في الوقت الذي تتواصل فيه الأشغال بالقيروان على قدم وساق لوضع اللمسات الأخيرة على النصب التذكاري تخليدا لتظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، تعكف لجنة لإعداد الاختتام على برمجة عرض الحفل الذي من المنتظر ان يحييه الفنان التونسي المهاجر خالد بن يحيى. أستاذ الموسيقى وعازف العود بن يحيى، وفي اتصال مع «الشروق» مباشرة من فرنسا حيث يقيم حاليا أكد انه قدم ملف الحفل الى لجنة التنظيم. ويحمل العرض عنوان «بحور العشق» وهو عمل سبق وان قدمه الفنان المهاجر للجمهور التونسي في رمضان العام الماضي بمشاركة الشيخ احمد جلمام والفنانة عبير النصراوي. وهو عرض للموسيقى الصوفية يتعاضد فيه الثلاثي خالد بن يحيى في العزف وعبير النصراوي وأحمد جلمام في الإنشاد الى جانب أمهر العازفين. «بحور العشق» هو غوص في الوجدان وقصة عشق أبدي للذات الإلهية تجمع بين تآليف موسيقية بإمضاء خالد بن يحيى ووصلات من الإنشاد الصوفي من التراث التونسي والمغربي والمصري وبلاد الشام تصاحبها إيقاعات وموسيقى يغلب عليها الطابع الروحاني. بين الابتهالات والصلاة على النبي و«أنا... الخالق يرزقني» (عبير نصراوي) وقصيدة البردة للإمام البوصيري يؤديها أحمد جلمام وأذكار الحضرة يخترقها صوت العود من خالد بن يحيى في عزف وإنشاد متكامل. وقد سجل هذا العرض حضورا كبيرا في ذهن ووجدان من حضره في عروض سابقة (بتونس) ولعل تزامن حفل الاختتام مع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالقيروان يوم 25 فيفري 2010 سيكون أقرب مناسبة لهذه الموسيقى الصوفية. لمسة الختام في القيروان التي تنتظر جرس الختام، تتسم الاستعدادات بوتيرة عالية وبحرص من مختلف السلط والجهات المعنية من مندوبية الثقافة وولاية القيروان والبلدية وغيرها، غير ان انغماس المسؤولين في أشغال المجسم والتهيئة والتجميل لاستقبال ضيوف بارزين جعلهم في عزلة عن حفل الاختتام الذي اكد لنا أكثر من مسؤول معني بهذا الحفل عدم تلقيه اية معطيات عن تفاصيله. ولا ندري ان كان ذلك حقيقة ام رغبة في عدم الكشف عن أكثر تفاصيل مقابل الانشغال بالإعداد صحبة جنود خفاء يصلون الليل بالنهار لتكون القيروان في اجمل حلتها يوم المولد وعند استقبالها ضيوفها البارزين يوم 25 فيفري وخصوصا جامع عقبة الذي يحتضن موكبا دينيا خاشعا ومقام ابي زمعة البلوي الذي ستجرى فيه مسابقات السلامية ودروس السيرة النبوية. ومن بين الفقرات الأخرى لاحتفالية الاختتام التي ستعيش القيروان على وقعها تدشين معلم تذكاري يخلد احتفال المدينة باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية ويكرّس دورها الريادي في إثراء الحضارة العربية الإسلامية خاصة والحضارة الإنسانية عامة. 256 عرضا و1500 زائر وبحسب الإحصائيات المتوفرة بمكتب السيد حمادي الجوادي المنسق الجهوي للتظاهرة فقد بلغ مجموع العروض المنجزة بمناسبة التظاهرة على امتداد 10 أشهر 265 نشاطا بمعدل 26 نشاطا كل شهر، منوعة بين دولي ووطني وجهوي. وتتوزع العروض بين عروض موسيقية (52) ومسرحية (42) وسينمائية (44) وأمسيات شعرية(5) وبين ندوات ومحاضرات وموائد مستديرة ولقاءات فكرية (68) ومهرجانات (19) بينها 10 مهرجانات محلية دون تدعيمها و30 معرضا بين تشكيليّ وأثري منها معرض «أنوار القيروان في باريس» الى جانب أنشطة أخرى(5) منها يوم القيروان بمعهد التراث الأندلسي بغرناطة. وقد ساهمت هذه العروض بشهادة كثيرين في إعادة إشعاع القيروان (افريقية) في الخارج. وقد تناولت عديد المواضيع العلمية والحضارية وحوار الثقافات والحضارات. كما حظيت مختلف أنشطة التظاهرة سيما العروض الدولية بمتابعة وسائل الإعلام الأجنبية ومشاركة شخصيات دولية بارزة سياسيا وعلميا. وقد فاق عدد ضيوف العاصمة الإسلامية 1500 ضيف في مختلف المجالات الأدبية والعلمية والفنية والسياسية. فكانت القيروان في عرسها ملتقى التبادل الثقافي والحضاري من خلال تظاهرات الأسبوع الثقافي(السوري والمصري والإيراني والسعودي) تحيل متابعها الى حقبة الإشعاع العلمي والثقافي ودور عاصمة الأغالبة في نشر العلم والفقه والأدب. تواصل حضاري متجدد نجاح التظاهرة كان بفضل المتابعة الرئاسية المتواصلة وحرص وزارة الثقافة والمنسق العام للتظاهرة المرحوم جعفر ماجد الذي توفي بتاريخ 14 ديسمبر 2009 ووزير المنسق الجهوي حمادي الجوادي، كما كان النجاح وليد مجهودات المتطوعين من النخب المثقفة والإعلامية بمختلف اللجان التي واصل اعضاؤها العمل رغم عديد الصعوبات وقد وجب بالتالي تكريم هؤلاء بفضل دورهم في تنفيذ العروض ومتابعة حسن سيرها واستقبال الضيوف وسيكون من الحيف تجاهلهم بعد عام من التطوّع والعطاء. العاصمة في اليمن زخم فكري وثقافي ثري أعطى للقيروان حركية لم تشهدها من قبل ما اثار في نفوس أبنائها خصوصا وفي كامل التونسيين شعورا بالارتياح لانتمائهم الى هذه المدينة العريقة سيما أمام حرص الرئيس بن علي على ايلائها منزلتها التي تستحق علميا وحضاريا وتنمويا. وقد كان لمنظمة الايسيسكو وعلى رأسها الدكتور عبد العزيز التويجري دورا مهما في إنجاح التظاهرة ماديا ومعنويا. هذا وقد اختارت المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم الايسيسكو مدينة تريم بالجمهورية اليمنية لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010. عيوننا جميعا متجهة الى حفل الاختتام بنكهة مولدية سنية في المدينة المنتزه... ومسك الختام.