأقصى من تهويد و«مرمة» الجدار الذي يقطع أوصال الوطن الواحد ولم تحرك ساكنا لانغماسها في تفاهات «ستار أكاديمي» وحروب كرة القدم والخلافات والدسائس وإصدار البيانات الجوفاء فليس بالكلام يعم السلام وينقشع الظلام. وهذا ما يريده متطرفو صهيون الذين زحفوا على مسارات تقهقرنا وطبيعي كلما كنا ضعفاء نكون أكثر عرضة للضغط والابتزاز ويجعل الاذن التي تستمع إلينا صماء وهذا ما ينطبق على الأمة التي تعج بالعملاء والتي بات أنفصامها يشكل عارا وتشرذمت حتى أصبح بعضهم أفضل هراوة يضرب بها الآخر تحت الحزام فكأننا صرنا أمة قطط القط الأب يقتل جراءه بوحشية ثم يلتهمها بشراهة وهذه الأفعال تعيدنا الى زمن الحطام الذي لا نهوض بعده والعرب في سبات الاستسلام والعمالة يغطون فمن ينظر لحال العرب والمسلمين خاصة في السنوات الأخيرة لا يرى الا التدهور على كل الأصعدة والحصيلة الصفر قياسا للعلوم السابقة التي امتلكوها وقياسا للقدرات والامكانيات الهائلة التي حباهم بها الله في الثروات وعدد البشر والموقع الجغرافي رغم ذلك والحال متعثر ومن سيء الى أسوأ ولا أدنى مؤشر خير في الأفق فمواطن التقصير تزداد رسوخا من عام لآخر حيث يعم التشاؤم والاحباط في حياة الشعوب وهم يرون بعض القيادات تقودهم لمواطن إذلال جديدة بين شعوب العالم ولا أحد من هذه القيادات يقف وقفة تأمل يستذكر فيها أخطاء الماضي ومعطيات الحاضر وتحديات المستقبل فيدعو الى صيغة لمواجهة المخاطر المحدقة أولها تقسيم وتجزيء الأوطان واعادة النظر في السياسات التي أوصلتنا لهذه الحال التي لا تسر الا العدو المتربص بنا خاصة حين نرى ما يحدث لأهل غزة وأشقاء يحاصرونهم بجدار فولاذي وكيف يموت أهل العراق يوميا بأعداد لا حصر لها وحال السودان والصومال واليمن وباكستان وافغانستان الغارقة في الوحل والآتي أعظم. منتهى الدراما العربية أنه واقع بغيض من الاستيلاب عن كل ما هو قومي وعربي والأحوال العربية تتسم بالخراب والفساد والاستبداد وكأنهم يعيشون مأساة لا تنتهي منذ أكثر من عقدين على أقل تقدير ونحن بداية من سنة جديدة هل تشهد الامة عاما ومستقبلا مختلفا وأحوالا أفضل؟ هل تخرج الأمة من حالة اليأس الى فضاء من التفاؤل يعيد الحياة للجسم العربي المحنط؟ عمرو موسى كان فتح واحدا من أهم وأخطر الملفات المتعلقة بالأحوال العربية حين أعلن عن الأيادي الشريرة الخفية التي تعبث بالأمن العربي وتحطيم العراق وطمس هويته وان مشروع الشرق الأوسط سطو مسلح على دولنا وحضارتنا بحصانة دولية وحماية عربية تؤكد نظرية المؤامرة الاستعمارية على الأمة وأن الاحداث تسير وفق اجندة ومخططات مشروع اعادة تشكيل الشرق الأوسط لصالح اسرائيل والامبريالية العالمية. كما حذر حسنين هيكل العرب من أن الاحداث في المنطقة تسير منذ كامب دافيد لفائدة بني صهيون فلماذا هذا الكم المفجع من السلبية واللامبالاة في التعاطي مع التحديات والتهديدات التي تحيق بأمتنا؟ لماذا يقبل العرب على أنفسهم دور الأطرش في الزفة والتفرج على الطوفان الزاحف؟ لا وزن ولا حضور ولا دور ولا هجوم ولا دفاع عن النفس لهذه الأمة لا على المسرح الاقليمي ولا الدولي حتى أضحى العدو يسخر منا جهرا وسرا حيث صرح الزفت شمعون بيريز قائلا بالحرف الواحد: «لم تعد هناك قومية عربية بل هناك حالة تفكك واسعة في مواجهة اسرائيل وان الاحتلال الأمريكي للعراق قتل خرافات كثيرة مثل وحدة الموقف العربي بل ثبت أن العرب منقسمون حتىالنخاع» كما صرح بوش أن أمريكا حريصة على تفوق وتوسع هيمنة اسرائيل وتأمين مصالحها على حساب أمن ومصالح العرب وأكد ساركوزي علنا وبقوة أنه منحاز بالكامل لأبناء عمه الاسرائيليين ويكرر رئيس الوزراء البريطاني براون ماكان يصرح به الزفت بلير أن مصالح اسرائيل هي التي تتحكم بمواقفه تجاه العرب كذلك الأممالمتحدة ومجلس الأمن التابع لها اتضح بالكاشف أنها هيئة أريد بها خدمة مصالح الغرب على حساب العرب وليس الحق والقانون الدولي كما يروجون ولا يمثل الشرعية الا متى كان في خدمة مصالح أمريكا وإسرائيل لماذا كل هذا لأن أمة محمد صلعم في المنظور الغربي هي خطر محدق والعدو المباشر فلا بد من محاصرتها وتدمير قدراتها ومنعها من تحقيق أدنى نهضة والسيطرة على منابع الثروة أينما كانت ومناصرة كل القوى المتطرفة والهدامة التي تعيق تقدمها وتطورها. اعانة الغرب للعرب.. صك بلا رصيد أما المساعدات الهزيلة التي يقدمها الغرب لبعض الدول في المنطقة ليس غايته نهوض الدول المنتفعة بل هي مساعدات للإحتواء والضغط والمزايدة وصيانة المصالح وإلجام الأفواه والواقع أن العرب هم من يمارس النفاق تجاه أنفسهم مع الغرب الماكر لأنهم يتقبلون هباته وفتاته ويحتضنون قواعده العسكرية ويستثمرون أموالهم في بنوكه وهم يعلمون مسبقا أنه لا يضمر لهم الا العداء والكراهية تذكروا قرار سويسرا حول المآذن وأمريكا تشترط على دول الخليج الابقاء على القسط الأهم من عائدات النفط في بنوكها في شكل ايداعات وسندات خزينة ولا تسمح لها باقتناء السلاح أو المبادلات التجارية الا معها أو بعض دول الغرب بدرجة أقل إمعانا في الابتزاز والسيطرة على هذه الأنظمة وبالمحصلة فإن المال العربي لا يوجد الا على الورق ومجند لخدمة الرأسمال الامريكي والأوروبي بأشكال مختلفة كالعقارات والأسهم وهو بذلك ليس في مأمن لأنه يمكن تجميده تحت أي ذريعة كما فعلوها مع إيران الشاه والعراق أيام المرحوم فارس الحكام العرب صدام قلب الأسد وهذه الأموال تكفي لمضاعفة الدخل الفردي لمواطني الأمة أكثر من ثلاث مرات والاستثمارات التي يقوم بها الأثرياء العرب وشركاتهم في الغرب استطاعتها الارتقاء بشعوبنا الى درجة متقدمة من التطور الاجتماعي كما أن هذه الأموال الخرافية التي تنفق في شراء الأسلحة الخردة من الغرب لتخزن حتى الصدأ قادرة على القضاء نهائيا على الأمية التي تضرب 49% من العرب وانقاذ حياة الملايين من المعدمين والجوعى في بعض الاقطار كفلسطين والصومال واليمن وغيرهم ففي افريقيا الجنوب الصحراء هناك 265 مليون جائع وبالشرق الأوسط وشمال افريقيا 42 مليون جائع وهذه الأرقام غير مسبوقة في التاريخ والأعلى منذ أربعة عقود خلت. فهل من نهاية لهذا الخدر العربي المزمن؟ وهل من أمل في ايقاظ الجسد العربي المثخن بالجراح البليغة؟ اننا نحتاج لإرادة سياسية مستقلة وفاعلة وملتزمة بالمصالح العليا للأمة التي ترملت منذ عقود لإنعاش الأمل بغد عربي مشرف فهل تحقق السنة الجديدة أضعف الإيمان؟ ونتمكن من العيش بثقة وأمان واطمئنان؟