شدّد القضاة على ضرورة الاسراع بتحسين أوضاعهم المادية، باعتبار ذلك من أولويات شواغلهم، ومراجعة كافة عناصر تأجيرهم وهيكلتها حسب الرتب والخطط القضائية مع إفرادهم بمنح خصوصية تتماشى وخصوصية العمل القضائي والمعايير الدولية لاستقلال القضاء، وذلك خلال أشغال الجلسة العامة العادية لجمعية القضاة التونسيين يوم الأحد الماضي بنادي القضاة بسكرة. وفي حضور عدد لافت من القضاة من جميع الرّتب والوظائف القضائية ومن كافة محاكم الجمهورية انطلقت أشغال الجلسة العامة العادية لجمعية القضاة التونسيين، بتلاوة فاتحة الكتاب الكريم، على أرواح عدد من القضاة ممّن انتقلوا الى جوار ربّهم الأعلى. إثر ذلك تناول السيد عدنان الهاني رئيس جمعية القضاة الكلمة مرحّبا بالحاضرين وبالعدد الهام واللافت للحضور الذي جدّد التأكيد على التفاف القضاة حول جمعيتهم وتمسّكهم بها. تحسين الوضع المادي جاء في التقرير الأدبي وفي مداخلات عدد من الحاضرين أن هذا المطلب، يعتبر الأولوية المطلقة لنشاط المكتب التنفيذي للجمعية، وأمكن سحب الزيادات المقرّرة لبعض موظفي الدولة على جميع القضاة بمختلف رتبهم، لكن ولئن مثلت هذه الزيادات، خطوة هامة، فإنها، حسب التقرير الأدبي، لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن تحجب مطالبة القضاة بمراجعة كافة عناصر تأجيرهم وهيكلتها حسب الرّتب القضائية مع إفرادهم بمنح خصوصية تتماشى وخصوصية العمل القضائي مع مراعاة المعايير الدولية لاستقلال القضاء. كما تركّزت المداخلات على ضرورة سحب نظام التنفيل على القضاة، بتمتيعهم بجراياتهم كاملة عند التقاعد أو العجز أو الوفاة، باعتبارها من أوكد طلباتهم، وذلك بالنظر الى أن جسامة مسؤولياتهم ومخاطرها ووقعها على طاقاتهم البدنية، تساوي أو تفوق غيرهم، ممّن تمتّع بهذا الاجراء من موظفي الدولة. وفي نفس الجانب، تركزت فقرات التقرير الأدبي والنقاش على أن وضعية العديد من المحاكم لا زالت دون المأمول بالنظر الى غياب مقرات لبعض المحاكم من أساسه على غرار مقرّي محكمة ناحية والمحكمة العقارية أو بالنظر لكثرة النقائص التي تشكو منها بعض المحاكم وافتقارها لأدنى المرافق الأساسية. وطالب المكتب التنفيذي للجمعية بضرورة دعم وسائل العمل بالمحاكم والشروع دون تأخير في تعهد قصر العدالة بتونس، بالصيانة وإنجاز مقر لمحكمة ناحية تونس ومقرّ جديد لمحكمة التعقيب يليق بهذه المؤسسة القضائية العريقة. أنشطة متميّزة وفي استعراض لنشاط المكتب التنفيذي خلال العام الماضي، فقد تمّ تثمين عديد الأنشطة التي قامت بها الجمعية، وحيث أولت عناية خاصة بالجانب الاجتماعي في حياة القاضي، وعمل في هذا السياق على التحسيس لبعض الوضعيات الخاصة المعروضة عليه في إطار طلبات تقريب قضاة من مراكز إقامتهم، كما تمّ التوصّل الى تحقيق مطلب القضاة الرامي الى مراجعة مثال التهيئة العمرانية بما يكفل التقليص من المساحات المقتطعة منه. كما توصل المكتب التنفيذي الى إبرام العديد من الاتفاقيات مع شركات تجارية وبنوك في أداء خدماتها لفائدة القضاة بشروط تفاضلية. وجاء التقرير الأدبي ثريا، من جهة الأنشطة الدولية للجمعية على غرار مشاركتها في الدورة الثانية والخمسين للاتحاد الدولي للقضاة، حيث كانت المشاركة جدّ فعالة، واختيار السيد طارق براهم، نائب رئيس الجمعية، مقرّرا أول باللجنة المكلفة بالنظر في مطلب الجزائر بقبول عضوية نقابتها بالاتحاد العالمي للقضاة. هذا بالاضافة الى قبول المكتب التنفيذي، سواء بنادي القضاة أو بمقرّ الجمعية لوفد نادي مدريد، ووفدا من رؤساء المحاكم الادارية بفرنسا ووفدا عن الجمعية القانونية الصينية. رفض المسّ من الهيئات القضائية وبخصوص هذه النقطة فقد أفاد رئيس الجمعية السيد عدنان الهاني، أن واجب التحفظ، لا يمكن بأي حال أن يؤدي الى تنازل الجمعية عن الحق المطلق في الدفاع عن منخرطيها، والتصدي لأي مساس بالهيئات القضائية وتعطيل سير العمل داخل المحاكم، مع رفض الزجّ بالجهاز القضائي، في صراعات ذات نفس انتخابي بحت، لا دخل للقضاء فيها. وأكد الحاضرون على ضرورة أن يتصدّى جميع القضاة لكل محاولات النيل من هيبة القضاء، داخل قاعات الجلسات. ملاحظة علمت «الشروق» من كواليس الجلسة العامة، أن هناك توجّها نحو إلغاء دورة القضاة لكرة القدم، وبكل لطف، نؤكد أن هذه الدورة كانت مناسبة هامة لتوطيد العلاقات بين القضاة من مختلف محاكم الجمهورية والتقريب بينهم خاصة في ظل ازدياد عددهم سنويا، كما أن الدورة، من جهة ثانية تساهم إيجابيا في اخراج القضاة من الضغط الذهني والجسدي المسلّط عليهم، بحكم جسامة المسؤوليات الموكولة إليهم وعليه، فإنه من المحبّذ مراجعة الأمر، ولمَ لا تتكفل بتنظيم دورة كرة القدم بصفة مشتركة، بين تعاونية وجمعية القضاة، خاصة وأنها غير مكلفة ماديا، ولكن جزاءها هام من ناحية تأكيد الجانب الترفيهي في حياة القاضي.