الحديث عن الإعلام وعن دوره حديث طويل وذو شجون.. كيف لا والإعلام ارتقى ليكون سلطة رابعة... وصار يحتل مكانة مركزية في المجتمعات الحديثة.. وزادته أهمية التطوّرات المهمة التي سجلت في مجال تكنولوجيا الاتصال وتنقل المعلومات.. ولأن دوره بهذه الأهمية والحيوية فإن ترشيد العملية الاعلامية يصبح ضرورة ملحّة وإلا تحوّل الاعلام الى سلاح فتّاك وهدّام يمكن ان يؤدي الى نتائج عكسية.. ما جرني إلى إثارة هذه المسألة هو مكالمة هاتفية تلقيتها من صديق دكتور جليل استفزته نوعية من الاخبار نشرت في احدى الاسبوعيات... فأثار المسألة معي من باب غيرته على بلده وعلى أبناء بلده وخاصة المهاجرين منهم.. لأن المسألة تتعلق بهم تحديدا.. أما الأخبار التي أستفزّت دكتورنا الجليل فتتعلق بحوادث متفرقة لأعمال معزولة ارتكبها مواطنون تونسيون في الغربة.. ولكنها قدمت بعناوين مثيرة وهو مازاد في ابرازها ورفّع في درجة استفزازها ليتضاعف مفعولها وتتضاعف إساءتها... فتصبح تلك الأعمال الاجرامية المعزولة التي لا يخلو منها مجتمع والتي أتتها قلّة قليلة عنوانا يجمع مهاجرينا في الخارج... وتهمة تلاحقهم جميعا وإدانة قد تطالهم في مجملهم. هذه الأخبار نشرتها مؤخرا احدى الأسبوعيات عن حسن نية بالتأكيد لكن في ظل غياب جسّ كان يفترض ان يحضر ويجنب مواطنينا في الخارج اخبارا تسيء لهم ويمكن ان تنقلب عليهم وتصبح مادة إضافية للتحريض عليهم والتشهير بهم.. وهو ما سوف يزيدهم معاناة على معاناتهم في ديار الغربة نتيجة بعض التيارات العنصرية التي تحاول ان تنفس عن عقدها ضدهم وتتخذ من مثل هذه الاخبار مادة وحججا لتغذية هجماتها الحاقدة ولسان حالها يقول: وشهد شاهد من أهلها.. وبالمحصلة فإن بعض أصحاب الأنفس المريضة ممن عصف بهم الشعور العنصري وبات يغذي حملات الرفض للمهاجرين العرب بصفة عامة والتحريض ضدهم، يجدون في مثل هذه الأخبار «صيدا ثمينا» يغذّون به حقدهم.. ومطية يركبونها للتمادي في غيهم وفي حقدهم. وما أغنانا نحن، وما أغنى إعلامنا عن مثل هذه الأخبار التي تدمّر ولا تضيف شيئا.. وما أغنى مهاجرينا عن مثل هذه الإساءة المجانية وغير المقصودة بالتأكيد... والتي تدعونا الى التنبه واليقظة حتى لا نسيء الى أشقائنا ولا نعطي لبعض الحاقدين ما يغذون به حقدهم.. فسفاراتنا في الخارج وقنصلياتنا والملحقون الاجتماعيون والمراكز الثقافية والجمعيات المختلفة تبذل جهودا جبّارة لتبني صورة إيجابية لبلادنا ولتساعد مهاجرينا على الاندماج في أماكن تواجدهم وتخفيف وطأة الغربة عنهم... ولا يعقل ان نهدم كل هذا بالانسياق الأعمى وراء أخبار لا تضيف شيئا... ولكنها بالتأكيد تسيء وتضرب صورة مهاجرينا في مقتل... وتأخذهم بأفعال ارتكبها البعض منهم.. دكتورنا الجليل... شكرا على حسكم الوطني المتيقظ.. والأكيد ان ملاحظتك الرشيقة قد وصلتنا جميعا.