مدينة باجة أو فاقا كما سماها الرومان تمتدّ جذورها الى العهد اللوبي والعهد القرطاجي (260 ق.م) حيث لعبت دورا طلائعيا في الحروب البونيقية وقد بلغت درجة كبيرة من المجد في عهدي ماسنيسا ويوغرطة، حيث اكتسبت صفة المدينة يدير شؤونها مجلس الأعيان (106-48 ق.م) وكانت عاصمة سهل مجردة وأهم سوق بنوميديا للقمح وأفل نجمها منذ تخريبها على يد متلّوس (Metellus) (109 ق.م) وبقدوم البيزنطيين (534م) ازدهرات المدينة من جديد وعمّ الرخاء ووقع تشييد (القصبة) وسور المدينة التي مازالت آثارهما قائمة الى اليوم. وتمّ فتح باجة على يد التابعي معبد بن العباس ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو دفين مرج باجة (32ه -655م) ثم زهير بن قيس البلوي (69ه/693م) للقضاء على المرتدين من البربر وقد توطّد الفتح نهائيا على يد حسّان بن النعمان حيث استرجعت المدينة مكانتها كمركز إداري وعسكري واقتصادي وديني لكامل منطقة الشمال الغربي من درنة سيدي المشرق الى الكاف. حكم المدينة في العهد الأغلبي عمّال من بني حميد قد حرصوا على استبقائها في أيديهم لخصبها. وفي العهد الفاطمي تعرضت المدينة للسلب والنهب على يد صاحب الحمار. استعادت رخاءها في العهد الصنهاجي حيث وصفها البكري ب«بهيجة العين». وقع تدميرها على يد بني رياح إبّان غزوة بني هلال وحكمها أمراء بدويون من بني مرداس وربيع وبني الأخضر وبني زيري من إمارة بجاية. وفي العهد الحفصي عادت الى ازدهارها وبريقها وأنجبت العديد من الفقهاء من أسرة القلشاني والعلماء كالقلصادي والمتصوفة كخلف وابنه أبي عيد. الأتراك جعلوا من المدينة نيابة حاوية من الانكشارية وتركوا بها سلالتهم وأسسوا مسجد مراد بأي ومدرسة محمد باي وبنوا الطريق الموصلة إليها من تونس. في العهد الحسيني انتشرت الأوبئة والأمراض بالمدينة وعمّ أهاليها الفقر والخصاصة من جرّاء الجباية المجحفة وسياسة النهب والابتزاز ودخلها الاستعمار في 24 أفريل 1881 حيث استقرّ بها العديد من المعمرين الذين استحوذوا على أغلب الأراضي الخصبة وشيدوا بالمدينة حيا عصريا ومقرّا للبلدية سنة 1933 وصارت المدينة معقلا من أهم المعاقل الاستعمارية وقد قاوم أهالي المدينة الاستعمار وقدموا الغالي والنفيس في سبيل عزّة الوطن وحرمته الى أن تحصّلت البلاد على استقلالها. وبعد أن كان المعلم حامية للجندرمة الفرنسية في عهد الحماية أصبح سكنا للحرس الوطني في بداية الاستقلال ثم مقرا للحضيرة المدنية والجيش الوطني ثم مقرا لفرقة التدخل والأمن العمومي أما الآن وفي فضائه الخارجي توجد الجمعية التنموية. وفي الختام نذكّر وأنه في الجلسة الممتازة للمجلس الجهوي لولاية باجة بتاريخ 07/10/2009 أذن سيادة رئيس الجمهورية بصيانة المعلم وتهيئته برصيد مبلغ 600 أ.د والأشغال جارية. ومن مكونات هذا المشروع الرئاسي فرش الواجهة الأمامية للمعلم بالحجارة المنقوشة والأشغال جارية وتزويد المعلم بالكاشفات الضوئية حتى يصبح منارة ليلية يشاهدها القادم الى باجة من بعيد كما يتضمن المشروع صيانة المعلم الأثري والحصن وربطه بالمسلك السياحي الذي سينطلق من زاوية التوتة وبطحاء البرادعية الى غاية القصبة..